واشنطن تنفي إفلات «هيئة تحرير الشام» من لوائح الإرهاب

واشنطن تنفي إفلات «هيئة تحرير الشام» من لوائح الإرهاب
TT

واشنطن تنفي إفلات «هيئة تحرير الشام» من لوائح الإرهاب

واشنطن تنفي إفلات «هيئة تحرير الشام» من لوائح الإرهاب

أربك تقرير تلفزيوني كندي المعارضة السورية، بعدما أوحى بتغيير في موقف الولايات المتحدة من «هيئة تحرير الشام» التي تعتبر «جبهة النصرة» المكون الأساسي لها، قبل أن تتدخل وزارة الخارجية الأميركية، لتعيد تأكيد أن «أساس هيئة تحرير الشام هو جبهة النصرة المدرجة على لائحة الإرهاب، وهذا التصنيف نافذ بغض النظر عن التسمية التي تعمل تحتها أو من يندمج معها».
وحاولت «جبهة النصرة» التي تُعتبر الذراع السورية لتنظيم القاعدة، تلافي إدراجها على لوائح الإرهاب العالمية، بعدما انتهجت في السنوات القليلة الماضية سياسة تغيير الأسماء التي أتاحت لها إلى حد بعيد، التلاعب بتعقيد الإجراءات القانونية في التعاطي معها، وإن كان موقف واشنطن منها ثابتا ولم يتغير لجهة التعاطي معها باعتبارها «منظمة إرهابية».
وشنّت القوات الأميركية حملة واسعة على «هيئة تحرير الشام» في الأشهر الماضية، بحيث استهدفت عددا من قيادييها في إدلب في الشمال السوري، كما أعلنت مطلع الشهر الجاري مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار للحصول على معلومات عن زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني.
وأعلن موقع «CBC NEWS» الكندي، أمس، أن «هيئة تحرير الشام» التي تضم «النصرة» وفصائل متطرفة أخرى، ليست على لوائح الإرهاب في كندا والولايات المتحدة. وسرد الموقع في إطار تقرير مطول بعنوان «فرع القاعدة في سوريا يهرب من لائحة الإرهاب في كندا»، كيف نجحت «النصرة» في الخروج علنا من تنظيم القاعدة، وتحولت إلى «جبهة فتح الشام»، ثم ما لبثت أن انحلت مع فصائل أخرى في جسم كبير باسم «هيئة تحرير الشام».
وحذر التقرير من أن إفلات «هيئة تحرير الشام» من لائحة الإرهاب سيؤدي إلى تعقيد مهمة مقاضاة الكنديين الذين يسافرون للانضمام إلى الجماعة، أو يرسلون الأموال إليها أو يروجون لها. كما أشار إلى أن كندا عادة ما تتماشى مع لائحة الإرهاب الأميركية، وتتبعها بشكل كامل، وما دامت الهيئة غير مدرجة على اللائحة الأميركية فهي تلقائيا غير مدرجة على الكندية. ونقل عن المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية نيكول تومبسون قولها إنه «رغم ارتباطها بشكل وثيق بـ(النصرة)، فإن هيئة تحرير الشام ليست منظمة إرهابية محددة».
لكن السفارة الأميركية في سوريا، ومن بعدها الخارجية الأميركية، ردتا عبر سلسلة تغريدات على موقع «تويتر»، اعتبرت أن «ما ورد في تقرير (سي بي إس) بشأن موقفنا من هيئة تحرير الشام غير صحيح ويتضمن وصفا خاطئاً». وشددت السفارة على أن «أساس هيئة تحرير الشام هو جبهة النصرة المدرجة على لائحة الإرهاب، وهذا التصنيف نافذ بغض النظر عن التسمية التي تعمل تحتها أو من يندمج معها. وبما أن هيئة تحرير الشام هي كيان اندماجي، فكل من يندمج ضمنه يصبح جزءا من شبكة تنظيم القاعدة في سوريا».
وجددت واشنطن التمسك ببيان سابق أصدره المبعوث الأميركي إلى سوريا مايكل راتني قبل نحو شهرين وحمل هجوما أميركيا لاذعا غير مسبوق على «النصرة»، إذ اعتبر أن «(القاعدة) حاولت خداع السوريين وتضليلهم وتضييع ثورتهم». ووصف «أبو محمد الجولاني وعصابته» بـ«الطفيليات على جسد الثورة السورية».
وقال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأميركيين لا يتعاملون مع هيئة فتح الشام أو هيئة تحرير الشام كمؤسسات جديدة، إنما يتعاملون معها على أساس أنها جبهة النصرة، وبالتالي هم لا يعمدون إلى تصنيف جديد لأي أسماء شكلية، وإن كان ذلك يشكل بمكان من الأماكن ثغرة قانونية».
واتفق معه أحمد أبا زيد، الباحث السوري المعارض، الذي اعتبر أن «المسألة تقنية، وبالتالي فإن عدم إدراج هيئة تحرير الشام على لوائح الإرهاب العالمية، لا يعني أنّه لا تتم معاملتها ومعاملة قيادييها على أساس أنّهم إرهابيون». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الإشارات الأميركية متتالية باعتبار (النصرة) إرهابية، وإن كان لا يزال هناك بعض التروي بعدم الإدراج القانوني لحض بقية مكونات الهيئة على الابتعاد عن (النصرة)».
وكان زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني فك ارتباطه بتنظيم «القاعدة» في 27 يوليو (تموز) 2016. وبعدها بأشهر أعلن الاندماج مع فصائل «حركة نور الدين زنكي» و«لواء الحق» و«جبهة أنصار الدين» و«جيش السنة» في إطار «هيئة تحرير الشام» بقيادة أبو جابر الشيخ.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.