دي ميستورا يطرح «آلية تشاورية» حول الدستور والمعارضة تتحفظ على «المسارات الإضافية للتفاوض»

محاولاً إحداث خرق في «الانسداد التفاوضي» في «جنيف 6»

دي ميستورا خلال اجتماعه مع وفد المعارضة في جنيف أمس (رويترز)
دي ميستورا خلال اجتماعه مع وفد المعارضة في جنيف أمس (رويترز)
TT

دي ميستورا يطرح «آلية تشاورية» حول الدستور والمعارضة تتحفظ على «المسارات الإضافية للتفاوض»

دي ميستورا خلال اجتماعه مع وفد المعارضة في جنيف أمس (رويترز)
دي ميستورا خلال اجتماعه مع وفد المعارضة في جنيف أمس (رويترز)

حاول الموفد الدولي للأزمة في سوريا ستيفان دي ميستورا إحداث خرق في جدار «الجمود التفاوضي» الذي طغى على جولات مؤتمر «جنيف6»، يوم أمس، باقتراحه «آلية تشاورية» حول الدستور. وهو خيار وضعت عليه المعارضة السورية «ملاحظات» عدة، فبدت ميالة إلى عدم التجاوب معه، من منطلق إصرارها على أولوية البحث في «الانتقال السياسي».
مصدر بارز في المعارضة السورية، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن دي ميستورا «طرح في الجولة السادسة من المفاوضات التي انطلقت أمس آلية تشاورية حول عملية تشكيل الدستور السوري الجديد، بحيث تكون أساسا يبنى عليه في عملية التفاوض»، مشيرا إلى أن الموفد الدولي «يحاول التحرك خارج مسار الانسداد التفاوضي بإنشاء آلية تريح عمليا الجانب الروسي الذي يعطي الأولوية لبحث موضوع الدستور، على حساب عملية الانتقال السياسي التي تصر عليها المعارضة».
وأوضح المصدر أن «المعارضة عقدت ليل أمس اجتماعا لبحث اقتراح دي ميستورا، وسجلت كثيرا من الملاحظات من دون أن تتخذ موقفا بعد». وتابع قائلا: «أبرز الملاحظات أن الاقتراح ينشئ مسارا خامسا (سلة خامسة)، يضاف إلى المسارات الأربعة (السلال الأربع) المطروحة في جنيف، ما قد يزيد الأمور تعقيداً». وأكد أن المعارضة تشدد على «دعم أي خيار يقود باتجاه عملية انتقال سياسي، وإنشاء مسارات جديدة قد يكون عملية صعبة».
هذا، وشهد اليوم الأول من المفاوضات السورية في جنيف اجتماعات مكثفة امتدت حتى ساعة متأخرة من الليل، بدأت باجتماع صباحي بين دي ميستورا مع وفد النظام السوري برئاسة بشار الجعفري مندوبه في الأمم المتحدة، أعقبه اجتماع مع المعارضة برئاسة الدكتور نصر الحريري ومعه محمد صبرة ظهرا، ليبدأ من جديد اجتماعين منفصلين مع وفد النظام يعقبه اجتماع مع المعارضة.
ووصف دي ميستورا في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس ما قام به بأنه «المفاوضات الأكثر عمقا وتفاعلية»، وقد طلب دي ميستورا من الوفود المشاركة في المفاوضات عدم عقد مؤتمرات صحافية والحد من الاتصال بوسائل الإعلام.
من جانبه، وعد وفد المعارضة السورية بمواصلة التفاوض. وقال المتحدث باسم وفد الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط: «لن نغادر جنيف ما دمنا نرى أفق حل لشعبنا». وأضاف أن الوفد بحث في أول اجتماع بعد ظهر الثلاثاء مع الموفد الخاص دي ميستورا موضوعين مهمين هما دستور سوريا وآلاف المعتقلين في السجون السورية. وأوضح المسلط: «ركزنا على الإفراج عن الأسرى و(ركز) دي ميستورا على الدستور»، نافيا تقديم «أي وثيقة أثناء اللقاء». إلا أن المسلط أشار إلى استعداد الهيئة لمباحثات مباشرة، وقال: «إذا أبدى الطرف الآخر حرصا على حياة السوريين، فإننا سنجلس إلى طاولة واحدة ونبحث جميع المواضيع، نريد حلا ينهي هذه الكارثة في سوريا».
من ناحية أخرى، وصل إلى جنيف نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، حيث التقى وفد النظام السوري، ويجتمع اليوم بالمعارضة السورية.
وفي هذه الأثناء، أكدت الهيئة العليا للمفاوضات أهمية محادثات جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، التي وصفها رئيس وفد المعارضة نصر الحريري بالسبيل للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة السورية، وتحقيق تقدم يسفر عن نتائج فعلية تنهي معاناة الشعب السوري.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».