ضحايا الكوليرا في اليمن يرتفعون إلى 209

ضحايا الكوليرا في اليمن يرتفعون إلى 209
TT

ضحايا الكوليرا في اليمن يرتفعون إلى 209

ضحايا الكوليرا في اليمن يرتفعون إلى 209

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أمس (الأربعاء) أن وباء الكوليرا الذي يجتاح اليمن تسبب في مقتل 209 أشخاص في الأسابيع الأخيرة في البلد الفقير، في حين يشتبه في إصابة أكثر من 17 ألف شخص آخرين بالمرض.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعلنت الاثنين أن انتشار الكوليرا تسبب في وفاة 184 شخصا منذ 27 أبريل (نيسان)، فيما تم تشخيص 11 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالمرض المعدي في أنحاء البلاد.
واعتبرت «اليونيسيف» في تغريدة على حسابها في «تويتر» أن ارتفاع أعداد الضحايا «مخيف»، مشيرة إلى أن الأعداد التي أوردتها تشمل جميع مناطق اليمن.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم مكتب المنظمة في اليمن، محمد الأسعدي، قوله إن الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا تزداد بنحو ثلاثة آلاف حالة يوميا، مشيرا إلى أن «يونيسيف» تعمل إلى جانب منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر ضمن غرفة عمليات مشتركة في صنعاء.
وفي تعز، كشف مكتب الصحة العامة والسكان التابع للمحافظة، عن وفاة 20 مصابا بالكوليرا وسط تفشي الوباء وسط المدينة وأريافها، خصوصا بمديرية شرعب الرونة وماوية، طبقا لما نشر في موقع وكالة الأنباء اليمنية «سبأ».
وقالت نائبة مدير مكتب الصحة، الدكتورة إيلان عبد الحق، إن «المختبر المركزي استقبل 62 حالة إصابة وتم التأكد من خلال الفحص الزراعي في 12 منها، العدد مرشح للارتفاع مع توارد الحالات، وفي حال تم التأكد من 30 حالة إصابة فسيكون من المرجح إعلان تعز مدينة موبوءة».
ودعت الحكومة والمنظمات الدولية إلى سرعة توفير الأدوية وأدوات التعقيم في ظل شح المواد والمستلزمات الطبية والعلاجية لمواجهة تفشي الوباء.
ونفذ ائتلاف الإغاثة الإنسانية والجمعية الطبية الخيرية اليمنية، مشروع التدخل العاجل للوقاية من مرض الكوليرا في تعز، بإشراف مكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة، حيث شملت المساعدات المستلزمات الطبية الخاصة بمعاملة مرضى الكوليرا ووسائل تقييم ووقاية.
ودعا المسؤول الإعلامي في ائتلاف الإغاثة الإنسانية، أحمد الصهيبي، المنظمات الإنسانية المانحة، إلى سرعة إمداد مستشفيات محافظة تعز وبقية المحافظات اليمنية بالأدوية ومستلزمات الوقاية والعلاج من هذا الوباء، ورفد هذه المستشفيات بأجهزة الفحص الخاصة بتشخيص الحالات المصابة فعلا بالكوليرا.
وكان الانقلابيون أعلنوا صنعاء مدينة منكوبة وفي حالة طوارئ صحية، بعد انتشار مخيف لوباء الكوليرا، غير أن وزارة الصحة في الحكومة الشرعية اعتبرت هذا الإعلان المزعوم صادراً عن جهة غير ذات صفة، بل وغير شرعية، مؤكدة قيام الحكومة الشرعية بواجباتها في مواجهة هذه الجائحة في كل المحافظات دون استثناء، ووجهت فرق الاستجابة السريعة للطوارئ وفرق الترصد الوبائي بسرعة التحرك.
واتهم بيان للوزارة، القوى الانقلابية وحربها على الشعب اليمني، بالتسبب في خلق بيئة غير صحية بل وجاذبة لكثير من الأوبئة الفتاكة، وأنها سبب لتفشيها في مختلف أنحاء البلاد، مثل تراكم أكوام النفايات في شوارع وأحياء العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات وعدم كفاءة شبكة الصرف الصحي وطفح المجاري واختلاطها بمياه الشرب ونشوء كثير من المستنقعات، وغير ذلك، مما أدى ويؤدي إلى انهيار منظومة الإصحاح البيئي، دون أن تلقى أي اهتمام حقيقي من سلطة الأمر الواقع الانقلابية.
ودعت وزارة الصحة في بيانها، كل المهتمين بالشأن الصحي بصورة خاصة وبالشأن الإنساني بصورة عامة إلى عدم التعامل مع القوى الانقلابية، وما نتج عنها من جهات غير شرعية، كونها المتسببة بهذه المعاناة الكارثية لأبناء شعبنا، وممارسة الضغط عليها لإجبارها على إنهاء الانقلاب والعودة إلى جادة الصواب لإنقاذ الشعب والبلاد من المخاطر المحققة والمحدقة بهما.
وأوردت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) تقريراً نقلت فيه عن مصادر محلية وأخرى طبية في العاصمة صنعاء، تأكيدها أن المدينة تعيش كارثة حقيقة تتمثل في ثلاثي الموت (وباء الكوليرا، والجوع، وانتهاكات الميليشيات الانقلابية)، في ظل تعمُّدِها المعلن عدم تقديم العون والمساعدة لإنقاذهم من تلك الكوارث، وعدم السماح لعدد من المنظمات المحلية والدولية المعنية بالعمل على انتشال سكان المدينة منها».
وذكرت المصادر الطبية أن الإبقاء على النفايات في شوارع المدينة في ظل دخول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة وهطول الأمطار ساعد في انتشار الأمراض الناتجة عن تلك المخلفات، ووضع العراقيل أمام المساعدات الإنسانية والطبية، وعمل المنظمات الدولية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وسبق تكدس النفايات كارثة اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب في أحياء جنوب العاصمة صنعاء في فبراير (شباط) الماضي، مما أدى إلى إصابة عدد من سكان أحياء البليلي وبيت معياد والصافية بالأمراض، ومنها الإسهال الحاد، إلى جانب نقل مياه ملوثة عبر ما يسمى بـ«الوايتات» لمعظم سكان المدينة الغير صالحة للاستخدام الآدمي، التي تساعد في انتشار «الكوليرا» لأنها تنقل من مصادر مياه قريبة من مياه الصرف الصحي أو تختلط معها، وفقاً لما ذكره سكان في صنعاء، أكدوا (وفقاً للتقرير) تحول لون تلك المياه في خزاناتهم إلى اللون الأصفر مع وجود ديدان «سوداء» صغيرة فيها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.