مظاهرات بالآلاف في شوارع غزة ضد «خصم الرواتب»

مطالبات برحيل حكومة الحمد الله... وتعويل على تدخل عباس

جانب من المظاهرة التي شارك بها آلاف الموظفين في القطاع أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرة التي شارك بها آلاف الموظفين في القطاع أمس (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات بالآلاف في شوارع غزة ضد «خصم الرواتب»

جانب من المظاهرة التي شارك بها آلاف الموظفين في القطاع أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرة التي شارك بها آلاف الموظفين في القطاع أمس (أ.ف.ب)

هتف آلاف من موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة أمس، ضد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، ووزير ماليته شكري بشارة، محتجين على حسم الحكومة مبالغ تصل إلى 30 في المائة من رواتبهم، الأسبوع الماضي، وهو الإجراء الذي خلف غضبا كبيرا وانتقادات واتهامات متبادلة.
وفي أكبر مظاهرة شهدها القطاع منذ يوم الأربعاء الماضي، طالب موظفو السلطة برحيل حكومة التوافق، وهتفوا «ارحل ارحل يا الحمد الله»، و«ارحل ارحل يا بشارة»، و«أبو عمار (الزعيم الراحل ياسر عرفات) يا أبونا من بعدك جوعونا».
وجاءت المظاهرة الحاشدة بطلب من حركة فتح في قطاع غزة التي دعمت مطالب الموظفين، وكانت دعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وقت سابق، إلى إقالة حكومة الحمد الله، الذي رد بدوره أن قرار الخصم على رواتب موظفي قطاع غزة جاء ضمن خطة تقشف عامة بسبب أزمة مالية تمر بها الحكومة ولم يمس الراتب الأساسي.
ومع إصرار الحكومة على موقفها، يتوقع موظفو السلطة أن يتدخل عباس لإلغاء القرار، خصوصا بعد وعودات من قيادة فتح في غزة.
بدوره، قال فايز أبو عيطة، نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح: «إن هذه الآلاف المؤلفة يراهنون على موقف الرئيس محمود عباس رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، بالتدخل العاجل لتحقيق العدالة والإنصاف والمساواة لهم، أسوة ببقية موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية». وأضاف، أن «هذه الحشود تناشده إلغاء الإجراءات التعسفية الظالمة التي اتخذتها حكومة الحمد الله بحقهم، وطالت مرتباتهم وقوت أبنائهم».
ويسلط قرار الحكومة الفلسطينية الضوء على الواقع الصعب لنحو 70 ألف موظف في قطاع غزة، لكنه أيضا يسلط الضوء على واقع حركة فتح التي لا ترغب في خسارة مزيد من التأييد في القطاع، وسط محاولات القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان استقطاب مزيد من الفتحاويين في صفه.
ويخشى مسؤولون في فتح أن يساعد قرار الحكومة على استقطاب دحلان عناصر من الحركة أو تفضيلهم العمل مع حماس.
وقال أبو عيطة، في رسالة للقيادة الفلسطينية: «إن هذه الآلاف من الحشود هي المخزون الاستراتيجي لحركة فتح، ولم تتخل يوما عنها، ووقفت إلى جانبها في كل المحطات والمراحل التاريخية المهمة والمفصلية، وشكلت حصنا أمينا للقيادة الفلسطينية من كل المؤامرات التي كانت تستهدفها وتستهدف المس بشرعيتها».
وتظاهر الموظفون الغزيون على فترتين في الصباح والمساء، وتعهدوا بمواصلة الاحتجاجات حتى تراجع الحكومة عن قرارها.
وقال المتحدث باسم نقابة الموظفين في قطاع غزة، عاطف عسقول، إن الموظفين سيستمرون بالاعتصام حتى تحقيق كل مطالب موظفي السلطة.
وأضاف عسقول: «جميعهم (الموظفون) التزموا بقرار الرئيس بالاستنكاف عن العمل عام 2007 (عندما سيطرت حماس على القطاع)، والآن حكومة الوفاق تقوم بتكريم الموظفين على التزامهم بقرارات الرئيس بمزيد من التضييق عليهم وعلى قوت عيالهم (أبناؤهم)».
وكانت السلطة الفلسطينية طلبت من جميع موظفيها الاستنكاف عن العمل بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، وقطعت راتب كل موظف ذهب إلى عمله باعتباره يدعم سلطة «الانقلاب»، وظلت السلطة تدفع رواتب الموظفين حتى فوجئوا الأربعاء الماضي بحسم على رواتبهم وصل إلى 30 في المائة، مما أثار حالة ذهول وتساؤلات وغضب.
وقالت الحكومة الفلسطينية، إن الخصومات على رواتب الموظفين في غزة «طالت العلاوات فقط، وجزءًا من علاوة طبيعة العمل دون المساس بالراتب الأساسي».
واتهمت الحكومة حركة حماس بالمسؤولية عن تردي الوضع المالي، قائلة إن مواصلتها (حماس) جباية الإيرادات في غزة والاستيلاء عليها وعدم إعادتها إلى الخزينة، قد أثر بشكل سلبي على الوضع المالي.
وتبادلت السلطة وحماس أمس، مزيدا من الاتهامات حول المسؤولية عن الوضع المتردي في غزة.
واتهمت الحركة على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم، رئيس الحكومة رامي الحمد الله، بممارسة التضليل، بعد مطالبته الحركة بتسليم قطاع غزة للقيادة الشرعية، واتهامها بأنها «تجبي جميع الإيرادات ولا تنفقها إلا على نفسها».
وقالت حماس: «إن ما يدخل إلى خزينة هذه الحكومة ما يقرب من نحو 100 مليون دولار شهريا من عوائد الضرائب على البضائع التي تدخل إلى القطاع».
وأَضاف برهوم: «حكومة الحمد الله لم تتخلّ عن واجباتها تجاه أهل غزة المحاصرين فحسب، بل عمدت إلى افتعال الأزمات وصناعتها لسكان القطاع والتضييق عليهم وضرب مقومات صمودهم وثباتهم»، مؤكدا أن «ما تقوم به من فرض للضرائب بالكامل على الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء، واستقطاع مخصصات الموظفين وعوائل (الشهداء) ومستحقاتهم قسرا لهو أكبر دليل على ذلك».
وطالب برهوم حكومة الحمد الله بالقيام بواجباتها تجاه المواطنين في قطاع غزة بدل التهرب من مسؤولياتها وافتعال الأزمات والتذرع بذرائع واهية، وألا تبقى سيفا مصلتا على رقابهم.
وأردف أن «حركة حماس جاهزة لتسليم حكومة الحمد الله القطاعات الحكومية والوزارات كافة، على أن تلتزم حكومة الحمد الله بالقيام بمسؤولياتها وواجباتها كافة تجاه غزة، وتطبيق كل ما تم الاتفاق عليه بحضور القوى الوطنية والإسلامية».
وردت الحكومة الفلسطينية رافضة «محاولات بعض الجهات التشكيك بالبيانات الحكومية» وقالت إن ذلك «عمل تضليلي لأبناء شعبنا، وتطاول على المصداقية، ومحاولة للتغطية على الحقائق».
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة، يوسف المحمود، في تصريح مكتوب: «إن الحكومة بدأت بالفعل تطبيق سياسة تقشف طالت قطاعاتها منذ العام الماضي 2016، وما زالت مستمرة في عام 2017 للأسف الشديد، وذلك بسبب انخفاض المساعدات المالية الخارجية الحاد الذي وصل إلى 70 في المائة».
وأضاف: «إن الحكومة بدأت بتطبيق سياسة التقشف المالي على قطاع الأمن، إذ تم تخفيض نفقاته بنسبة 25 في المائة على الشكل التالي: إذ وصلت نسبة تخفيض النفقات إلى ما يقارب 17 في المائة من الموازنة للإدارة المالية العسكرية، وما يقارب 8 في المائة للأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية».
ولسنوات طويلة فشلت جهود إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الفلسطينية بين الضفة وغزة، بسبب خلافات على الصلاحيات والمواقع والملفات الأخرى.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.