وضع خاص لحي المال اللندني بعد «بريكست»

إذا طبق القواعد التنظيمية والإشرافية والرقابية الأوروبية

وضع خاص لحي المال اللندني بعد «بريكست»
TT

وضع خاص لحي المال اللندني بعد «بريكست»

وضع خاص لحي المال اللندني بعد «بريكست»

يفترض أن يوقع القادة الأوروبيون، غدا (السبت)، على الخطوط العريضة التي تحكم مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وذكر موقع «لا تريبيون» الاقتصادي الفرنسي أن «باريس أدخلت على تلك الخطوط عبارة خاصة بالخدمات المالية والمصرفية بحجة الحفاظ على الاستقرار المالي»، ما فسره المعنيون بأنه قد يفتح الطريق أمام وضع خاص لحي المال اللندني.
والعبارة تقول: «أي اتفاق يجب أن يرعى الاستقرار المالي ويحافظ عليه، ويحترم القواعد المنظمة للخدمات المالية وطرق تطبيقها إشرافياً ورقابياً». وذهب تفسير البعض لهذه العبارة إلى أنها وسيلة ضغط على بريطانيا التي يأتي 10 في المائة من ناتجها الاقتصادي من الخدمات المالية.
وأوضحت مصادر لموقع «بوليتيكو» أن «باريس تريد أن يستمر حي المال في لندن بعد «البريكست» في تطبيق التعليمات الصادرة عن المفوضية الأوروبية»، وكذلك عنونت جريدة «ذي تايمز»، تعليقاً على ذلك بقولها: «باريس تريد للاتحاد الأوروبي أن يضبط حي المال».
مصدر متابع للقضية في بروكسل يشير إلى «إمكانية توقيع اتفاق منفصل خاص بحي المال... اتفاق يلحظ فترة انتقالية». واهتم المعنيون من ماليين ومصرفيين بتلك العبارة بشكل خاص، لأن «البريكست» يشيع القلق بين المؤسسات المالية العاملة في لندن، علماً بأن عواصم بعض الدول الأوروبية، مثل باريس وفرانكفورت ودبلن وأمستردام، تحاول لعب دور لندن مستقبلاً كمركز مالي.
ويضيف هؤلاء: «أي اتفاق منفصل، مرحلي وغير نهائي، عرضة للنقد والتجاذب من هنا أو هناك، سيشيع جواً من الـ(لا يقين) تأثراً بأجندة طويلة من المفاوضات الإضافية المعقدة بين بريطانيا من جهة و27 دولة من جهة أخرى، لكل واحدة هدف، سواء بتسهيل التبادل التجاري والمالي أو تصعيبه».
وفي مقابلة مع «بلومبيرغ»، قال اللورد آدير تورنر، الرئيس السابق لهيئة الخدمات المالية البريطانية (هيئة رقابية) إن التشابه بين القواعد المعمول بها في بريطانيا مع تلك الأوروبية: «يتيح مرحلة انتقالية هادئة نسبياً». وأضاف: «ما أتوقعه، حتى تستطيع بريطانيا مواصلة النفاذ إلى دول الاتحاد، هو أن تقبل لندن معظم أو كل القواعد الأوروبية الحذرة المعتمدة حاليا والمطبقة على البنوك وشركات المال والتأمين».
ويذكر أن لدى المفوضية في بروكسل مرونة في عدد من القطاعات تحت بند «شروط الأنظمة المتكافئة»، تستطيع من خلالها السماح لقطاعات معينة ضمن اتفاقات خاصة مع دول من خارج الاتحاد بالنفاذ إلى الأسواق الأوروبية. ويمكن، بنظر المتابعين، توسعة تلك المعادلة لتشمل الخدمات المالية. فالشروط الواجب تطبيقها تقوم على احترام تطبيق قواعد الرقابة الفاعلة لضمان الاستقرار المالي.
وهناك الآن نحو 200 قرار صادر عن بروكسل يسمح لمتعاملين ماليين من عدة مراكز مالية حول العالم بتسويق خدمات ومنتجات في دول الاتحاد، أبرزها متعلق بأسواق الصرف والمشتقات وإدارة الأصول ووكالات التصنيف.
موقع «لا تريبيون» يوضح على سبيل المثال أن «القواعد التي تسهل للبنوك الأوروبية الوصول إلى الولايات المتحدة الأميركية واستخدام بناها التحتية المالية، يمكن أن تطبق في حالة البنوك البريطانية الراغبة باستمرار أعمالها في دول الاتحاد»... لكن المسألة برمتها تتعلق أيضاً بما تريده المفوضية في بروكسل لجهة إجبار البريطانيين على دفع كامل ثمن خروجهم، أم لا.
على صعيد متصل، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأحد الماضي إنها تتوقع «مفاوضات صعبة»، ولم تنفِ إمكان قطع المفاوضات «إذا بالغ الأوروبيون في شروط لا تقبلها لندن».
في المقابل، يظهر قادة دول الاتحاد تشدداً، ويحذر بعضهم بتأكيد أن «على بريطانيا ألا تراهن من الآن على الحصول على وضع خاص للبقاء في السوق المشتركة، فالأولوية هي إنجاز (البريكست) في مارس (آذار) 2019، وبعد ذلك يجري نقاش آخر».
أما القائمون على حي المال في لندن، فلديهم اطمئنان، إذ يقول مصدر مسؤول هناك: «على الرغم من إعلان بعض المؤسسات المالية نقل عدد من موظفيها من لندن إلى عواصم أوروبية أخرى، ففي بريطانيا 2.2 مليون موظف في القطاع المالي، ولندن وحدها زاخرة بنحو 700 ألف موظف في هذا القطاع والقطاعات المرتبطة به في حي المال. وستبقى مركزا ماليا عالميا من الطراز الأول، لا يضاهيها في ذلك أي (مشروع) لقيام مركز مماثل في العواصم الأوروبية الطامحة لذلك. فهي كانت مركزا ماليا منذ ما قبل شهرتها المالية الأخيرة... وستبقى كذلك لاعتبارات كثيرة يعرفها الأوروبيون قبل غيرهم».
يذكر أن بنوكاً مثل «دويتشه بنك» و«غولدمان ساكس» و«باركليز» و«إتش إس بي سي» وغيرها، أعلنت أنها ستنقِل من لندن إلى عواصم مثل فرانكفورت وباريس وأمستردام جزءاً من موظفيها تحسباً للحظة الانفصال النهائي، حيث ستعامل بريطانيا وقتها بالمثل أوروبياً لجهة تقييد حرية انتقال الأفراد.
ومن المخاطر الأخرى التي قد يتعرض لها مركز لندن المالي ما تم الكشف عنه أمس لجهة توجه بروكسل لدراسة قيام غرفة مقاصة وسيطة بين العملاء الأوروبيين وغير الأوروبيين المتعاملين باليورو عبر لندن، وذلك مقابل عمولة خاصة لضمان تلك المعاملات في حال المخاطر النظامية... ويشمل ذلك رقماً مذهلاً من التعاملات يصل إلى 850 مليار يورو يومياً.
والحجة هي أن أي خطر في نظام الدفع والتحويل سيتحمل مواجهته البنك المركزي الأوروبي، لأن اليورو عملته وليست عملة لندن، التي ستكون بعد «البريكست» مجرد «عاصمة أجنبية».



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.