السلطات التونسية تدرس تعديل قانون يمنع المواطنين من السفر

أثار جدلاً وسط المنظمات الحقوقية بعد أن تضرر منه أشخاص لا علاقة لهم بالإرهاب

جانب من اجتماعات أعضاء البرلمان التونسي لمناقشة تعديل قانون منع السفر أمس (رويترز)
جانب من اجتماعات أعضاء البرلمان التونسي لمناقشة تعديل قانون منع السفر أمس (رويترز)
TT

السلطات التونسية تدرس تعديل قانون يمنع المواطنين من السفر

جانب من اجتماعات أعضاء البرلمان التونسي لمناقشة تعديل قانون منع السفر أمس (رويترز)
جانب من اجتماعات أعضاء البرلمان التونسي لمناقشة تعديل قانون منع السفر أمس (رويترز)

كشف غازي الجريبي، وزير العدل التونسي، عن تقدم الحكومة إلى البرلمان بمشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام قانون الجوازات ووثائق السفر، بهدف تنقيح قانون منع السفر المثير للجدل مع المنظمات الحقوقية التونسية، وفي مقدمتها «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والدولية»، ومنظمة العفو الدولية.
وقال الجريبي خلال ملتقى نظمته الوزارة أمس بعنوان: «واقع وآفاق المعهد الأعلى للقضاء» إن مشروع القانون الجديد يشمل وجوب تبرير قرار المنع، وتحديد مدة اتخاذ وسريان القرار بحد أقصى لا يزيد على 14 شهرا، يسقط إثره حكم المنع إذا لم يتخذ القضاء قراره في هذه المدة، ويكون القرار بمقتضى قرار كتابي يتخذ من قبل الجهة القضائية المتعهدة، ولا ينتفع بهذا الإجراء من تعمد التخلف عن حضور إجراءات التتبع أو المحاكمة الجارية ضده.
ويجبر القانون الجديد القاضي على تعليل قرار منع السفر، مع تقديم الأسباب الموضوعية الكافية، وإعلام المعني بالأمر أو محاميه بذلك، كما يضمن حق التقاضي على درجتين، لتصبح تلك القرارات قابلة للطعن بالاستئناف أمام محاكم الدرجة الثانية.
كما يقترح المشروع الجديد تعديلا يضمن وجوب الاستماع إلى الممنوع من السفر، تكريسا لحق التنقل والسفر، الذي يكفله الدستور المصادق عليه سنة 2014. كما يتضمن المشروع، الذي قدمته وزارة العدل، مراجعة مسألة منع السفر، التي كانت من بين التوصيات التي أكدت عليها منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير عبر دعوتها لإلغاء العمل بالقانون «عدد 75»، المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر، أو تعديله.
ويمنح مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر، قاضي التحقيق إمكانية السماح برفع منع السفر تلقائيا، أو بطلب من المتهم أو محاميه، وذلك بعد أخذ رأي النيابة العامة، أو بناء على طلب من وكيل الجمهورية، ويتعين عليه البت في طلب رفع المنع في ظرف 4 أيام من تاريخ تقديمه. وفي حال عدم البت في المطلب داخل الأجل المذكور يمكن للمتهم تقديم مطلب برفع منع السفر مباشرة إلى دائرة الاتهام، ويتعين على الوكيل العام جلب الملف، وتقديم طلباته الكتابية المعللة خلال 8 أيام، وعلى الدائرة البت فيه في أجل أقصاه 8 أيام كذلك من تاريخ تلقيها الملف نفسه.
وفي هذا الشأن، قال عماد الخميري، رئيس لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية في البرلمان، إن مشروع هذا القانون المنظم لجوازات السفر يتضمن تعديلات تعد «ضمانات مهمة لحرية وحق التنقل، وتنسجم مع أحكام ومعايير الدستور التونسي»، مبرزا أن التعديلات التي لا تبيح حجز جوازات السفر إلا بأحكام قانونية هي «في غاية الأهمية بالنظر إلى أنها ستضع تونس في خانة الدول التي يحترم فيها حق التنقل وحقوق الإنسان» على حد تعبيره.
لكن في حال المصادقة على هذا القانون، فإن الإجراءات القديمة المرتبطة بـ«قانون 1975» ستكون ملغاة، علما بأن القضاء التونسي كان غير مقيد في الزمن، حيث يمكن لإجراءات منع السفر أن تتواصل لست أو سبع سنوات دون الاستماع إلى المتهم في أغلب الأحيان.
وتشير منظمات حقوقية تونسية وأجنبية إلى أن النظام السابق مارس هذا الإجراء على عدد من الأجانب، مما جعلهم في وضع احتجاز داخل تونس ومقيمين بطريقة غير شرعية.
وأكد مرصد الحقوق والحريات (منظمة حقوقية تونسية مستقلة) أنه جرى منع نحو 500 مواطن تونسي من السفر، دون أن يكون هناك دليل على ارتباطهم بمنظمات إرهابية أو تبنيهم أفكارا متطرفة.
وفي هذا الصدد، أكد هادي المجدوب، وزير الداخلية، أن أهم الحلول التي اعتمدتها الأجهزة الأمنية للحد من سفر الشباب إلى مناطق التوتر، كان عبر منع المشتبه بهم من مغادرة التراب الوطني. وقد منعت وزارة الداخلية 27 ألفا و371 شخصا مشتبها في علاقتهم بمنظمات إرهابية من السفر منذ سنة 2012. وهو ما أثار حفيظة عدد كبير من المنظمات الحقوقية، من بينها منظمة العفو الدولية التي انتقدت انتهاك السلطات لحقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ المعلنة في البلاد، ووثقت تقارير المنظمة حالات كثيرة، قالت إنها فرضت على حرية التنقل، من خلال أوامر تحديد الإقامة، والإجراءات المتعلقة بمراقبة الحدود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».