أمير قطر يدعو إلى الحوار لتسوية النزاعات الإقليمية ويحذر من الصراع في اليمن

دشن {منتدى الدوحة} بحضور دولي لمناقشة التنمية وقضايا اللاجئين

الشيخ تميم بن حمد يلقي كلمته في افتتاح {منتدى الدوحة} أمس
الشيخ تميم بن حمد يلقي كلمته في افتتاح {منتدى الدوحة} أمس
TT

أمير قطر يدعو إلى الحوار لتسوية النزاعات الإقليمية ويحذر من الصراع في اليمن

الشيخ تميم بن حمد يلقي كلمته في افتتاح {منتدى الدوحة} أمس
الشيخ تميم بن حمد يلقي كلمته في افتتاح {منتدى الدوحة} أمس

شدد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر أن بلاده تؤمن إيماناً راسخاً بأن الحوار هو السبيل الأمثل لتسوية النزاعات وحل الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية، مشيراً إلى أن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى تضافر الجهود والعمل الجاد من أجل تعميق مفاهيم الحوار وإشاعة ثقافة السلام والتسامح والمساواة ونبذ العنف والتطرف.
وأشار الشيخ تميم بن حمد في كلمته خلال افتتاحه يوم أمس منتدى الدوحة في دورته الـ17 الذي ينعقد تحت شعار «التنمية والاستقرار وقضايا اللاجئين» بحضور الرئيس السوداني المشير عمر حسن أحمد البشير، والرئيس المالي إبراهيم ببكر كايتا، ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ورئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري، وعدد من رؤساء الوفود المشاركين، إلى أن بلاده تسعى من خلال المنتدى إلى ترسيخ مبدأ الحوار ودعم قيم العمل المشترك والبناء الجماعي للمستقبل.
وأشاد أمير قطر بالموضوع العام للمنتدى على اعتبار أنه موضوع مصيري لملايين البشر ومُلِح بالنسبة للمجتمع الدولي بشكل عام، وقال: «عبر التاريخ الحديث غادر الملايين بلدانهم هربا من القمع والاضطهاد، أو من الكوارث الطبيعية، أو بهدف البحث عن حياة أفضل، ووجدوا لأنفسهم أوطانا جديدة، وثمة دولٌ كبرى وحضارات نشأت من هذه الهجرات».
وأضاف: «وقد اتخذت هذه العملية طابعا مختلفا مع نشوء الدول الحديثة والحدود وجوازات السفر وقوانين الهجرة والجنسية التي تختلف بين بلد وآخر، بين دول هجرة، ودول مستوعبة للهجرة، ودولٍ مصدرة لها تعاني أصلا من تفجر سكاني قياسا باقتصادياتها، وأخرى مستوردة للعمالة وليس للهجرة. ولكن ستبقى دائما نسبة من الناس تميل إلى تغيير ظروفها عبر تغيير مكان إقامتها مؤقتا أو بشكل دائم».
واستطرد الشيخ تميم بن حمد: «ليس هذا موضوعنا اليوم، فنحن نميز مسألة اللاجئين عن هذه الإشكاليات المهمة بحد ذاتها، لأن مسألة اللاجئين ناجمة بحكم تعريفها عن فعل سياسي سواء أكان حروبا أم عمليات اقتلاع وتهجير قسري. ولا يجوز لنا حتى أن نفترض أن هذه مسألة طبيعية مسلّم بها».
وأوضح أمير قطر في كلمته أن النزاعات والأزمات المتزيدة في عالمنا اليوم أفضت إلى تشريد ملايين اللاجئين حول العالم، وهو ما يعني «ملايين قصص المعاناة الفردية والعائلية التي لا تقاس كميا؛ كما يعني العبث بمصائر البلدان والمجتمعات. الأمر الأكيد أن هذا يضاعف مسؤولية المجتمع الدولي، ويستوجب بذل المزيد من الجهود لإيجاد الحلول الجذرية العادلة والمستدامة لهذه النزاعات المولدة للاجئين وتخفيف معاناتهم في الوقت ذاته».
وقال أمير قطر: «إن أزمة اللجوء هي نتاج النزاعات الإقليمية والحروب الأهلية وعمليات التهجير على خلفيات عنصرية عرقية أو طائفية أو غيرها. فمنها ما يعود لعقود طويلة مثل تشريد اللاجئين الفلسطينيين عام 1948 في النكبة الفلسطينية التي تصادف ذكراها هذه الأيام، ولهذا يصح القول: إن قضية فلسطين بدأت بوصفها قضية شعب اقتلع من أرضه وشرد من وطنه؛ ومنها ما هو حديث نسبياً مثل حالة المهجرين العراقيين هربا من الحصار والحرب، ومنهم من هُجِّر على خلفية تطهير طائفي. وأذكر هنا بأسف شديد عمليات تهجير المسيحيين العراقيين ليس فقط بسبب المعاناة والمآسي التي تعقب التهجير، فقد كان ضحيته المسلمون أيضا، وبالملايين، بل لأنها غيرت من الطبيعة التعددية لمجتمعات عربية عريقة، ومست بغناها الحضاري».
وأضاف: «وما زالت الحرب التي تُشَن على الشعب السوري تُعمِل فيه تدميرا وتشريدا. وفقاً للإحصائيات الدولية بلغ عدد اللاجئين السوريين خمسة ملايين لاجئ منذ بداية الأزمة. هذا عدا ما يقارب ضعف هذا العدد من المهجرين داخل سوريا نفسها».
وتابع أمير في قطر «لقد لجأ الناس إلى مناطق أو دول أخرى لحماية أبنائهم من قصف طائرات النظام العشوائي والعقوبات الجماعية وعمليات الانتقام التي ترتكبها قواته والميليشيات المتحالفة معها، ومن السلوكيات القمعية لبعض الحركات المتطرفة التي فرضت نفسها على ثورة الشعب السوري العادلة بمطالبها المشروعة».
وأكد أمير قطر أن مشكلة اللاجئين التي يتحدث عنها ليست مشكلة ناجمة عن الفقر وضيق سبل العيش، وإنما هي «نتاج الاضطهاد والقمع وغياب العدالة، وممارسات عنصرية تقوم بها ميليشيات طائفية خارجة عن سلطة القانون والشرعية، أو بسبب تدخلات قوى خارجية تحاول أن تفرض سيطرتها وتبسط نفوذها، وجرائم جماعات إرهابية. كل هذا أدى إلى تزايد أعداد الباحثين عن مأوى والمشردين الذين طرقوا أبواب الدول المجاورة، ثم أوروبا بالملايين، وضاقت بهم الأرض وتقطعت بهم السبل ويزداد وضع اللاجئين سوءاً بسبب عدم الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة».
وبين الشيخ حمد بن تميم أن بلاده ووفاءً لالتزاماتها الإنسانية كعضو في الأسرة الدولية وإدراكاً لحجم المأساة التي يكابدها اللاجئون، بذلت وما زالت تبذل كل ما في وسعها للمساهمة مع المجتمع الدولي في تقديم كافة أشكال الدعم للاجئين من خلال المساعدات الإنسانية والإغاثية، مؤكداً أنه في النهاية يجب أن يكون الحل سياسيا يحقق العدالة للشعب السوري الذي مر بما لم يمر به شعب آخر لأنه تجرأ على التطلع إلى الحرية والعدالة. وقال: «لقد قرر النظام السوري تشريد شعبه وتغيير بنيته الديموغرافية بدلا من تغيير نفسه».
وأضاف: «إن التنمية والاستقرار عاملان متلازمان؛ يعتمد كل منهما على الآخر، فلا تنمية من دون استقرار، ولا استقرار من دون تنمية. والتنمية بمفهومها الواسع تستهدف النهوض بالإنسان، وتحقيق الاستقرار للمجتمع، ولا يمكن للتنمية أن تحقق أهدافها إلا من خلال الحكم الرشيد، وسيادة القانون، ومكافحة الفساد والظلم، وإعلاء وترسيخ القيم الإنسانية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وعدم التهميش أو الإقصاء الديني أو الطائفي».
وبين أمير قطر أن غياب التنمية والاستقرار يؤدي إلى تدفق اللاجئين عبر الحدود، الأمر الذي ينبغي ألا ينفصل الالتزام الوطني في تحقيقهما، عن الالتزامات الدولية بشأن هذه القضية، وذلك بالعمل على تحقيق السلام العالمي، والعدالة حيث يسود الطغيان، وحيث تشن أنظمة حروبا على شعوبها، مشدداً أن المجتمع الدولي في حاجة لأنماط جديدة من التعاون، وبناء شراكات تتجاوز الهوية الوطنية إلى مصاف الهوية الإنسانية.
وقال الشيخ حمد بن تميم: «في هذا السياق فإن دولة قطر تولي اهتماماً كبيراً بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية التي تتماشى مع الأهداف الإنمائية العالمية المتفق عليها». فيما أشار أمير قطر إلى أن اللجوء يحمل مشاكل كثيرة للاجئين أولا، مشيراً إلى أن اللجوء ليس سبباً من أسباب الإرهاب، كون خلفيات الإرهاب السياسية والاجتماعية هي نفسها التي تولد نزوح الملايين «اللاجئ ضحية البيئة نفسها التي تنتج الإرهاب، وقد يكون بنفسه ضحية له، واللاجئون مغلوب على أمرهم في نهاية المطاف».
ونوه الشيخ حمد بن تميم إلى أن الإرهاب والتطرف ظاهرة عالمية لا ترتبط بمجتمع أو شعب أو دين دون آخر، حيث باتت تُشكل تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم، منوهاً إلى أن استئصال هذه الظاهرة المقيتة تتطلب تعاوناً دولياً واستراتيجية ملزمة للجميع للتّصدي للظروف والأسباب المؤدية للإرهاب والأفكار التي تبرره وتمنحه شرعية من أي نوع، وأن تراعى في مكافحة الإرهاب أحكام القانون الدولي ومعالجة جذور هذه الآفة ومسبباتها الحقيقية.
وقال أمير قطر: «إن البيئة المثالية لفعل أصحاب الآيديولوجيات المتطرفة لتجنيد الشباب هي انتشار الغضب بسبب العجز عن فعل شيء في مقابل الظلم والإذلال، وتجذر الشعور بالغبن الذي يصاحبه اليأس وانسداد الأفق، ولا أستثني أيضا وجود أصحاب النفوس العنيفة بطبيعتها».
وأضاف: «إن عوامل مثل العنف النفسي والجسدي الذي يمارسه الطغيان أو الاحتلال الأجنبي والتشوه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وانسداد آفاق التغيير، تدفع بالبعض إلى أحضان الحركات التي تطرح العنف مخرجا».
في حين أكد أمير قطر على ضرورة مواجهة الآيديولوجيات المتطرفة وأصحابها الذين يستغلون مثل هذه البيئة للدفع بقلة من الشباب في هذا الطريق: «ولكن لا يجوز أن ننسى البيئة نفسها. كما لا يجوز أن ننسى (إرهاب الدولة) الذي يمارَس تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، فيؤدي إلى نشره ومضاعفة حجمه. كما يجب التمييز بوضوح بين الإرهاب والحق المشروع للشعوب في النضال من أجل الحرية والاستقلال».
واختتم أمير قطر كلمته بأن منتدى الدوحة سيناقش القضايا الحيوية وغيرها التي تمس حياة الإنسان على مختلف الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية ومن مختلف الزوايا القانونية والسياسية، مبدياً تطلعه إلى آراء المشاركين فيه ومقترحاتهم لإثراء النقاش، مرحباً بالضيوف في الدوحة متمنياً للمنتدى التوفيق والنجاح.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.