مرتبات الموظفين الأكراد أمام المحكمة الاتحادية في بغداد

كتل نيابية تطعن في دستورية بنود موازنة 2017

مرتبات الموظفين الأكراد أمام المحكمة الاتحادية في بغداد
TT

مرتبات الموظفين الأكراد أمام المحكمة الاتحادية في بغداد

مرتبات الموظفين الأكراد أمام المحكمة الاتحادية في بغداد

يظهر من خلال الطعن الذي تقدمت به كتل كردية إلى المحكمة الاتحادية بشأن بعض الفقرات الواردة في قانون الموازنة المالية للعام 2017 ووضع قضية مرتبات الموظفين الكرد أمام أنظار المحكمة الاتحادية، أن الخلافات السياسية الحادة بين أربيل وبغداد التي ألقت بظلالها الكئيبة على الواقع المعيشي للمواطنين الأكراد، ربما مرشحة للتراجع في حال نجح الكرد في الحصول على نقض المحكمة الاتحادية لبعض فقرات الموازنة.
لكن طبيعة الكتل الكردية التي تقدمت بالطعن، ربما يلقي ظلالا من الشك على طبيعة العلاقة بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان من جهة، ومن جهة أخرى بين حكومة الإقليم في أربيل، وبعض القوى السياسية الأخرى المتعارضة معها، إذ يلاحظ غياب الحزب الديمقراطي الكردستاني عن الأحزاب السياسية التي تقدمت بالطعن وهي كل من «الاتحاد الوطني، والإسلامية، والاتحاد الإسلامي، والتغيير». كما يؤكد نواب عن التحالف الكردستاني ويقولون إن «المحكمة الاتحادية وافقت بقرارها المرقم 40 لسنة 2017 على الطعن المقدم من قبل الكتل الأربع على بعض مواد الموازنة (9 ثانيا، و9 ثالثا) بما يخص رواتب الموظفين».
وينص أحد بنود الموازنة المالية الاتحادية لعام 2017: «في حالة عدم إيفاء أي طرف (الحكومة الاتحادية، حكومة إقليم كردستان) بالتزاماته النفطية أو المالية المتفق عليها في هذه الموازنة يكون الطرف الآخر غير ملزم بالإيفاء أيضا بالتزاماته نفطية كانت أو مالية». ومن بين أبرز تلك البنود، تعهد إقليم كردستان بتسليم حكومة بغداد موارد 550 ألف برميل من النفط يوميا، في مقابل تسليم حكومة بغداد مستحقات الإقليم المالية البالغة 17 في المائة من مجموعة الموازنة العامة، وبدورها تقوم حكومة الإقليم بالإيفاء بالتزاماتها المالية وضمنها مرتبات موظفيها، غير أن الأمور لم تجر على نحو سلسل نتيجة الخلافات القائمة بين بغداد وأربيل، الأمر الذي أدى إلى حرمان الموظفين في الإقليم عموما من مرتباتهم الكاملة منذ عام 2014. وما زالت هذه الشريحة التي يزيد عددها على المليون ونصف المليون موظف تعاني ظروفا معيشية قاسية.
ويشير أحد بنود الموازنة أيضا، إلى قيام ديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية لإقليم كردستان باحتساب وتحديد الإيرادات الاتحادية المستحصلة في الإقليم لهذه السنة (2017) وتقوم وزارة المالية في الإقليم بتحويلها إلى وزارة المالية الاتحادية شهريا. ويؤكد النائب رئيس كتلة الاتحاد الإسلامي الكردية مثنى أمين قبول المحكمة الاتحادية بالطعن في بنود الموازنة والنظر في الدعوى وتسجيلها ووضع رقم محدد لها. ويقول مثنى أمين لـ«الشرق الأوسط» إن «قبول المحكمة بالطعن خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، نحن متفائلون، لأن المحكمة الاتحادية كان بإمكانها رد الطعن لدواع شكلية أو لاعتبارات سياسية، إذ لا يخفي رئيس المحكمة الطابع السياسي لبعض قراراتها، وكان يمكن أن يتم تأجيل النظر في الطعن».
ويشرح أمين الأساس الذي استند إليه الطعن بالقول إن «جوهر الطعن يرتكز على عدم دستورية بعض بنود الموازنة الاتحادية، ونريد من المحكمة إبطال المادة غير الدستورية التي تسمح بالتلاعب في أرزاق الناس في إقليم كردستان». وبغض النظر عن الخلافات القائمة بين حكومتي بغداد وكردستان من جهة، وبين الأخيرة وخصومها من الأحزاب السياسية في الإقليم يرى مثنى أمين، أن «الكتل المتقدمة بالطلب، هي جزء من البرلمان الاتحادي وممثلة لناخبيها في الإقليم وعليها الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم». ويرى أمين أن البند القاضي بتسليم حكومة إقليم كردستان إلى حكومة بغداد 550 ألف برميل يوميا في مقابل التزام بغداد بمستحقات الإقليم المالية «تسبب في ضرر كبير لمواطنين الإقليم، ويفترض أن لا يتضرروا من خلافات سياسية بين الإقليم والمركز».
ويذهب أمين بعيدا ويحمل حكومتي الإقليم والمركز مسؤولية ما يحصل بالنسبة لمرتبات الموظفين وغيرها من المستحقات المالية المتأخرة، ويشير إلى نوع من التواطؤ» بين حكومتي الإقليم والمركز من أجل التملص من التزاماتهم حيال موظفي الإقليم، بمعنى أنهم يقبلون بواقع تضرر المواطنين في الإقليم، وإذ لم يكونوا كذلك، فعليهم أن لا يتصرفوا على هذا النحو ويحرموا قطاعات واسعة من مصدر رزقهم الوحيد». يشار إلى أن من مهام المحكمة الاتحادية العليا، الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية، وكذلك الفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية وشرعية التشريعات كافة وإلغاء ما يتعارض منها مع الدستور.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.