حوار حزب الله والبطريركية المارونية ماضٍ لكنه يغفل {السلاح}

المطران مظلوم لـ «الشرق الأوسط»: لم نبلَّغ باعتراض الحزب على زيارة الراعي للقدس

حوار حزب الله والبطريركية المارونية ماضٍ لكنه يغفل {السلاح}
TT

حوار حزب الله والبطريركية المارونية ماضٍ لكنه يغفل {السلاح}

حوار حزب الله والبطريركية المارونية ماضٍ لكنه يغفل {السلاح}

يبدو أن حزب الله والبطريركية المارونية نجحا إلى حد بعيد حتى الساعة في استيعاب الأزمة الناتجة عن قرار البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ملاقاة البابا فرنسيس في زيارته المرتقبة إلى القدس بين 24 و26 مايو (أيار) الحالي، وهو ما أكده النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، نفى فيها أن «يكون هناك أي خلاف مع حزب الله بسبب هذه الزيارة»، لافتا إلى أنّه «لم يبلغنا بأنّه غير موافق عليها».
وأكد مظلوم أن «الحوار مستمر بين البطريركية المارونية وحزب الله منذ عام 1995، وهو يجري بعيدا عن الإعلام وبشكل دوري»، موضحا أن «هناك لجنة تبحث كل القضايا ولو لم تكن تحرز تقدما ونتائج تذكر لكانت أوقفت اجتماعاتها».
ورفض مظلوم في تصريحاته الخوض بالملفات التي يبحثها الطرفان، فإن مصادر مطلعة مواكبة لعمل اللجنة، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن موضوع سلاح حزب الله خارج إطار البحث في اجتماعات اللجنة التي تضم عضوي المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب ومصطفى الحاج علي من جهة والمطران سمير مظلوم والأمين العام للجنة الحوار الإسلامي - المسيحي حارث شهاب من جهة أخرى.
وعقدت اللجنة أول اجتماع لها بعد انتخاب الراعي بطريركا في يناير (كانون الثاني) من عام 2012، وجرى خلاله وضع النقاط الرئيسة للحوار والآلية التي ستتبع. وأوضح أبو زينب في حينها أن محور الحوار سيرتكز على قضايا وطنية منها «تعزيز العيش المشترك وتحصين الوضع الداخلي أمام ما يجري في المنطقة من عواصف والرقي بالوضع الداخلي نحو الأفضل». ولم يصدر أي شيء عن هذه اللجنة منذ ذلك الحين.
وساءت العلاقة بين بكركي (البطريركية المارونية) وحزب الله في عهد البطريرك الأسبق نصر الله صفير نظرا لمواقفه من الحزب وسلاحه والنظام السوري، وعمل حزب الله بعد انتخاب الراعي بطريركا في عام 2011 على تحسين هذه العلاقة خاصة بعد مواقفه التي بدت في فترة من الفترات أقرب إلى النظام السوري منها إلى المعارضة.
وأشارت مصادر مقربة من بكركي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحوار المفتوح مع حزب الله يبحث في تكريس النقاط المشتركة بين الطرفين وتحديد مكامن الاختلاف لمحاولة تقريب وجهات النظر بينهما. وأوضحت أن المرحلة الأولى من هذا الحوار بحثت في تبديد هواجس الطرفين «وهي مرحلة تخطيناها منذ فترة إلى مواضيع أكبر».
وشنّت وسائل إعلام مقربة من حزب الله أخيرا حملة كبيرة على زيارة البطريرك الراعي المرتقبة إلى الأماكن المقدسة تزامنا مع وصول بابا روما إليها، حتى إن بعضها وضع الزيارة في خانة «التطبيع» مع إسرائيل، و«الاعتراف» بها. ولم يصدر حتى الساعة أي موقف رسمي من حزب الله في هذا المجال، في حين أكدت مصادر معنية لـ«الشرق الأوسط» أنّه «جرى احتواء الأزمة التي نتجت عن قرار الراعي، وأن حزب الله لن يعلّق على الموضوع حتى ولو لم يكن مرحبا به».
وتعد زيارة الراعي المرتقبة الأولى من نوعها لبطريرك ماروني إلى القدس منذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، إذ إن لبنان في حالة حرب رسميا مع إسرائيل، ولا يمكن لأي لبناني زيارتها تحت طائلة الملاحقة القانونية بتهمة «التعامل مع العدو». لكنّ ثمة اتفاقا ضمنيا بين السلطات اللبنانية ومسؤولي الكنيسة المارونية يسمح بانتقال رجال الدين والرهبان اللبنانيين إلى الأراضي المقدسة، عبر معبر الناقورة الحدودي أو عبر الأردن، في إطار مهامهم الروحية والرعوية، إلا أنه لم يسبق لأي بطريرك ماروني أن توجه إليها بعد وصوله إلى هذه المرتبة.
وقالت مصادر معنية بالزيارة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإشكالية التي طرحها قرار البطريرك الأخير قد تحث أطراف مسيحية على الدفع باتجاه إيجاد آلية جديدة تسمح للمسيحيين بزيارة الأماكن المقدسة من دون أن يكون هناك أي تواصل مباشر أو غير مباشر مع الإسرائيليين». وأشار الراعي في آخر تصريح له قبل يومين إلى أن من «واجباته» أن يكون في استقبال البابا لدى زيارته مدينة القدس، مشددا على أنّه «لا يتعاطى الشأن السياسي، بل الشأن الرعوي»، قائلا: «من هو متضايق من تصرفاتي لا يأتي إلى بكركي، إذا كان يشعر بأنه محرج». وأكد أن «القدس مدينتنا نحن المسيحيين قبل كل الناس، لذا فأنا ذاهب لأقول إنها مدينتنا.. ولا أحد وصيا عليّ».
في المقابل، عد رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص، أن الزيارة المرتقبة للراعي «غير مناسبة وفي غير محلها، إذ إن الشكل في زيارة كهذه غالبا ما يطغى على المضمون». وناشد الحص البطريرك، العزوف عن تلك الزيارة، وقال في تصريح له في وقت سابق: «نحن حريصون على مقام البطريركية وعلى ألا تسجل سابقة خطيرة بتاريخ سيد بكركي سببها زيارة أراضٍ تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي مما قد يوحي بأن رأس الكنيسة في لبنان يضفي شرعية على سلطة الاحتلال».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.