تمكنت الأجهزة الأمنية السعودية من تفكيك أول تنظيم إرهابي في السعودية مرتبط بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وإلقاء القبض على 62 متورطا معظمهم سعوديون، من بينهم 35 من مطلقي السراح في قضايا أمنية وممن ما زالوا رهن المحاكمات. وتمكن عناصر من الخلية في مناطق مختلفة من السعودية التواصل بعناصر أخرى من التنظيم الضال في اليمن مع قرنائهم من أعضاء التنظيمات الضالة في سوريا.
وأوضح بيان وزارة الداخلية السعودية، أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على تنظيم إرهابي مكون من 62 متورطا منهم ثلاثة مقيمين (فلسطيني ويمني وباكستاني) والبقية سعوديو الجنسية، وذلك بعد أن رصدت أجهزتها المختصة أنشطة مشبوهة كشفت عن التنظيم الإرهابي الذي يتواصل فيه عناصر التنظيم الضال في اليمن مع قرنائهم من أعضاء التنظيمات الضالة في سوريا وبتنسيق شامل مع العناصر الضالة داخل الوطن في عدد من مناطق المملكة.
وأفاد اللواء منصور التركي، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية: «تمت مبايعة أمير لهم وباشروا في بناء مكونات التنظيم ووسائل دعمه والتخطيط لعمليات إجرامية»، موضحا أن «من خلال التحقيقات تم رصد انتشار واسع لهذه الشبكة وارتباطات لها مع عناصر متطرفة في سوريا واليمن». وأضاف: «إن من تمت مبايعته هو من بين الأشخاص الذين قبض عليهم» دون أن تكون هناك مواجهات أمنية.
وبحسب ما كشف عنه اللواء منصور التركي لـ«الشرق الأوسط» فإن المتهم الذي جرت مبايعته هو سعودي في العقد الرابع من عمره، وهو من بين الذين سبق أن قبض عليهم ومحاكمتهم في قضايا ذات علاقة بـ«القاعدة» وجرى إطلاق سراحهم بعد استكمال محكومياتهم.
وأعلن التركي خلال مؤتمر صحافي أمس كشف التنظيم ومخططاته من خلال جهد أمني استمر على مدى أشهر لمتابعة الوضع الأمني ورصد الأنشطة المشبوهة على شبكات التواصل الاجتماعي على محمل الجد. وأضاف أن العملية جرت «في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها المنطقة، وما يشهده الواقع من استهداف مباشر للوطن في أمنه واستقراره وشبابه ومقدراته بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ميدانا فسيحا لكل الفئات المتطرفة وأصبحت وسيلة سهلة لتواصل أرباب الفتن في مواقع كثيرة».
وقال المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، إن المشبوهين «بايعوا أميرا لهم وباشروا في بناء مكونات التنظيم ووسائل دعمه والتخطيط لعمليات إجرامية تستهدف منشآت حكومية، ومصالح أجنبية، واغتيالات لرجال أمن، وشخصيات تعمل في مجال الدعوة، ومسؤولين حكوميين».
وقال اللواء تركي، إن «هناك من يسعى إلى إحداث فوضى في السعودية والنيل من الأمن والاستقرار، و(القاعدة) من أكثر الجهات الساعية لهذا الأمر وتوجه (القاعدة) إلى اليمن غايته أن يبقى قريبا من الحدود السعودية». وأكد حرص الداخلية على مكافحة الفكر الضال، موضحا أن 59 ممن قبض عليهم سعوديون يسعون لـ«استخدام الشباب السعودي كأدوات في سبيل خدمة أهداف خارجية».
وبين اللواء تركي، أن الأجهزة الأمنية أخضعت كل الجهات المعنية بجمع التبرعات للضبط، وحذرت من خطورة تقديم التبرعات بعيدا عن الجهات الرسمية، مبينا أن هناك الكثير من المشاريع على الحدود البرية، ومنها «وضع حواجز وتقنيات إلكترونية وتسيير دوريات أمنية»، مؤكدا أن الحدود تخضع لاهتمام ومراقبة وحماية، في حين كشف عن أن التنظيم الذي رصد على ارتباط بتنظيم «داعش» في سوريا.
وفيما يتعلق بدور النساء في التنظيم الذي جرى الكشف عنه، أفاد المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية بأن مناصري الفئة الضالة استغلوا المرأة بغرض إحداث الفوضى في السعودية، وبالأخص من خلال من لهن علاقة بموقوفين ممن ارتبطوا بقضايا أمنية. واستفادت الشبكة من النساء بالتمويل «من خلال قدرتها على تواصل بالمجتمع النسائي تعمل خلاله على جمع التبرعات واستغلالهن في تجنيد الشباب عبر إثارة النخوة إلى جانب تجنيد الأطفال».
وأكد اللواء تركي، أن الهدف العام للخلايا السابقة والحالية يكمن في إثارة الفوضى. وقال: «كما اتضح في مراحل التحقيقات الأولية أن التنظيم يسعى لتهيئة نفسه استراتيجيا للمرحلة التي تبدأ فيها الفوضى المزمع تحقيقها والمخطط لها وذلك بالتركيز على الاغتيالات لتحقيق الفوضى فيتجهون إلى استخدام شيء من العنف بعد الفشل في إثارة الشباب في السعودية».
وشدد اللواء تركي على أهمية دور برامج المناصحة، قائلا: «برنامج المناصحة الأفضل على الإطلاق ونتمسك به لأنه لا يوجد بديل له». وأضاف: «هو أفضل ما يمكن عمله لمن تعرض للتغرير وليس هناك بديل لبرنامج المناصحة وهو الأفضل بتحقيق نسب إيجابية وما زلنا نصر على نسبة الـ90 في المائة» لنجاحه.
وأكد المتحدث الأمني أن الكشف عن هذه الخلية، جاء في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها المنطقة «وما يشهده الواقع من استهداف مباشر للوطن في أمنه، واستقراره وشبابه ومقدراته، ومنهجه القائم على كتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله وصحابته الأخيار»، حيث تولت الأجهزة الأمنية المختصة متابعة الوضع بعناية فائقة، وأخذ ما يطرح على شبكات التواصل الاجتماعي على محمل الجد «بعد أن أصبحت ميدانا فسيحا لكل الفئات المتطرفة، ووفرت وسيلة سهلة لتواصل أرباب الفتن في مواقع كثيرة».
وبين المتحدث الأمني، أن من ضمن أفراد الخلية المكتشفة 35 من مطلقي السراح في قضايا أمنية وممن لا يزالون رهن المحاكمة، فيما تقتضي مصلحة التحقيق استجواب 44 من المتوارين عن الأنظار مررت بياناتهم للشرطة الدولية لإدراجهم على قوائم المطلوبين. وأشار إلى رصد انتشار واسع لهذه الشبكة وارتباطات لها مع عناصر متطرفة في سوريا واليمن، وعزا ذلك إلى التحقيقات والمتابعات الأمنية. وأضاف أن البناء التنظيمي لخلايا التنظيم «أفصح عن اهتمام بالغ بخطوط التهريب خاصة عبر الحدود الجنوبية، وذلك لتهريب الأشخاص والأسلحة مع إعطاء أولوية قصوى لتهريب النساء». وتابع أن الشبكة تمكنت من تهريب امرأتين أروى بغدادي وريما الجريش «في حين أحبطت قوات الأمن محاولة تهريب المرأتين مي الطلق، وأمينة الراشد، وبصحبتهما عدد من الأطفال».
وقال اللواء تركي: «من خلال تنفيذ عمليات المداهمة والتفتيش جرى ضبط معمل لتصنيع الدوائر الإلكترونية المتقدمة التي تستخدم في التفجير والتشويش والتنصت، وتحوير أجهزة الهواتف الجوالة، إضافة إلى تجهيزات لتزوير الوثائق والمستندات، كما جرى الكشف عن خلية التمويل لهذا التنظيم والتي قام أعضاؤها بجمع تبرعات عبر شبكة الإنترنت وتوفير مبالغ من مصادر أخرى إذ تجاوز ما جرى ضبطه حتى تاريخه 900 ألف ريال البعض منها بالدولار، وكان الجزء الأكبر من هذا المبلغ أخفي في حقيبة معلقة بحبل داخل منور الإضاءة في إحدى العمائر السكنية، أما الأسلحة ووفقا لإفادة أعضاء التنظيم فكان من المرتقب تهريبها قبيل تنفيذ عملياتهم المزمعة».
وأكدت وزارة الداخلية السعودية، أن الأجهزة الأمنية «لن تألو جهدا في سبيل المحافظة على أمن الوطن واستقراره». وأشادت في الوقت ذاته «بالتعاون الذي تلقاه من أبناء الوطن في مواجهة مخططات الحقد والخيانة التي تستهدف الوطن في أبنائه ومقدراته». ودعت الذين وضعوا أنفسهم في محل الاشتباه «إلى المبادرة بالتقدم للجهات الأمنية لإيضاح حقيقة وضعهم»، وأكدت أن المتابعة لا تزال مستمرة، وأنه يعلن لاحقا عن أي مستجدات.