خطاب لحمزة بن لادن لاستقطاب جماعات كانت موالية لأبيه

حمزة بن لادن
حمزة بن لادن
TT

خطاب لحمزة بن لادن لاستقطاب جماعات كانت موالية لأبيه

حمزة بن لادن
حمزة بن لادن

قال خبراء في مصر إن تهديد حمزة نجل زعيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن لأوروبا بشن هجمات إرهابية ضدها، ودعوته لأنصار التنظيم في العالم للقيام بعمليات «ذئاب منفردة» دون الرجوع للتنظيم الأم، خطاب تحريضي لأتباعه ولاستقطاب جماعات كانت موالية لأبيه، بعدما انحرف تنظيم «القاعدة» عن مساره الجهادي عقب مقتل أبيه وهيمنة «داعش» على مشهد تحركات التنظيمات الإرهابية.
وقلل الخبراء في الوقت نفسه مما صدر من نجل بن لادن، مؤكدين أن حديثه لن يكون له أي تأثير على أنصار التنظيم، لأن حمزة ليس هو من يقود التنظيم الآن، بل أيمن الظواهري زعيم «القاعدة».
وظهر حمزة (26 عاما) في مقطع فيديو جديد بثته مؤسسة السحاب التابعة لتنظيم «القاعدة»، اعتبر فيه العمليات التي تستهدف الغرب من أعظم القربات، وأجل العبادات، موجها كثيرا من النصائح لأعضاء التنظيم في العالم، يطالبهم فيها بالثأر للمسلمين في العالم، بحسب تعبيره.
وحمزة كان يعيش مع أبيه بأفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وأمضى معظم الوقت برفقته في باكستان، بعد أن دفع الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان الكثير من قادة «القاعدة» البارزين للرحيل إلى هناك. وطالب حمزة الذي يسعى للعمل من خلال عباءة والده في الفيديو المصور، أعضاء التنظيم في العالم أن يحسنوا اختيار الأهداف المراد ضربها والسلاح المناسب لها والوسيلة المناسبة لضربها.
وحدد نجل زعيم «القاعدة» الأهداف المراد ضربها من قبل التنظيم، مطالبا أتباعه باستهداف الإسرائيليين، ثم أميركا، ثم الدول المشاركة في حلف الناتو، ووضع روسيا من ضمن الدول المطلوب استهدافها لتدخلها في شؤون المسلمين، بحسب تعبيره، كما طالبهم بضرورة التصريح بالرسالة التي يريد منفذ العملية إيصالها عبر وسائل الإعلام.
وقتل أسامة بن لادن في مخبئه بباكستان بأيدي قوات خاصة أميركية عام 2011 في ضربة كبرى لتنظيم «القاعدة» الذي شن هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.
وقال عمرو عبد الرحمن الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، إن «فيديو حمزة مُحاولة لاسترجاع زعامة (القاعدة) الواهية، في ظل تنافس التنظيم المحموم مع (داعش) الإرهابي». مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن الدعوة للثأر للمسلمين في العالم مُحاولة لإبراز اتساع التنظيم ووجود عناصر داعمة له حول العالم، بهدف جذب مواليين جُدد للعمل تحت راية «القاعدة».
وسبق أن هدد نجل بن لادن أميركا بشن هجمات إرهابية عليها، ما دعا وزارة الخارجية الأميركية بإصدار قرار في يناير (كانون الثاني) الماضي، بوضع اسمه على قائمة مراقبة الإرهابيين.
وفي وقتها، وجه حمزة عددا من الرسائل سواء للتنظيمات المسلحة أو إلى الولايات المتحدة الأميركية، في رسالة صوتية نشرها أيمن الظواهري بنفسه. وظهر حمزة في عام 2005 بأول مقطع مرئي له ضمن قوة من مقاتلي طالبان استهدفت جنودا باكستانيين في وزيرستان الجنوبية، وقبل ذلك في 2003 خرجت رسالة صوتية منسوبة إليه، نشرت عبر أحد المواقع التابعة لتنظيم «القاعدة»، يحض فيها أتباع التنظيم في كابول وبغداد وغزة لـ«إعلان الجهاد ضد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا». وفي 2008 ظهر شريط فيديو لحمزة بن لادن (وكان وقتها يبلغ من العمر18 عاما)، يدعو فيه لإزالة بريطانيا وحلفائها من الوجود مهاجما كذلك الولايات المتحدة والدنمارك وفرنسا.
من جهته، قال عبد الرحمن إن «فيديو حمزة الأخير يُعد خطابا تحريضيا؛ لكنه في الوقت نفسه قلل من أن يكون لهذا الفيديو أي تأثير على أنصار (القاعدة) للاستجابة له والقيام بعلميات منفردة بعيدا عن قيادة التنظيم الأم»، مضيفا: أن تنظيم «القاعدة» فقد بريقه بعد أن غادرت التنظيمات الإرهابية التي كانت تحت لوائه للانضمام لتنظيم داعش الإرهابي. ويرى مراقبون أن «كثيرا من الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي كانت مُوالية لـ(القاعدة) والتي تلقت تدريبات من عناصر (القاعدة) انفصلت عن التنظيم وأعلنت مبايعتها لـ(داعش) خلال العام الماضي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.