لبنان: وضع أمني «هشّ» في «عين الحلوة» والخلافات بين الفصائل تفاقم المخاوف

مآخذ على عدم إتمام القوة المشتركة مهمتها في حي الطيري

مقاتل من حركة فتح يطلق قذيفة خلال اشتباكات اندلعت قبل أسبوعين بمخيم عين الحلوة الفلسطيني جنوب لبنان بين فتح و«مجموعة بلال بدر» المتشددة (أ.ب)
مقاتل من حركة فتح يطلق قذيفة خلال اشتباكات اندلعت قبل أسبوعين بمخيم عين الحلوة الفلسطيني جنوب لبنان بين فتح و«مجموعة بلال بدر» المتشددة (أ.ب)
TT

لبنان: وضع أمني «هشّ» في «عين الحلوة» والخلافات بين الفصائل تفاقم المخاوف

مقاتل من حركة فتح يطلق قذيفة خلال اشتباكات اندلعت قبل أسبوعين بمخيم عين الحلوة الفلسطيني جنوب لبنان بين فتح و«مجموعة بلال بدر» المتشددة (أ.ب)
مقاتل من حركة فتح يطلق قذيفة خلال اشتباكات اندلعت قبل أسبوعين بمخيم عين الحلوة الفلسطيني جنوب لبنان بين فتح و«مجموعة بلال بدر» المتشددة (أ.ب)

تبذل الفصائل الفلسطينية في لبنان جهودا كبيرة للملمة آثار وتداعيات المعركة العنيفة التي شهدها مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب البلاد في وقت سابق هذا الشهر بين القوة الأمنية المشتركة و«مجموعة بلال بدر» المتشددة، باعتبار أن فشل حركة «فتح» التي كانت تقود المواجهات في الحسم العسكري وبقاء بدر طليقا ومتواريا عن الأنظار، جعل مهمة إعادة المياه إلى مجاريها وضبط الوضع بشكل كامل، مهمة صعبة للغاية.
وتتركز حاليا الإشكالية الأساسية التي تحول دون استقرار الوضع الأمني في المخيم، في حي الطيري الذي كان بمثابة مربع أمني يتحصن فيه بدر ومجموعته. فرغم انتشار القوة الأمنية المشتركة التي تضم عناصر يمثلون معظم الفصائل الفلسطينية، داخل هذا الحي الأسبوع الماضي، فإن هناك مآخذ حول عدم إتمام هذه القوة مهمتها بشكل كامل في المنطقة. وهو ما عبّر عنه القيادي في حركة «فتح» اللواء منير المقدح مؤكدا انتشار القوة في الشارع الفوقاني وفي الطيري، لافتا في الوقت عينه إلى خلل في عملية الانتشار تتم حاليا معالجته. وقال المقدح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عناصر القوة يتحركون في الطيري ولكن ليس بالشكل المطلوب. هم يسيرون دوريات وهناك مراكز لهم موجودة بشكل دائم، إلا أن الأمر يتطلب مزيدا من الوقت وجدية أكثر من قبل الفصائل بالتعاطي مع الموضوع». وإذ حثّ هذه الفصائل الـ16 المتمثلة في القوة الأمنية بتحمل مسؤولياتها بمواصلة العمل على تفكيك مجموعة بلال بدر وتوقيفه، رد الفشل بالحسم العسكري لـ«أداء بعض القوى والضباط».
وتم التداول أخيرا بمعلومات عن إيفاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لجنة تحقيق عسكرية لدراسة سبب إخفاق حركة «فتح» في المعركة بوجه بدر، وانتهت اللجنة إلى تحميل الضباط الذين قادوا المواجهات المسؤولية. إلا أن المقدح نفى هذه المعلومات لافتا إلى أن مهمة هذه اللجنة مستمرة منذ أكثر من 5 أشهر وهي محصورة بتدريب عناصر من «فتح» مؤكدا أنه لم يتم تكليفها بأي مهمة أخرى. وأضاف: «أعضاء هذه اللجنة من الضباط والعسكريين وهم مستمرون بمهمتهم التدريبية».
ويبدو أن الخلافات بين الفصائل التي أدّت لانفراط عقد القوة الأمنية السابقة مستمرة، باعتبار أن كل فصيل يرمي مسؤولية استمرار الوضع الأمني في «عين الحلوة» غير المستقر تماما في ملعب الفصائل الأخرى. وفي هذا المجال، ردّت مصادر «القوى الإسلامية» في المخيم سبب «هشاشة» الوضع لتواجد مسلحين من قوات الأمن الوطني التابعين لحركة «فتح» في حي الصحون المشرف على حي الطيري بحجة أنهم ما زالوا يعتقدون أن عناصر من مجموعة بلال بدر ما زالوا في الطيري. وقالت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الأمر ليس طبيعيا باعتبار أن المتواجدين في الطيري من عناصر منتمية لفصائل أخرى باتت تشعر أنّها مكشوفة أمنيا». وإذ شددت المصادر على «عدم إمكانية الحسم بخروج بدر من الطيري، نظرا إلى أن القوة المشتركة لم تقم بعمليات دهم في الحي بل تنفذ انتشارا واسعا فقط»، أكّدت أنه «متوار تماما عن الأنظار وهو سيبقى مطلوبا ومطاردا».
وتسعى القيادة السياسية الفلسطينية المشتركة في لبنان إلى توسيع القوة المشتركة التي لا تضم إلا 100 عنصر، جُرح 19 منهم في المعارك الأخيرة التي شهدها المخيم وقتل عنصر واحد. وفي هذا السياق قالت مصادر القوى الإسلامية إنه يتم العمل على زيادة عددها 50 عنصرا خاصة أن القوة السابقة كانت تضم 281.
ولا تقتصر التحديات التي يواجهها سكان «عين الحلوة» الذين يقال إن عددهم يتخطى الـ100 ألف نسمة على الشق الأمني، بل يعانون الأمرين على الصعيد الإنساني خاصة أن مسحا أجرته «أونروا» أخيرا أظهر أن المعارك الأخيرة أدّت لتضرر 577 وحدة سكنية بشكل كامل أو جزئي بالإضافة إلى 141 متجرا وإلى تهجير 57 عائلة من منازلها. ووفق المعلومات المتوافرة، فإن الوكالة الدولية تعد خطة طوارئ ستقدمها للدول المانحة لتوفير التمويل اللازم لتعويض المتضررين، ما سيعني أشهرا طويلة من الانتظار لعائلات وجدت معظمها أمكنة مؤقتة لتبيت فيها.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.