الحريري يطرح اليوم «مبادرة إنقاذية» لحل أزمة قانون الانتخاب

عقاب صقر لـ «الشرق الأوسط»: فرصة اخيرة تراعي هواجس كل الفرقاء

الحريري يطرح اليوم «مبادرة إنقاذية» لحل أزمة قانون الانتخاب
TT

الحريري يطرح اليوم «مبادرة إنقاذية» لحل أزمة قانون الانتخاب

الحريري يطرح اليوم «مبادرة إنقاذية» لحل أزمة قانون الانتخاب

كشف النائب في تيار «المستقبل» عقاب صقر أن رئيس الحكومة سعد الحريري سيطرح اليوم (الثلاثاء)، وخلال اجتماع اللجنة الوزارية المولجة البحث بقانون جديد للانتخاب، «مبادرة إنقاذية» لحل الأزمة، على شكل «مشروع قانون وطني يراعي تطلعات كل الأحزاب كما مجموعات المجتمع المدني، وبالوقت عينه يحفظ هواجس كل المكونات الطائفية والمذهبية من دون أن يكون مشروعاً طائفياً».
واعتبر صقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الطرح هو «الفرصة الأخيرة، وهو طرح إنقاذي بعدما تم رفض كل المشاريع التي تم وضعها على طاولة البحث بوقت سابق»، لافتاً إلى أن الحريري «انتظر أن يقدّم كل فريق ما لديه، وهو تعاطى بإيجابية مع كل ما تم طرحه ولم يضع فيتو على أي مشروع، لكنّه أبلغ الجميع أنه سيستبق موعد جلسة 15 مايو (أيار) بمحاولة للخروج بحل للأزمة».
وفيما رفض صقر، المقرب من الحريري، الحديث عن تفاصيل المشروع وما إذا كان يعتمد النظام المختلط أو النسبي، شدد على وجوب أن «يسلك الطرح القناة الطبيعية أي اللجنة الوزارية ومن ثم القيادات المعنية، لأن ما نحن بصدده ليس مناورة إعلامية بل مخرج للأزمة». وأضاف: «ما نحن بصدده، حل وسط وحل أخير يراعي كل الملاحظات التي وضعها الفرقاء على مشاريع طُرحت سابقاً، وبالتالي إذا لم يتم السير به، فذلك سيؤكد أن لا نية بإقرار قانون جديد وعندها لا يمكن التعاطي مع كل القوى السياسية وفق منطق (كلن يعني كلن) لأن ما قدمه الرئيس الحريري من تنازلات لم يقدمه أي فريق آخر». وينتظر كل الفرقاء فحوى «المبادرة الحريرية» لاتخاذ المواقف المناسبة قبيل جلسة مجلس النواب المرتقبة منتصف الشهر الحالي. وقالت مصادر مقربة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» إن مصير هذه الجلسة يتقرر وفق الأجواء التي ستسبقها، لافتة إلى أن لا شيء محسوم حتى الساعة إن كان لجهة تأجيلها أو عدمه.
واستمرت أمس القوى السياسية بتقاذف طابة التعطيل، فيما رفع «الثنائي الشيعي» المتمثل بـ«حزب الله» و«حركة أمل» من منسوب تحذيره من خطورة المرحلة. وقال النائب في كتلة «التنمية والتحرير» هاني قبيسي: «لقد وصلنا إلى الخطر الحقيقي ومدة شهر لا تكفي للاتفاق على قانون للانتخابات، لقد أضيء الضوء الأحمر بالنسبة للنظام اللبناني، وهناك من يريد أن يأخذنا إلى الفوضى ليحقق أحلامه الطائفية والمذهبية بأنه قائد للأمة وهو لا يستطيع أن يقود مجموعة من الشباب». ولفت قبيسي إلى أنه «إذا فقد الحياة المجلس النيابي، كل مؤسسات الدولة تصبح من الناحية القانونية الدستورية غير موجودة ولا قيمة لها، وهذا سعي لأخذ لبنان إلى المجهول». وأضاف: «من يريد أن يأخذ لبنان إلى المجهول فعليه أن يتحمل المسؤولية أمام الشعب اللبناني وأمام شهداء لبنان وأمام المقاومين في لبنان، فمن حرر الأرض ليس من يسعى إلى السلطة، بل من حرر الأرض هم الشهداء الذين زرعوا أجسادهم في الأرض فكان التحرير».
من جهته، رأى عضو كتلة حزب الله النائب علي فياض أن «إيصال الأزمة إلى ذروتها وإلى ما قبل اليوم الأخير من انتهاء ولاية المجلس النيابي حتى يجلس القوم مع بعضهم بعضاً، ويستيقظ الحس الوطني والمسؤولية الوطنية، ونجد ساعتئذ الحل السياسي الذي ننتظره منذ سنوات، هي لعبة بائسة ولا داعي لها على الإطلاق»، مشدداً على «أن التصويت على القانون الانتخابي هو خيار إشكالي، لأنه يعمق الشرخ الوطني القائم، ولا يحل مشكلة، وإذا كان البعض يظن أنه قادر على أن يفرض على بعض المكونات قانوناً انتخابياً لا توافق عليه مكونات طائفية أساسية، فهذا ربما قد يهدد العملية الانتخابية برمتها في مرحلة لاحقة». ونبّه فياض إلى أن «الفراغ خيار قاتل وخيار العبثية السياسية، لأنه يولد واقعاً سياسياً متداعياً وغير قابل للسيطرة»، مضيفاً: «ليس هناك من منطق يفرض أن تمارس القوى السياسية مع بعضها بعضاً لعبة (الضرب تحت الحزام)، لأن الحل في نهاية المطاف يكمن بالتوافق والتفاهم والتسوية التي تعني أن يكون هناك نوع من التنازلات المتبادلة».
بالمقابل، تمسك «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل بعد اجتماع مجلسه السياسي بخيار التصويت على مشاريع القوانين بإطار الحكومة إذا تعذر التوافق، وهو موقف يعارضه تماماً حليفه «حزب الله» كما «حركة أمل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي». وشدد التيار في بيان على أن «التمديد مرفوض بكل المعايير الأخلاقية والسياسية والدستورية والشرعية والشعبية»، وتساءل: «هل يجوز التصويت على التمديد الذي هو اغتصاب سلطة ومخالفة فاضحة للدستور ولا يجوز التصويت على قانون انتخاب؟ فالمادة 65 من الدستور تنص على اتخاذ القرارات وهذا ما نطلبه، أما إذا تعذر ذلك فبالتصويت لأنه لا خيار باعتماده بدل الفراغ».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.