بكين تعِد شركاء «الطريق» بـ«منازل سعيدة»

التطوير العقاري يعد إحدى قاطرات النمو الصيني

عقارات في مدينة شانغهاي الصينية (أ.ف.ب)
عقارات في مدينة شانغهاي الصينية (أ.ف.ب)
TT

بكين تعِد شركاء «الطريق» بـ«منازل سعيدة»

عقارات في مدينة شانغهاي الصينية (أ.ف.ب)
عقارات في مدينة شانغهاي الصينية (أ.ف.ب)

وعدت الصين شركاءها في مبادرة الحزام والطريق للتعاون الدولي، والتي عقدت قمتها مطلع الأسبوع في العاصمة بكين، بالمساعدة في تنمية المشروعات، خاصة ما يتعلق منها بالبنية التحتية والتطوير العقاري، وهي قطاعات تتميز فيها الصين خلال الأعوام الأخيرة، لدرجة أنها صارت عوامل قوة اقتصادية لا يستهان بها، وتعد أعمدة شديدة الصلابة تحافظ للنمو الاقتصادي على قوامه العام، رغم بعض نقاط التراجع في قطاعات أخرى. وخلال مراسم افتتاح المنتدى الذي حظي بمشاركة دولية واسعة، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، إن الصين ستقدم مساعدات قيمتها 60 مليار يوان (نحو 8.7 مليار دولار أميركي) إلى الدول النامية والمنظمات الدولية المشاركة في مبادرة الحزام والطريق، لتنفيذ مزيد من المشروعات المتعلقة بمعيشة الشعب.
ومن بين الأفكار التي طرحها شي أن الصين ستطلق 100 مشروع باسم «منازل سعيدة»، و100 مشروع لتخفيف الفقر، بجانب 100 مشروع للرعاية الصحية وإعادة التأهيل، وذلك في البلدان الواقعة على طول الحزام والطريق، كما ستقدم إلى المنظمات الدولية ذات الصلة مليار دولار لتنفيذ مشروعات التعاون التي ستفيد الدول الواقعة على طول الحزام والطريق.
ورغم أن السلطات الصينية لم تفصح عن تفاصيل كافية حول تلك الأفكار، أو ماهية «المنازل السعيدة» ليبقى التساؤل حولها مطروحا دون إجابات كافية، فإن البيانات والمؤشرات الصينية والدولية الأخيرة تؤكد أن الصين متميزة بالفعل في مجالات البنية التحتية والتطوير العقاري بشكل كبير.
وأظهرت البيانات التي صدرت يوم الاثنين، تراجعا بسيطا في منحنى النمو الصيني العام في أبريل (نيسان) بعد بداية قوية مفاجئة للعام، وذلك مدفوعا بالأساس بتراجع إنتاج المصانع والاستثمارات ومبيعات التجزئة، وهي قطاعات بالغة الأثر على الاقتصاد؛ وذلك مع قيام السلطات بتضييق الخناق على مخاطر الدين في مسعى لتفادي الإضرار بالاقتصاد.
لكن من بين تلك البيانات ظهر جليا قوة القطاع العقاري، حيث أظهرت الأرقام أن الاستثمار في تطوير العقارات زاد في أبريل، لكن نمو المبيعات كان أبطأ كثيرا؛ بما يشير إلى أن الاستثمار في القطاع يظل قويا حتى في الوقت الذي بدأت فيه قيود حكومية مشددة تستهدف كبح السوق تدخل حيز التنفيذ.
وقالت مصلحة الدولة للإحصاء أيضا، إن الاستثمار في التطوير العقاري ارتفع بنسبة 9.3 في المائة على أساس سنوي خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أبريل، بزيادة 0.2 نقطة مئوية عن معدل النمو المسجل في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام.
أيضا، ووفقا لتقرير حديث حول تنمية سوق العقارات، صادر عن معهد البحوث الحضرية والبيئية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، فإن الاستثمارات في تطوير العقارات في الصين بلغت 10 تريليونات يوان (نحو 1.45 تريليون دولار) في عام 2016، وهو رقم قياسي جديد، وبزيادة بنسبة 6.9 في المائة على أساس سنوي.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».