خطة لنظام الأسد تضع بعض مطاراته تحت الوصاية الروسية

موسكو ترفع علمها بمطار الضمير... وأميركا تعلن عن تعديلات بأنشطتها لحماية قواتها

خطة لنظام الأسد تضع بعض مطاراته تحت الوصاية الروسية
TT

خطة لنظام الأسد تضع بعض مطاراته تحت الوصاية الروسية

خطة لنظام الأسد تضع بعض مطاراته تحت الوصاية الروسية

على وقع رفع سقف «التهديد الدبلوماسي» بين موسكو وواشنطن بعد الضربة العسكرية على مطار الشعيرات بريف حمص الأسبوع الماضي، وتفاوت في التوقعات حول الخطوة الأميركية التالية، تظهر الوقائع على الأرض «استنفارا حذرا» من قبل الطرفين بانتظار ما ستنتهي إليه الجهود التي تبذل على خط التقارب بينهما. وأفيد يوم أمس، عن بدء النظام بخطة لوضع بعض مطاراته تحت الوصاية الروسية بعد ساعات على إعلان الجيش الأميركي إجراء تعديلات على أنشطته العسكرية في سوريا لحماية قواته.
وبينما أكّد أكثر من مصدر ولا سيما في مناطق «سيطرة قوات سوريا الديمقراطية» في الشمال حيث يرتكز الوجود الأميركي، عدم إجراء أي تعديلات على الانتشار الأميركي بخصوص الخطة المتعلقة بمعركة الرقة، يبدو واضحا أن رفع العلم الروسي في مطار الضمير إضافة إلى قيام القوات الروسية في مطار حماة العسكري بتفكيك معدات عسكرية ونقلها إلى قاعدة «حميميم» العسكرية في ريف اللاذقية على الساحل السوري، يهدف إلى حمايتها من أي ضربات أميركية محتملة.
ووضع الخبير العسكري والعميد المتقاعد خليل الحلو هذه التحركات في خانة «الضغط والضغط المضاد»، وهي السياسة التي يتبعها طرفا النزاع الدوليان اليوم في سوريا، روسيا وأميركا. وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل ما تلا الضربة الأميركية من مواقف تصعيدية بين الطرفين يفتح احتمالات واسعة مع وجود رئيسين على غرار دونالد ترمب وفلاديمير بوتين»، لكنه في الوقت عينه يستبعد أي مواجهة بين الطرفين في سوريا، موضحا: «الدليل على ذلك الإعلان عن علم موسكو المسبق بالضربة وإخراج عناصرها وطائراتها من المطار، وبالتالي تأتي خطوة رفع العلم ضمن هذا السياق للقول إن مطار الضمير تحوّل إلى قاعدة روسية وبالتالي تجنّب استهدافه من قبل أميركا الذي بات النظام يخاف ضرباتها». من هنا لا يرى الحلو في الفترة المقبلة أي تصعيد عسكري على الأرض، باستثناء بعض الضربات المحدودة بعد تكريس الخطوط الحمراء وتحذير رئيس النظام بشار الأسد من تجاوزها. ويؤكّد الحلو أن المرحلة اليوم هي لقتال «داعش» وهو القرار الذي اتخذه ترمب وسيبقى ماضيا في تنفيذه على اعتبار أنها الآن الفرصة الذهبية للتخلص من التنظيم المتطرف، وهو ما تناظره التحضيرات لخطة تحرير الرقة، ليأتي بعد ذلك دور إيران وحزب الله ومن ثم البحث في أي حل سياسي في سوريا وفي مصير الأسد.
ويوم أمس ذكرت مصادر معارضة أن النظام السوري بدأ بتنفيذ خطة لوضع بعض مطاراته العسكرية تحت الوصاية الروسية تحسبا لأي ضربة أميركية جديدة على غرار ما حدث في مطار «الشعيرات» بريف حمص، وهو ما أكّده العقيد في «الجيش الحر» فاتح حسون لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «يبدو أن هناك تخوفا من استهداف مطار الضمير فتم رفع العلم الروسي عليه لحمايته، فيما سجّل تخفيض القوات الروسية في مطار حماة خوفا من قصفه».
ونقلت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة عن الناشطين الموجودين في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق قولهم إن قوات النظام السوري العاملة داخل مطار «الضمير» العسكري قامت بإنزال علم سوريا ورفع العلم الروسي عوضا عنه، في خطوة تشير إلى أن المطار في طريقه لأن يكون تحت الوصاية الروسية.
وأكّدت رصد دخول عدد كبير من ضباط وعناصر روس إلى داخل المطار تمهيدا لتحويله إلى قاعدة عسكرية تابعة إلى موسكو.
ويعد مطار «الضمير» العسكري الذي يبعد عن العاصمة دمشق 42 كيلومترا ثاني أكبر مطار في سوريا، إذ يحتوي على أكثر من 50 حظيرة إسمنتية، منها ثماني حظائر تحت الأرض تضم داخلها طائرات من طراز «ميغ 23 - 24 – 27»، بالإضافة إلى دفاعات جوية. وضمن الخطة نفسها، قال ناشطون إن القوات الروسية في مطار حماة العسكري وسط سوريا قامت بتفكيك معدات عسكرية ونقلتها إلى قاعدة «حميميم» العسكرية في ريف اللاذقية على الساحل السوري.
وأتت هذه الإجراءات الروسية بعد ساعات على إعلان مسؤولين أميركيين أن الجيش الأميركي أجرى تعديلات طفيفة على أنشطته العسكرية في سوريا لتعزيز حماية قواته بعد أن أثارت هجمات شنها على قاعدة جوية سورية الأسبوع الماضي توترات شديدة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث العسكري الكولونيل جون توماس قوله: «إن الضربات الأميركية في سوريا باتت أكثر دفاعا»، وأقر بأن وتيرتها تباطأت بعض الشيء منذ يوم الجمعة. وأضاف: «لا أعتقد أن ذلك سيستمر طويلا، لكن الأمر متروك إلى (اللفتنانت جنرال ستيفن) تاونسند»، مؤكدا أنه لم تحدث محاولات من سوريا أو حلفائها للرد على القوات الأميركية حتى الآن، في وقت أكّد أكثر من مسؤول أميركي أن أولوية واشنطن لا تزال محاربة «داعش».
وتنشر واشنطن نحو ألف عسكري في سوريا في مهام لتقديم المشورة وتدريب مقاتلين يحاربون تنظيم داعش، يرتكز في معظمهم في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي تخوض معركة تحرير الرقة.
وفي هذا الإطار، أكّد أحمد محمد، المسؤول الإعلامي في «مكتب قوات سوريا»، لـ«الشرق الأوسط»، أن المعركة لا تزال مستمرة كما كان مخططا لها، نافيا حدوث أي تغيرات على الأرض أو إبلاغهم بأي تعديل»، مضيفا: «ماضون بالقتال في المرحلة الثالثة من المعركة وقواتنا وصلت إلى مشارف الطبقة تمهيدا لعزل الرقة». ولتفادي وقوع اشتباك غير مقصود مع القوات الروسية التي تقاتل إلى جانب قوات النظام، فتحت الولايات المتحدة قناة اتصال مع الروس بناء على اتفاق مشترك، قبل أن تبلغ وزارة الدفاع الروسية مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، بعد الضربة الأميركية، أنها «أوقفت تعاونها مع البنتاغون».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.