تجدد اقتتال الغوطة يعمّق أزمة المعارضة في دمشق

«جيش الإسلام» يتعهد اجتثاث «جبهة النصرة»... وانتهاء تهجير القابون

مدنيون ومقاتلون من حي القابون بدمشق وصلوا أمس إلى مخيم بريف إدلب ضمن اتفاق التهجير (أ.ف.ب)
مدنيون ومقاتلون من حي القابون بدمشق وصلوا أمس إلى مخيم بريف إدلب ضمن اتفاق التهجير (أ.ف.ب)
TT

تجدد اقتتال الغوطة يعمّق أزمة المعارضة في دمشق

مدنيون ومقاتلون من حي القابون بدمشق وصلوا أمس إلى مخيم بريف إدلب ضمن اتفاق التهجير (أ.ف.ب)
مدنيون ومقاتلون من حي القابون بدمشق وصلوا أمس إلى مخيم بريف إدلب ضمن اتفاق التهجير (أ.ف.ب)

تجددت المعارك، أمس، بين كبرى فصائل المعارضة السورية في الغوطة الشرقية لدمشق، خصوصاً بين «فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» من جهة، و«جيش الإسلام» من جهة أخرى، مما عمّق أزمة المعارضة عموماً وبدأ يهدد وجودها في دمشق ومحيطها، خصوصاص أن المعارك الجديدة تزامنت مع إتمام تنفيذ اتفاق تهجير آلاف المقاتلين والمدنيين من حي القابون، أمس، وقبله في حيي برزة وتشرين.
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «اشتباكات عنيفة اندلعت فجر (أمس)، بين مقاتلي فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام من جهة، وجيش الإسلام من جهة أخرى، على محاور في أطراف بيت سوى والأفتريس والأشعري بغوطة دمشق الشرقية»، مشيراً إلى أن الاشتباكات «ترافقت مع دوي انفجارات ناجم عن استهدافات متبادلة بين طرفي القتال». وقال المرصد إن «ما لا يقل عن 20 مسلحاً أصيبوا في الاقتتال المندلع بين الطرفين».
وأمام تفاقم الصراع داخل الصفّ الواحد، يبقى النظام المستفيد من هذه المعارك، وفق تقدير عضو «مجلس الثورة» في ريف دمشق إسماعيل الدرارني الذي لفت إلى أن «الاحتقان يسود مناطق واسعة في الغوطة، كما أن الهيئات الطبية والإغاثية علّقت عملها، احتجاجاً على تجدد القتال، واستخدام سيارات الإسعاف في العمليات العسكرية».
وأفادت مصادر أهلية بأن «الاقتتال العنيف خلق توتراً لدى أهالي الغوطة الشرقية، خصوصاً المناطق القريبة من محاور القتال، وسط مخاوف من تطور الاقتتال وتسببه بسقوط خسائر بشرية». وناشدت «وقف القتال وإزالة السواتر المرفوعة وفتح الطرقات».
وعلى رغم تضارب المعلومات حيال ما يجري على الأرض، فإن مصدراً في «فيلق الرحمن» اتهم «جيش الإسلام» بـ«إبرام اتفاق خفي مع قوات النظام للتخلص من الفصائل الأخرى في أحياء دمشق والغوطة الشرقية، بحجة محاربة جبهة النصرة والمتشددين». لكن مدير «شبكة رصد» في الغوطة الشرقية عمّار الحسن، المقرب من «جيش الإسلام»، نفى حصول أي اشتباكات مع «فيلق الرحمن».
وأكد حسن لـ«الشرق الأوسط» أن «المعركة هي بين جيش الإسلام وفلول تنظيم جبهة النصرة في مناطق الأشعري وأفتريس والمحمدية». وقال: «بعد القضاء على القوّة العسكرية لتنظيم القاعدة في الغوطة (النصرة)، بقيت فلول منها هاجمت فجر أمس مواقع جيش الإسلام، مما استدعى تحركاً من الأخير الذي شنّ هجوماً معاكساً للتخلص منها».
ونفى رواية دخول قناصين من «جيش الإسلام» بسيارات إسعاف إلى منطقة الأشعري. وقال إن «فيلق الرحمن اتهم هيئة شام الإنسانية بذلك، لكن الأخيرة سارعت إلى إصدار بيان نفت فيه هذا الاتهام، وعلّقت عملها في الغوطة، إلى حين صدور اعتذار علني وواضح من قبل فيلق الرحمن»، معتبراً أن «المزاعم التي يروجون لها عن اتفاق مع النظام لتسليم حي القابون، مجرد افتراءات لا أساس لها». واتهم القائد العسكري لـ«فيلق الرحمن» في القابون «أبو النصر» بـ«اعتقال عدد من الكوادر الذين طلبوا منه مؤازرة لاستعادة المواقع التي سيطر عليها النظام في القابون وتشرين».
وبعيداً عن الاقتتال الداخلي والاتهامات المتبادلة، قال المتحدث باسم القيادة العسكرية لـ«جيش الإسلام» حمزة بيرقدار إن «قوات اﻷسد والميليشيات الداعمة لها، شنت مساء (الأحد) هجوماً على جبهة بيت نايم جنوب الغوطة الشرقية»، مؤكداً أن «قوات الأسد والميليشيات الداعمة لها، حاولت التقدم من جبهة بيت نايم بمجموعتَي مشاة ومدرعتين، إلا أن مقاتلي جيش اﻹسلام تصدوا للهجوم، واستهدفوا بالمدفعية تجمعات ومواقع القوات المقتحمة، مما أسفر عن مقتل 11 عنصراً منها، وتدمير عربة شيلكا وإعطاب دبابة من طراز T72، من دون أن تحقق القوات المقتحمة أي تقدّم».
وعلى وقع المعارك بين الفصائل، وصلت أمس الدفعة الأولى من مهجري حي القابون في دمشق، إلى محافظة إدلب، ضمن الاتفاق المبرم مع النظام لتسليم الحي إلى قواته وحلفائها. وأعلن النظام إتمام تنفيذ الاتفاق أمس، لتصبح القابون خالية من المعارضة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.