الحساء الطبق الأول على موائد العالم

جولة على أشهر أنواعه... و«المينستروني» في الطليعة

حساء «ميزو» الياباني يساعد على عملية الهضم  -  حساء «مينستروني» الايطالي الشهير بـ«طبق الفقراء»  -  حساء «بوبابيز» الفرنسي المرتكز على مرق السمك
حساء «ميزو» الياباني يساعد على عملية الهضم - حساء «مينستروني» الايطالي الشهير بـ«طبق الفقراء» - حساء «بوبابيز» الفرنسي المرتكز على مرق السمك
TT
20

الحساء الطبق الأول على موائد العالم

حساء «ميزو» الياباني يساعد على عملية الهضم  -  حساء «مينستروني» الايطالي الشهير بـ«طبق الفقراء»  -  حساء «بوبابيز» الفرنسي المرتكز على مرق السمك
حساء «ميزو» الياباني يساعد على عملية الهضم - حساء «مينستروني» الايطالي الشهير بـ«طبق الفقراء» - حساء «بوبابيز» الفرنسي المرتكز على مرق السمك

طبق لطالما رفضنا تناوله ونحن أطفال لكونه يذكّرنا مباشرة بحالتنا الصحيّة المتردّية حينها، عندما كان يشكّل الطبق الرئيسي الذي تحضّره لنا والدتنا للتخلّص من أمراض الرشح والمعدة. فالحساء يعدّ من أشهر وأقدم الأطباق عبر الزمن إذ كان يشكّل الغذاء اليومي للفقراء والأغنياء معا، وذلك تبعا لمكوّناته التي كانت تقتصر على الخضار البرّي للفئة الأولى، فيما تحتوي على مرق الدجاج واللحم إضافة إلى قطع منها بالنسبة للفئة الثانية.
ورغم طبيعة مكوّناته الخفيفة على المعدة في غالبية الوقت، فإن قرارنا في تناوله عادة ما يكون حاسما ويدور في فلك كلمتين فقط «نعم» أو «لا»، إذ يعدّ من الأطباق التي لا تحتمل المسايرة في تذوّقها فإما نحبّها أو العكس.
البعض يرى في هذا الطبق أهمية صحيّة توازي تلك التي نجدها في أطباق السلطة عامة، وعادة ما يكثر تناوله أيام فصل الشتاء إذ يزوّدنا بالدفء لكونه يقدّم ساخنا. وهناك من يعتبره طبقا رئيسيا حتى في أيام الصيف حيث يتصدّر المائدة كعنصر أرستقراطي في حال كانوا يقيمون دعوة عشاء أو غداء لأصدقائهم.
وفي جميع الأحوال فإن الحساء يعدّ من أشهر الأطباق التي تقدّم في المطاعم وعلى اختلاف مطابخها.
وبهذه المناسبة اخترنا لكم 6 من أشهر تلك الأطباق المعروفة في الدول العربية والغربية معا، التي يعدّ الإيطالي والفرنسي منها الأهم والأكثر انتشارا.
حساء «المينستروني» الإيطالي
من قال إنه لا يمكننا الاستفادة من بقايا الطعام في ثلّاجاتنا؟
حساء «المنيستروني» الإيطالي قد يقلب هذه المعادلة لديك في حال قررت تحضيرها في المنزل. يعرف هذا الحساء بـ«طبق الفقراء» إلا أن شهرته التي طالت مختلف بقاع الأرض جعلت منه طبقا تتناوله جميع الشرائح الاجتماعية في العالم. فهو يتألّف عادة من ورق الملفوف المفروم والبطاطا والجزر والكرفس المقطّعة إلى أجزاء صغيرة، إضافة إلى حبّات البازلاء أو الفاصوليا المحضّرة مع البصل والثوم والبندورة وكمشة من الأرز أو المكرونة. يندرج هذا الطبق الذي ينكّه بالحبق ويغمر برشة من الجبن الإيطالي (بارميزان) تحت قائمة أطباق حساء الخضار المشهورة في العالم.
حساء «بويابيز» الفرنسي
تعود أصول هذا الطبق إلى المدينة الفرنسية الشرق أوسطية (مارسيليا). وهو يتألّف من مرق السمك مع البطاطا في الأصل، الذي تطوّر فيما بعد ليحتوي على أنواع أخرى من ثمار البحر كالربيان. عادة ما يتم تناوله مع الخبز العادي أو يتم توزيع بعض القطع المقرمشة منه والمغمّسة بالثوم (croutons) على سطحه.
ومع أن الفرنسيين استقدموه من مواطنيهم الذين عاشوا لفترة في اليونان، فإنه بقي يحمل الهوية الفرنسية حتى اليوم ويعدّ طبقا لذيذا ومغذّيا معا.
حساء «ميزو» الياباني
عادة ما يرافق هذا الطبق موائد اليابانيين على اختلافها وفي جميع الأوقات. وتتألّف مكوّناتها الأساسية من «ميزو» الذي يعدّ نوعا من المكرونة اليابانية المصنوعة من زيت الصويا التي يمكن أن تكون منكّهة أو عادية. إضافة إلى مرق يعرف بـ«داشي» وهو خلاصة غليان نبتة من نوع الطحالب (كونبو) يضاف إليها قطع من سمك التونة أو السردين التي يمكن إيجادها على شكل مكعبات في التعاونيات.
كما تحتوي على مكوّنات أخرى تتراوح ما بين طحالب (وأكامي) وقطع الـ«توفو» (نوع من الجبن الياباني) والفطر الأسود مع شرائح البصل وقطع من لحم البقر.
ينصح عادة بتناول حساء «ميزو» قبل الشروع في التهام أطباق السوشي اليابانية إذ تساعد على عملية الهضم كما يقول خبراء التغذية في اليابان.
حساء «غاسباشو» الإسباني
هو طبق حساء مشهور في جنوب إسبانيا يتم تناوله باردا ويرتكز على خلطة من الخضار تتصدّرها البندورة. يحضّر هذا الطبق في ماكينة الخلّاط بحيث توضع فيه قطع البندورة مع شرائح من الخيار والفلفل الأخضر والبصل، ويضاف إليها قطع من الخبز (pain de mie) مع تتبيلة من الثوم وزيت الزيتون والخل الأبيض.
يمكن تناولها في صحون مجوّفة أو في أكواب زجاجية شفافة لإظهار ألوان الخضار الجميلة والمخلوطة معا خلال عملية تحضيرها. كما يمكن إضافة مكعبات من الخضار الطازجة عند تقديمها لتضفي الحيوية عليها.
حساء «الشوربة» المغربي
يشبه هذا الطبق في مكوّناته وطعمه أطباق الحساء المعروفة في العالم العربي تحت اسم «حساء الخضار». يتألّف هذا الطبق من مجموعة من الخضار (جزر وبطاطا وكوسى وبندورة) مضافة إلى مرق لحم البقر والشعرية أو الأرز.
غالبا ما يتم تناول هذا الحساء في مواسم شهر رمضان لكونه يعدّ طبقا كامل التغذية لما يتضمن من بروتينات وألياف.
حساء «العدس بالحامض» اللبناني
يعدّ من ألذّ وأطيب أطباق الحساء في العالم العربي، لا سيما أنه يحتوي على مكوّنات مغذّية، تتألّف من العدس وقطع البطاطا والخضار المفرومة. ويضاف إلى هذا الخليط الكزبرة مع الثوم والحامض حسب الرغبة. وإضافة إلى الملح والبهار يستخدم البعض رشّة من الكمون فيضفي إلى طعمه نكهة شرقية بامتياز، الذي يقي المعدة في الوقت نفسه من الانتفاخ بسبب تناولنا الحبوب.
حساء «العدس بالحامض» تناقله الجيل الجديد من اللبنانيين بعدما ورثوه من أجدادهم. فهو طبق لبناني أصيل نابع من القرية اللبنانية ويدخل في قائمة الأكلات التراثية.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT
20

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.