حظوظ قوية لكاتبة أرجنتينية مبتدئة تنافس روائيين مخضرمين

ست روايات في القائمة القصيرة لجائزة «مان بوكر» العالمية 2017

ماثياس إينارد - سامانثا تشوويبلين
ماثياس إينارد - سامانثا تشوويبلين
TT

حظوظ قوية لكاتبة أرجنتينية مبتدئة تنافس روائيين مخضرمين

ماثياس إينارد - سامانثا تشوويبلين
ماثياس إينارد - سامانثا تشوويبلين

شهدت العاصمة البريطانيّة لندن ليلة الخميس الماضي حفل الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة «مان بوكر» الدولية لعام 2017 لتشمل ستة أعمال رفيعة المستوى في أجواء معاصرة، لروائيين من الأرجنتين وفرنسا والدنمارك والنرويج، بالإضافة إلى روايتين لكاتبين من (إسرائيل). وتمنح هذه الجائزة سنوياً لأفضل كتاب (مطبوع) ترجم إلى الإنجليزية ونشر في المملكة المتحدة حديثاً من أعمال الروائيين وكتاب القصص القصيرة الأجانب (الأحياء). وتبلغ قيمة الجائزة للرواية الفائزة خمسون ألف جنيه إسترليني تمنح مناصفة للروائي ولمترجمه، بينما تحصل الروايات التي ضمتها القائمة القصيرة على ألفي جنيه لكل منها، تمنح كذلك مناصفة بين الروائي والمترجم. لكن القيمة المعنوية للجائزة أهم بكثير من قيمتها الماديّة، وهي تستجلب بالضرورة شهرة عالميّة وترويجاً للكاتب والكتاب.
شملت الروايات التي ضمتها القائمة القصيرة هذا العام أعمالاً لروائيين مخضرمين - بل وكانت إحداها فازت بجائزة غونكور الفرنسيّة المرموقة -، لكن رواية أولى - وأقصر الروايات المرشحة - لكاتبة أرجنتينيّة شابة تدعى سامانثا تشوويبلين نجحت بدورها في الوصول إلى القائمة القصيرة مُقصية في طريقها عدة أسماء معروفة مثل إسماعيل قادري (ألبانيا)، وآلان مابانكو (فرنسا) ويان ليانكي (الصين) وآخرين كانوا قد اختيروا ضمن القائمة الطويلة التي أعلنت في منتصف مارس (آذار) الماضي وضمت حينها 13 عملا من أصل 126.
«حلم الحُمّى» رواية الأرجنتينيّة تشوويبلين تتحدث بلسان امرأة أرجنتينيّة على فراش موتها وتروى قصّة حياتها لولد صغير يجلس إلى جوار سريرها في المستشفى، وقد وصفها النقّاد بأنها «مرعبة ورائعة في آن» وبكونها «استثنائيّة تحلّق في أجواء سورياليّة من الهلوسة والحمّى».
تتنافس «حلم الحُمى» مع رواية الكاتب (الإسرائيلي) المخضرم عاموس عوز «جوداس» أو بحسب اللفظ العربي للاسم: «يهوذا» التي احتفلت بها الأوساط الأدبيّة بوصفها عودة ميمونة بعد غياب عقد كامل عن عالم الرواية للروائي الأهم في (إسرائيل) الذي كان نشر 16 رواية قبل «جوداس» أغلبها أثار اهتمام قطاعات واسعة من القرّاء في المجتمع (الإسرائيلي) وعبر العالم. وقد وصف «جوداس» رئيس لجنة تحكيم الجائزة بأنها «بالتأكيد الرواية التي انتظر عوز عمراً بأكمله ليكتبها. إنها إنجاز استثنائي». وتحكي الرواية قصة شاب ورجل كبير بالسن يحاولان فهم العالم المعقد حولهما من منزلهما في القدس الغربيّة (المحتلة) عام 1959.
ديفيد غروسمان روائي إسرائيلي آخر أُختيرت روايته (حصان يدلف إلى المشرب (البار)) لتكون ضمن القائمة القصيرة أيضاً، وتحكي قصة ممثل كوميدي يهودي يصاب بأزمة شخصيّة على المسرح أمام المشاهدين وصفها النقاد بأنها «عمل شديد الأصالة ولا ينسى».
بقية الأعمال أتت من أوروبا. رواية «ما لا تمكن رؤيته» للنرويجي روي جاكوبسن تحكي قصة أشبه بأسطورة عن أجيال متعاقبة عاشت على جزيرة نرويجيّة صغيرة وبدت رغم صغر عمر كاتبها وكأنها أقرب الأعمال المرشحة للروايات الكلاسيكيّة التقليديّة. أيضاً من الدنمارك رواية (مرآة وكتف ورمز) لدورثي نورز وهي رواية مرحة غريبة - عن درس سواقة في كوبنهاجن ينقلب مواجهة حادة - أثارت نقاشات حادة بين المحكمين، لكنهم «جميعهم أحبوها»، على حد تعبير رئيس اللجنة.
يكتمل عقد القائمة القصيرة برواية الفرنسي ماثياس إنارد (البوصلة)، وهو باحث في الثقافة العربيّة والفارسيّة كانت روايته فازت بجائزة «غونكور الفرانكوفونيّة» وتحكي تهيؤات خبير موسيقى يتلاعب به الأرق عبر ليلة طويلة في فيينا يتردد السرد فيها بين الأحلام والذكريات. وقد تحدث عنها رئيس لجنة التحكيم بقوله: «على يد كاتب أقل من إنارد فإن وصف ليلة مؤرقة كان سينتهي حتماً بمأساة، لكن ليس على يد إنارد. إنها رواية استثنائية بحق». وقد مدح استكشاف الرواية لموضوعة الاستشراق، معتبراً أنها تأتي في وقتها حيث تتصاعد مشاعر الإسلاموفوبيا البغيضة، وتبدو القارة العجوز وكأنها تعيش أوقات شديدة الاضطراب.
رأس لجنة تحكيم الجائزة هذا العام مدير مهرجان أدنبرة الدولي للكتاب نك بارلي، إضافة إلى أربعة كتاب وروائيين معروفين هم دانييل هان (محرّر ومترجم معروف) وإيلاف شافاك (روائيّة) وتشيكا يونجوي (روائيّة) وهيلين مورت (شاعرة).
وقد أشاد السيد بارلي بالأعمال التي نجحت في الوصول إلى القائمة القصيرة بوصفها استكشافاً شديد الألمعيّة لأوجه قصور التجربة الإنسانيّة من أركان مختلفة وفي عالم شديد التعقيد، لكنه اعتبرها جميعاً أعمالاً جديرة فعلا بالفوز بالجائزة، وأنها «أدب مرموق يفتح للقارئ بالإنجليزيّة آفاقاً أرحب في وقت ارتفاع الجدران، والسياسات المعادية للآخر، فيمكنُّه من التعاطف وفهم الآخرين. وقد أثار ضحك الحاضرين في الحفل عندما قال إنه يعتزم إرسال نسخ من روايات القائمة القصيرة هذه إلى الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب كهديّة في عيد ميلاده المقبل.
بدت القائمة وكأنها انتصار لحرفة الترجمة ومكافأة لجهود قلّما تحظى بالتقدير وأيضاً للناشرين الصغار المستقلين - في مواجهة الشركات الكبرى المتعددة الجنسيّة - فقد اختيرت ثلاثة من أعمالهم المطبوعة ضمن القائمة القصيرة للجائزة وبالذات دار عالم واحد (وان وورلد) التي كانت نشرت الرواية الفائزة بجائزة «بوكر» للرواية لآخر دورتين، وهي نشرت هذه الدورة رواية الكاتبة الأرجنتينيّة تشوويبلين التي تبدو حظوظها قويّة بالفوز أيضاً بالشق العالمي من الجائزة.
كانت جائزة عام 2016 منحت لرواية «ذي فيجيتيريان» أي (النّباتي) للكاتب الكوري الجنوبي هان كانغ ومترجمته إلى الإنجليزيّة دوبرا روجرز، وهي بحسب موقع الجائزة الرّسمي تمنح تشجيعاً لترجمة الآداب العالميّة إلى الإنجليزية منذ عام 2005 وكانت حينها تمنح كل عامين لروائي على مجمل أعماله، قبل أن تتحول إلى جائزة لرواية محددة، وصارت تمنح سنوياً بدءاً من العام الماضي.
وتقول مصادر صناعة الكتاب البريطاني إن الأعمال الروائية المترجمة تمثل ما لا يقل عن 7 في المائة من مجمل المبيعات السنويّة للأعمال الأدبيّة التي تباع بالإنجليزيّة في المملكة المتحدة. ويعتقد على نطاق واسع بأن جائزة مان بوكر العالميّة هذه لها دور كبير في تعريف القارئ البريطاني بالأعمال الأجنبيّة، فمثلاً باعت رواية الأديب الكوري الجنوبي كانغ بعد فوزها بالجائزة العام الماضي 160 ألف نسخة في طبعتها البريطانيّة فقط ناهيك بمبيعات أخرى في كل الأسواق الأنجلوفونيّة في العالم.
لعلّه مما يجدر ذكره إن الرواية الفائزة بهذه الجائزة المرموقة في الغرب والتي ترعاها - وهي وشقيقتها الكبرى جائزة مان بوكر للرواية - مجموعة مان الماليّة المعروفة سيعلن عنها في حفل عشاء خاص سيقام ليلة الرابع عشر من يونيو (حزيران) المقبل في متحف فيكتوريا وألبرت بلندن، وستحضره نخبة صناعة الثقافة والمال في المدينة.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.