يسابق معسكر الرئيس الحالي حسن روحاني الزمن لوضع سيناريوهات متعددة قبل موعد إعلان لجنة «صيانة الدستور» الخميس المقبل. فأمس، كشف شقيق الرئيس الإيراني السابق محمد هاشمي رفسنجاني عن إمكانية انسحاب روحاني لصالحه، نافيا وجود تنافس داخلي في الائتلاف الإصلاحيين والمعتدلين. وأعلنت لجنة الانتخابات الإيرانية أمس الموافقة على طلب ترشح ابني رفسنجاني محسن هاشمي وفاطمة لخوض الانتخابات المقررة في 19 مايو (أيار) بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية. في المقابل فإن ردود الأفعال على ترشح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في المعسكر المحافظ تواصلت أمس، وبينما وجه النائب السابق أحمد توكلي رسالة مفتوحة إلى لجنة «صيانة الدستور» للمطالبة برفض طلب ترشح أحمدي نجاد لما اعتبره «معارضته أركان النظام» حذر وزير الأمن حيدر مصلحي من احتمال اندلاع احتجاجات جديدة تستهدف حشد الطبقة الفقيرة خلال الانتخابات المقبلة، في إشارة إلى شعارات أحمدي نجاد بتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين.
وقال محمد هاشمي رفسنجاني في تصريح لوكالة «تسنيم» التابعة للحرس الثوري إنه ترشح دفاعا عن أهداف شقيقه الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني. بنفس الوقت أكد هاشمي رفسنجاني أن تياره سيختار مرشحا نهائيا حسب مسار الحملات الانتخابية التي تمتد بين يومي 28 من أبريل (نيسان) إلى 17 مايو (أيار).
تصريحات هاشمي كشفت أن دخوله ودخول نائب الرئيس الأول إسحاق جهانغيري إلى السباق الرئاسي في اللحظات الأخيرة من تسجيل الطلبات جاء في سياق مخطط لشقيقه علي أكبر هاشمي رفسنجاني قبل رحيله في الثامن من يناير (كانون الثاني) الماضي. وفق هاشمي فإن شقيقه شدد على ضرورة دخول مرشحين إلى جانب روحاني، مؤكدا أنه فضلا عن مطالبته بالترشح طالب وزير الخارجية الحالي محمد جواد ظريف ورئيس البرلمان السابق علي أكبر ناطق نوري وجهانغيري بتقديم طلب الترشح للانتخابات. ولفت خلال تصريحات إلى دور «مكمل» يفترض أن يقوم به جهانغيري إلى جانب روحاني في الحملات الانتخابية، مؤكدا في الوقت نفسه أنه «لا اختلاف في برامجه السياسية» إذا ما وقع الاختيار النهائي على جهانغيري لتمثيل التيار في الانتخابات الرئاسية.
في هذا الصدد، قالت ابنة هاشمي رفسنجاني فائزة هاشمي في تصريح لوكالة «إيسنا» الحكومية إن روحاني المرشح الأخير للتيار الإصلاحي والمحافظ، واعتبرت ترشح جهانغيري إلى جانب روحاني استراتيجية مناسبة لخوض الانتخابات.
ورأت هاشمي أن المنافسة في الانتخابات الرئاسية تنحصر بين ثلاثة خطابات؛ واعتبرت الأول خطابا إصلاحيا غايته تنمية المجتمع في مجالات الاقتصاد والسياسة والحقوق والثقافة والتعددية والحريات الأساسية، مشددة على أنه قائم على «العقلانية». ورأت الخطاب الثاني قائما على الشعوبية وخداع الرأي العام، مضيفة أنه «لا يؤمن بالتنمية»، وتابعت أن «وعودهم لجمع الأصوات وتدمير البلد»، في إشارة ضمنية إلى حكومة محمود أحمدي نجاد. أما في شرح القطب الثالث، ذكرت أنه خطاب المحافظين الذين «يريدون كل شيء لأنفسهم ويحتكرون القوة ويفكرون بالمصالح الفئوية بدلا من عمران البلاد والرفاه والحرية»، وأضافت أنهم «لا يعملون بالإسلام لو عرض مصالحهم للخطر».
في سياق متصل، قال النائب في البرلمان إلياس حضرتي إن ترشح جهانغيري جاء بطلب من الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي. وكان جهانغيري قدم طلب الترشح في آخر لحظات تسجيل المرشحين السبت الماضي، وكان رئيس لجنة سياسات التيار الإصلاحي محمد رضا عارف كشف لوكالات أنباء إيرانية أن قرار الترشح جاء بعد إقناع روحاني في مشاورات أجراها بعدد من شخصيات التيار الإصلاحي.
وأعلنت لجنة الانتخابات الإيرانية أمس نتائج البت بأهلية المرشحين في مجالس البلدية التي تجري بموازاة الانتخابات الرئاسية في 19 مايو (أيار) في عموم المناطق الإيرانية، وفي طهران وافقت لجنة الانتخابات على طلب تقدم به نجل هاشمي رفسنجاني محسن هاشمي وابنته فاطمة هاشمي، وضمت قائمة الأسماء ياشار سلطاني مدير موقع «معمار نيوز» الذي فجر فضيحة «العقارات الفلكية» حول بيع العقارات وممتلكات بلدية طهران، وطاردت عمدة طهران والمرشح للانتخابات الرئاسية محمد باقر قاليباف. وفي المقابل شملت القائمة العضو البارز في جماعة «أنصار حزب الله» المتشددة حسين الله كرم أبرز منتقدي أسرة رفسنجاني.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة «صيانة الدستور» استبعدت محسن هاشمي وشقيقته فاطمة هاشمي من خوض الانتخابات البرلمانية العام الماضي.
ويتطلع ائتلاف التيار الإصلاحي والمعتدل لتكرار الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان العام الماضي، ورجحت مصادر إعلامية مقربة من الإصلاحيين إمكانية اختيار محسن هاشمي في منصب عمدة طهران إذا ما تحقق الفوز بأغلبية المقاعد في مجلس بلدية طهران. وكان علي أكبر هاشمي رفسنجاني أحرز المرتبة الأولى في انتخابات مجلس خبراء القيادة فبراير (شباط) 2016 بحصد أكثر من مليوني وثلاثمائة صوت من دائرة طهران الانتخابية.
بموازاة ذلك، نفى المتحدث باسم لجنة «صيانة الدستور» عباس كدخدايي صحة قائمة أولية للمرشحين للانتخابات الرئاسية بعدما تم تداولها في مواقع إيرانية أمس.
من جانب آخر، حذر وزير الأمن السابق حيدر مصلحي من اندلاع احتجاجات على غرار احتجاجات 2009، معتبرا بعض طلبات التسجيل تهدف لإشعال «الفتنة»، ودعا إلى مواجهة «الفتنة» في فترة ولاية المرشد الحالي علي خامنئي، وفق ما أوردت عنه وكالة «إيسنا».
وفي تحذير ضمني من خطورة تدهور الوضع الأمني في الانتخابات أوضح أن «الفتنة» الجديدة تريد تكرار تجربة 2009 مستهدفة «الطبقة المتوسطة وما تحت لأنه في الفتنة السابقة نزلت الطبقة المتوسطة وما فوق إلى الشارع، وهم ممن يهربون بمفرقعات نارية». وإشارة مصلحي إلى الطبقة المتوسطة وما تحت تلمح إلى الشعارات التي ترددها حلقة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد الذي وعد بتحسين الأوضاع المعيشية للإيرانيين إذا ما عاد فريقه لإدارة الأمور في إيران.
إضافة إلى تحذيره من شعارات أحمدي نجاد، أشار مصلحي ضمنا إلى الشعارات الانتخابية التي يرددها حسن روحاني هذه الأيام حول إبعاد شبح الحرب من إيران وتطلعه لإقامة علاقات تعاون مع المجتمع الدولي. في نفس الاتجاه، اتهم مصلحي أعداء إيران بالعمل على دفع الشعب والنخب والمسؤولين إلى ارتكاب أخطاء في الحسابات الانتخابية عبر «التلويح بالخيار العسكري وترهيب الشعب»، كما حذر من مخططات جهات معادية على «الخلفية الاجتماعية» للمرشحين في الانتخابات الرئاسية. وقال مصلحي أمام حشد من أعضاء الباسيج وسط طهران إن «الفتنة الجديدة تريد إقناع الشعب بأن المخرج من المشكلات هو المساومة مع مختار القرية (استعارة من الرئيس الأميركي)».
وتطلق الجهات المقربة من المرشد الإيراني تسمية «الفتنة» على أحداث انطلقت بعد إعلان فوز الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وامتدت فترة ثمانية أشهر وقاد المرشحان الإصلاحيان ميرحسين موسوي ومهدي كروبي تلك الاحتجاجات قبل فرض الإقامة الجبرية عليهما بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
في سياق آخر، تواصلت ردود الأفعال على ترشح أحمدي نجاد. ووجه النائب البرلماني السابق وأبرز وجوه المحافظين أحمد توكلي رسالة مفتوحة إلى لجنة «صيانة الدستور» طالب فيها برفض طلب أحمدي نجاد لـ«عدم اعتقاده بأركان النظام». مشددا على أنه «يفتقر الأهلية لتولي منصب الرئيس»، وفق ما نقل عنه موقع «الف». وأشار توكلي في رسالته إلى «تمرد» أحمدي نجاد على المرشد علي خامنئي خلال فترة رئاسة في عدة مناسبات، بما فيها تعيين اسفنديار رحيم مشايي نائبا أول له في يوليو (تموز) 2009، خلافا لأوامر من خامنئي تطالبه بتجنب ذلك، وهو ما أدى لخروج الخلاف إلى العلن، ورد فعل أحمدي نجاد على تدخل خامنئي في وقف قرار عزل وزير الأمن حيدر مصلحي في أبريل 2011، وضم منظمة الحج والزيارة التي تتبع خامنئي إلى منظمة السياحة والتراث رغم تحذيرات سابقة من خامنئي.
روحاني قد ينسحب من سباق الترشح لصالح شقيق رفسنجاني
مطالب برفض طلب أحمدي نجاد وتحذير من اندلاع احتجاجات وقودها الطبقة الفقيرة في إيران
روحاني قد ينسحب من سباق الترشح لصالح شقيق رفسنجاني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة