بين «التغيير الديموغرافي وغنائم الحرب»... مصير البلدات السورية الأربع إلى الغموض

مضايا تصالحت والزبداني شبه فارغة... وتعليق «الفوعة وكفريا» بعد التفجير

حافلات ورجال شرطة وعسكر من النظام تنتظر عند الراموسة في حلب يوم 15 أبريل... ووصول أهالي بلدتي كفريا والفوعة بحسب اتفاق إجلاء البلدات السورية الأربع (إ.ب.أ)
حافلات ورجال شرطة وعسكر من النظام تنتظر عند الراموسة في حلب يوم 15 أبريل... ووصول أهالي بلدتي كفريا والفوعة بحسب اتفاق إجلاء البلدات السورية الأربع (إ.ب.أ)
TT

بين «التغيير الديموغرافي وغنائم الحرب»... مصير البلدات السورية الأربع إلى الغموض

حافلات ورجال شرطة وعسكر من النظام تنتظر عند الراموسة في حلب يوم 15 أبريل... ووصول أهالي بلدتي كفريا والفوعة بحسب اتفاق إجلاء البلدات السورية الأربع (إ.ب.أ)
حافلات ورجال شرطة وعسكر من النظام تنتظر عند الراموسة في حلب يوم 15 أبريل... ووصول أهالي بلدتي كفريا والفوعة بحسب اتفاق إجلاء البلدات السورية الأربع (إ.ب.أ)

بانتظار الانتهاء من تنفيذ اتفاق «المدن الأربع» في شهر يونيو (حزيران) المقبل بعد بدء تنفيذ مراحله الأولى التي أدّت إلى إخراج آلاف العائلات من منازلها، يبقى السؤال المطروح والذي لا يزال غامضا في غياب التفاصيل الواضحة حول العملية التي وصفت بأنها أكبر خطة تغيير ديموغرافي في سوريا، هو ما هي الجهة التي ستسيطر أو ستتولى إدارة هذه البلدات. وإن كان مصير الزبداني ومضايا شبه واضح بعد دخول النظام إليها؟ وفي حين ترتكز بعض المعلومات المتداولة بأن البنود تقضي بـ«مبادلة» أهالي بلدتي كفريا والفوعا الشيعيتين بعائلات من مدن مضايا والزبداني (ذات الغالبية السنية)، تؤكد مصادر مطّلعة أن هذا الأمر غير وارد واتفق على منع تنفيذه بين الجهات التي وقعت الاتفاق، أبرزها، هي «هيئة تحرير الشام» من جهة وإيران من جهة أخرى.
وتحاصر فصائل المعارضة الفوعة وكفريا منذ عام 2015، فيما تحاصر قوات النظام مضايا والزبداني منذ ثلاث سنوات.
ومن المقرر بموجب اتفاق البلدات الأربع أن يتم على مرحلتين إجلاء جميع سكان الفوعة وكفريا الذين يقدر عددهم بـ16 ألف شخص، مقابل خروج من يرغب من سكان مضايا والزبداني. وفي اليوم الأول لبدء إخراج العائلات، دخلت قوات النظام التي تسيطر أساسا على نحو نصف منطقة الزبداني إلى مضايا بحسب ما أكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكان قد خرج الأسبوع الماضي من الفوعة وكفريا دفعتان من المقاتلين والعائلات، الأولى شملت نحو 5 آلاف شخص والثانية نحو 3 آلاف وهي التي تعرضت للتفجير يوم السبت في حي الراشدين قرب حلب، وذهب ضحيته مئات القتلى والجرحى. ومنذ ذلك الحين تم تعليق الاتفاق، لأسباب متعلقة بإجراء التحقيقات بحسب ما أشارت إليه بعض المعلومات وأخرى مرتبطة برفض بقية العائلات الخروج من منازلها خوفا على سلامتها. مع العلم أن مصادر عدّة كانت قد أشارت إلى أن أهالي كفريا والفوعة كما الزبداني ومضايا رفضوا الاتفاق والخروج من بيوتهم، وإنما تعرضوا لضغوط من قبل رعاتهم أجبرتهم على التنفيذ. وهنا، يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «الاتفاق يمنع إدخال عائلات مكان أخرى»، مرجّحا دخول «هيئة تحرير الشام» إلى كفريا والفوعة، وناقلا عن العائلات التي لا تزال تنتظر تخوفها من إحراق منازلها. وفي الزبداني، يلفت إلى أن المنطقة هي أساسا شبه فارغة من سكانها ولا صحة لكل المعلومات التي كانت تشير إلى أنه سيغادرها آلاف الأشخاص، مؤكدا أن عدد الذين سيخرجون هم كل من تبقى فيها من مقاتلين وعددهم 138 وعدد قليل من المدنيين إضافة إلى طبيب واحد.
من جهته، يقول الخبير في المجموعات المتطرفة عبد الرحمن الحاج، إنه «لغاية الآن ليس مطروحا إسكان عائلات مكان المهجّرين من كفريا والفوعة»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «إلى أن الاتفاق ينص على إجلاء من يريد من السكان من دون أن يشير إلى استبدال مجموعة سكانية مكان أخرى في ريف دمشق أو إدلب، لكن هذا الواقع لا يلغي طمع إيران و(حزب الله) ووجود نيات بإحداث تغيير في التركيبة السكانية لهذه البلدات الاستراتيجية بالنسبة إليهم».
ويسيطر «حزب الله» على 90 في المائة من منطقة الزبداني وبلداتها في القلمون الغربي بريف دمشق، بعدما كان قد أجبر أهلها على مغادرة منازلهم التي بات معظمها مهدماً، ويحاصر المعارضة في ما تبقى من المساحة التي تسيطر عليها منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومن المتوقع نتيجة الاتفاق الأخير، أن تدخل قوات النظام إلى المدينة المحاصرة، بحسب ما يقول عبد الرحمن.
في المقابل، يقول مصدر في «الجيش الحر» في إدلب لـ«الشرق الأوسط»: «المعلومات التي لدينا تفيد بأن (هيئة تحرير الشام)، التي وقعت الاتفاق ستدخل المنطقتين باعتبارهما (غنائم حرب) وكانوا قد قالوا إنهم سيقدمون المنازل إلى المهجّرين من مضايا والزبداني، وهو ما يعني تكريسا للتغيير الديموغرافي الذي لطالما رفضته المعارضة كما الأهالي»، مشيرا في الوقت عينه إلى «أن بعض المنظمات الدولية قامت بتجهيز مخيمات لاستقبال أهالي الزبداني ومضايا».
ويضيف «عائلات البلدتين الشيعيتين كانت قد أعلنت رفضها، بعد التفجير، الخروج من بيوتها، ودعت الشباب في المساجد إلى حمل السلاح، مجددة رفضها تسليم أرضها». ويوضح: «بعد خروج الدفعتين من البلدتين، لا يزال هناك تقريبا 10 آلاف نسمة، في وقت لن يخرج من الزبداني ومضايا أكثر من 3 آلاف شخص، وبالتالي إذا تقرّر إسكانهم في الفوعة وكفريا، فهم لن يشكلوا أكثر من نحو 10 في المائة من عدد سكان البلدتين الشيعيتين الذين كانوا يقدروا قبل الحصار بـ42 ألف نسمة، علما بأن معظم أهالي الزبداني كما كفريا والفوعة كانوا قد غادروا منطقتهم قبل الحصار ولم يتبق في الزبداني إلا نحو 800 شخص، في حين قرّر معظم أهالي مضايا تسوية أوضاعهم مع النظام والبقاء في منازلهم على غرار اتفاقيات المصالحات في ريف دمشق».
وأشارت «شبكة شام المعارضة» إلى أن «فعاليات مدنية في إدلب تتخوف من أن تغدو الفوعة وكفريا موضع صراع بين الفصائل الكبرى خصوصا الفصيلين القائمين على تنفيذ الاتفاق وأن يتعاملا مع البلدتين كغنائم حرب، بحيث تغدو منازلها وأراضيها الزراعية الشاسعة ملكاً للفصيل وأتباعه، باسم الغنائم، على اعتبار أنهما من حاصر البلدتين طوال أكثر من عامين، وخسرا كثيرا في الرباط والمعارك التي خاضاها حولها، وأنها باتت اليوم من حقهم».
وكان قد تم التداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لأحد القادة من الفصائل القائمة على تنفيذ الاتفاق، يتحدث لبعض الخارجين من أهالي كفريا والفوعة داخل الحافلة التي تقلهم في منطقة الراشدين، يطمئنهم فيها أن أملاكهم ومنازلهم ستعود إليهم بعد إسقاط النظام على اعتبار أن مشكلتهم مع بشار الأسد ونظامه وليست مع أهالي البلدتين أو أي من السوريين.
وإذا كانت مدينتا الزبداني ومضايا وغيرهما من البلدات بريف دمشق تعرف بأنها مناطق اصطياف وبأن معظم عائلاتها من الأغنياء الذين يمتلكون المنازل الفخمة والقصور، فإن بلدتي الفوعا وكفريا الشيعيتين بريف إدلب، لم تكن أفضل حالا من إدلب بشكل عام وريف إدلب بشكل خاص لناحية تهميشها من قبل النظام، بحسب المصدر في «الحر»، موضحا «معظم أبنائها كانوا يعملون في الجيش السوري وهم من طبقات اجتماعية فقيرة يعتمدون أيضا على الزراعة في أعمالهم لامتلاكهم مساحات أراض شاسعة».
وكانت الهيئة السياسية في محافظة إدلب، قد أصدرت بياناً تعتبر فيه اتفاق الفوعة وكفريا، الذي أبرم بين جيش الفتح و«إيران» بوساطة قطرية، ظالماً للشعب السوري وقيمه ومبادئه. ونص البيان أن الاتفاق: «يزيد من الانقسام الطائفي بين مكونات الشعب السوري، ويعزز عملية التغيير الديموغرافي المُخالفة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومبادئ الأمم المتحدة، والتي يفرضها النظام وميليشياته الطائفية مدعوماً بقوة حلفائه»، وهو ما يشير إليه المصدر في «الجيش الحر»، مؤكدا «الحرب فرضت الحصار على الفوعة وكفريا نتيجة موقع هاتين البلدتين كما هو الواقع بالنسبة إلى الزبداني ومضايا، لكن التغيير الديموغرافي هذا إذا تحقق، فهو من شأنه أن يحوّل الثورة السورية إلى ثورة طائفية».



العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».


وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».