تونس تستعد لاسترجاع «أبناء الدواعش» من ليبيا

بعد أن قتل آباؤهم خلال المعارك أو سجنوا بأحكام ثقيلة

تونس تستعد لاسترجاع «أبناء الدواعش» من ليبيا
TT

تونس تستعد لاسترجاع «أبناء الدواعش» من ليبيا

تونس تستعد لاسترجاع «أبناء الدواعش» من ليبيا

تستعد تونس لاستعادة نحو 40 طفلاً من «أبناء الدواعش» التونسيين الموجودين في ليبيا المجاورة، بعد قضاء آبائهم وأمهاتهم خلال المواجهات المسلحة الدائرة هناك، حيث نجحت السلطات التونسية، وفق مصادر برلمانية، في إقناع الجانب الليبي بضرورة حل هذا الملف، ومن المنتظر أن تستلمهم في وقت قريب للغاية.
وكان وفد برلماني قد توجه خلال الأيام الماضية إلى ليبيا، تحت قيادة ابتسام الجبابلي، القيادية بحزب النداء الحاكم رئيسة لجنة شؤون التونسيين بالخارج في البرلمان، بهدف حل ملف الأطفال التونسيين المولودين في عائلات تبنت فكر تنظيم داعش الإرهابي، خصوصاً أن السلطات الليبية أبدت مرونة وتفهماً للطلبات التونسية، وتسعى من جانبها إلى إقفال هذا الملف الإنساني في المقام الأول.
وتم الاتفاق بين السلطات التونسية وحكومة الوفاق الوطني الليبية على إرسال وفد تونسي إلى ليبيا، لبحث ملف الأطفال التونسيين في السجون الليبية. إلا أن توتر الأوضاع الأمنية في ليبيا، واحتدام الصراع أجل هذه الزيارة، ليفسح المجال لوفد برلماني تونسي تولى عملية التنقل، والتعرف على وضعية الأطفال التونسيين (أبناء الدواعش).
وكان الوفد الحكومي التونسي يمثل 4 وزارات، هي الخارجية والداخلية والصحة ووزارة شؤون المرأة، وقد أجل في بداية شهر مارس (آذار) الماضي زيارته إلى العاصمة الليبية طرابلس لتسلم الأطفال الموجودين في السجون والمستشفيات ومراكز الإيواء، وهو ما خلف صدمة للمنظمات الحقوقية التونسية والدولية المطالبة بضرورة استعادة هؤلاء الأطفال الأبرياء المعتقلين.
وتقدر منظمات حقوقية عدد التونسيين المنتمين لتنظيم داعش المتطرف بأكثر من 300 متشدد يقبعون لسنوات طويلة في سجون مجهولة في مناطق مختلفة من ليبيا، خصوصاً في المنطقتين الشرقية والغربية، وتؤكد أن هؤلاء الأطفال هم أبناء حاملي فكر «داعش».
ومن جهتها، كشفت وزارة الداخلية التونسية وجود نحو 120 تونسياً في بؤر التوتر داخل سوريا وليبيا والعراق، مؤكدة أن نصف هذا العدد سافر إلى هذه الدول رفقة أزواجهن، أما البقية فهن غير متزوجات. وفي هذا الصدد، قالت الجبابلي إن هؤلاء الأطفال «وجدوا في قلب معركة لم يختاروها، ويدفعون منذ نعومة أظفارهم ضريبة ما لم تقترفه أيديهم»، مؤكدة أن معظم الأطفال أبناء «دواعش» تونسيين يوجدون في منطقتي معيتيقة ومصراتة، ومنهم من اخترق الرصاص جسده الغض، ومنهم من لا يزال طريح الفراش في المستشفى لتلقي العلاج. وشددت الجبابلي على أن «الدولة التونسية مطالبة باستعادة هؤلاء الأطفال (...) ولا يوجد أي عذر يدفع الدولة إلى التخاذل في العمل على هذا الملف الإنساني».
على صعيد متصل، طالب محمد إقبال بالرجب، رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، السلطات بالتدخل العاجل لاسترجاع التونسيين العالقين في السجون الليبية والسورية من مختلف الأعمار بتهم غير إرهابية، وذلك بعد حصولهم على عفو منذ 2013 دون أن تقوم السلطات التونسية باستلامهم.
وتستعد تونس لتهيئة الأرضية المناسبة لاستقبال آلاف الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر، وهو ما خلق جدلاً سياسياً واجتماعياً حول تأثير استقبالهم في تونس على أمنها واستقرارها، فيما تشير مصادر حكومية رسمية إلى أن عددهم لا يقل عن 2900 إرهابي، لكن أحزاباً سياسية ومنظمات حقوقية وهياكل نقابية، تمثل قوات الأمن بالخصوص، عبرت عن رفضها القاطع لعودة العناصر الإرهابية إلى تونس، وطالب البعض منهم بسحب الجنسية التونسية منهم، ومحاكمتهم فوق أراضي النزاعات المسلحة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.