الخطة الأمنية في لبنان تفعّل الإجراءات الخاصة بضاحية بيروت الجنوبية

عمليات دهم تسفر عن توقيف سبعة مطلوبين وضبط أسلحة وذخائر

صورة أرشيفية لجنود لبنانيين خلال انتشارهم في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)
صورة أرشيفية لجنود لبنانيين خلال انتشارهم في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)
TT

الخطة الأمنية في لبنان تفعّل الإجراءات الخاصة بضاحية بيروت الجنوبية

صورة أرشيفية لجنود لبنانيين خلال انتشارهم في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)
صورة أرشيفية لجنود لبنانيين خلال انتشارهم في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

لم تغب الخطة الأمنية، التي بدأ الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في تطبيقها قبل نحو الشهر لضبط الوضع في منطقتي طرابلس شمال لبنان والبقاع شرقا، عن الضاحية الجنوبية لبيروت، أحد معاقل حزب الله. فللضاحية خطة خاصة بها تطبق منذ أكثر من ثمانية أشهر لمنع دخول الانتحاريين والسيارات المفخخة، والتوجه اليوم، في إطار الخطة الحديثة، لتفعيل وتحديث الإجراءات الأمنية المتخذة لمواكبة تطورات المرحلة.
وبدا لافتا أخيرا تنفيذ الجيش اللبناني أكثر من عملية أمنية في الضاحية. وأعلن أمس توقيف سبعة مطلوبين في منطقة صبرا ومحلتي الرويس وبرج البراجنة، بعد عمليات دهم أدّت أيضا إلى ضبط كمية من الأسلحة الحربية الفردية والذخائر وأعتدة عسكرية متنوعة. وكانت عمليات مماثلة جرت الأسبوع الماضي ونجحت في توقيف مطلوبين لارتكابهم جرائم إطلاق نار وشهر أسلحة باتجاه مواطنين، والاعتداء على عناصر من الجيش.
وأوضحت مصادر نيابية في حزب الله أن «الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام يطبقون خطة أمنية في الضاحية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي بالتنسيق مع الحزب»، لافتة إلى «إمكانية تفعيل هذه الخطة قريبا من خلال توسعها وزيادة عديد عناصر قوى الأمن الداخلي في المنطقة». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الغطاء مرفوع عن المطلوبين كافة من دون استثناء، حتى إن الحزب يقدّم للأجهزة المعنية المعلومات اللازمة لإلقاء القبض على الكثير منهم»، مشددة على أن «تفعيل الوجود الأمني يريح حزب الله وعناصره الذين لن يعود لهم التعاطي اليومي مع المدنيين».
واتخذت السلطات اللبنانية قرار تطبيق خطة أمنية في الضاحية بعد اعتماد حزب الله مبدأ «الأمن الذاتي» جراء التفجيرات الانتحارية التي ضربت مناطقه، وإقامة عناصره حواجز أمنية في أغسطس (آب) الماضي، تسلمها الجيش فور الشروع في تطبيق الخطة في سبتمبر.
وقلّصت الخطة عدد المداخل المؤدية إلى الضاحية الجنوبية، وتسلم الجيش عمليات التفتيش عليها، فيما توزعت حواجز قوى الأمن الداخلي والأمن العام في المناطق الداخلية. وأنهى حزب الله كل مظاهر وجوده على الأرض منذ ذلك الحين، باستثناء تشديده إجراءات حماية المساجد أيام الجمعة من دون إبراز أي وجود مسلح.
بدورها، شدّدت مصادر أمنية على أن الخطة التي طبقت في الضاحية أواخر الصيف الماضي ووضعت حدا للعمليات الإرهابية التي ضربت المنطقة لا تزال سارية، لافتة إلى أن الخطة الجديدة التي وضعها المجلس الأعلى للدفاع وأقرتها الحكومة لم تشمل إلا منطقتي طرابلس والبقاع، وبالتالي إذا كانت هناك أي خطة جديدة للضاحية فعلى مجلس الأمن المركزي الإعلان عن ذلك أو صدور قرار حكومي في هذا المجال.
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجيش والقوى الأمنية نفذوا في الفترة الأخيرة أكثر من عملية توقيف في الضاحية «علما بأننا لم نكن يوما بحاجة لغطاء منذ بدء تطبيق الخطة لتوقيف أي مطلوب».
وذكّر الخبير العسكري والعميد المتقاعد أمين حطيط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «الإجراءات المتخذة في الضاحية حصلت قبل تشكيل الحكومة الحالية وإقرار الخطة الأمنية الخاصة بطرابلس والبقاع»، لافتا إلى أنه «إذا كان هناك من جديد سيطرأ على الخطة فقد يلحظ تخفيف الإجراءات الأمنية بعدما سيطر النظام السوري على المنطقة الحدودية مع لبنان، وبالتالي توقف تصدير السيارات المفخخة إلى مناطق حزب الله».
وكانت القوى الأمنية اللبنانية بدأت مطلع مارس (آذار) الماضي تطبيق خطة أمنية وضعها المجلس الأعلى للدفاع وأقرتها الحكومة، في المناطق المتوترة، لا سيما طرابلس والبقاع. وكلف الجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة المختلفة ضبط الوضع الأمني ومنع الظهور المسلح واستعمال السلاح بكل أشكاله ومصادرة مخازن السلاح في طرابلس ومنطقتي باب التبانة وجبل محسن، وتنفيذ الإجراءات كافة لتوقيف المطلوبين، وتنفيذ الاستنابات القضائية في هذه الأعمال، وفي عمليات الخطف والابتزاز وسرقة السيارات وعمليات التزوير في مناطق البقاع الشمالي، واستعمال كل الوسائل اللازمة لتنفيذ هذه الخطة.
وأكّدت مصادر في وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» أن «الخطة الأمنية نجحت بنسبة فاقت الـ80 في المائة بإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد»، لافتة إلى أنها «ستصل إلى العاصمة عندما يحين الوقت وستشمل بيروت الكبرى، أي كل المناطق فيها».
وأعرب سفراء دول عربية وغربية عن ارتياحهم الكبير لمسار الخطة الأمنية ونجاحها في إعادة نوع من الاستقرار إلى لبنان. ونقلت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن دبلوماسي غربي تأكيده أنه في حال استمرت «الإنجازات الأمنية على ما هي عليه فإن أكثر من دولة ستدعو مواطنيها للعودة إلى لبنان للعمل والسياحة»، بعد أكثر من ثلاث سنوات على تحذيرات حثّت العرب والأجانب لعدم التوجه إلى بيروت بسبب الأوضاع الأمنية.
وكانت مناطق نفوذ حزب الله في الضاحية والبقاع تعرضت لسلسلة هجمات بسيارات مفخخة نفذ غالبيتها انتحاريون، منذ الكشف في عام 2012 عن مشاركة الحزب في المعارك داخل سوريا إلى جانب القوات النظامية. وتبنت غالبية هذه الهجمات تنظيمات متشددة تقاتل في سوريا، قائلة إنها جاءت ردا على مشاركة حزب الله في تلك المعارك.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.