الاتحاد الأوروبي يطالب إسرائيل بوقف ترحيل الفلسطينيين من ضواحي القدس

إسرائيليون على ظهر دبابة تمر بالقرب من فلاح فلسطيني خلال تدريبات عسكرية في قرية عقربة (أ.ف.ب)
إسرائيليون على ظهر دبابة تمر بالقرب من فلاح فلسطيني خلال تدريبات عسكرية في قرية عقربة (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يطالب إسرائيل بوقف ترحيل الفلسطينيين من ضواحي القدس

إسرائيليون على ظهر دبابة تمر بالقرب من فلاح فلسطيني خلال تدريبات عسكرية في قرية عقربة (أ.ف.ب)
إسرائيليون على ظهر دبابة تمر بالقرب من فلاح فلسطيني خلال تدريبات عسكرية في قرية عقربة (أ.ف.ب)

طالب الاتحاد الأوروبي الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن هدم المباني الفلسطينية في المناطق «ج» في الضفة الغربية، وبشكل خاص، إلغاء أوامر الهدم في قرية خان الأحمر البدوية، القريبة من مستوطنة معاليه أدوميم، معتبرا مخططات إسرائيل بهذا الشأن «عملية ترحيل (ترانسفير) قسري للسكان يشكل خرقا لمعاهدة جنيف».
وقال دبلوماسيون إسرائيليون وأوروبيون، أمس، إن ذلك جاء في رسالة نقلها سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل، لارس فابورغ أندرسون، الذي أكد أنه قدم الرسالة باسم جميع دول الاتحاد الأوروبي (28 دولة)، وقد وجهها علانية، إلى المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، يوفال روتم، في الأسبوع الماضي. وأضاف الدبلوماسيون، أن روتم الذي تسلم وظيفته حديثا، عقد في الأسبوع الماضي أول لقاء مع سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في فندق دان في تل أبيب، بهدف التعارف. وقد تحول هذا اللقاء، إلى حلبة مواجهة حول سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين عموما، وفي المناطق «ج» بشكل خاص. وما إن بدأ اللقاء حتى قال أندرسون، إنه يطلب استغلاله لنقل رسالة صادقت عليها اللجنة السياسية - الأمنية في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بتوقيع ممثلي 28 دولة عضوا في الاتحاد. وأخرج السفير وثيقة مؤلفة من صفحة واحدة، وبدأ بقراءة فحواها. ويستدل من النسخة التي نشرت في تل أبيب، أمس، أن الوثيقة صيغت بلهجة حادة جدا، ووصفت إسرائيل بأنها «القوة المحتلة التي تدوس المواثيق الدولية».
وجاء في الوثيقة، أن «الخطوات العملية على الأرض التي تنفذها إسرائيل تحت حجة (تطبيق القانون)، مثل الترانسفير القسري ضد السكان، وهدم البيوت، ومصادرة المباني الإنسانية، بما في ذلك تلك التي جرى تمويلها من قبل الاتحاد الأوروبي، وعرقلة تقديم المساعدات الإنسانية؛ تتناقض مع التزامات إسرائيل بالقانون الدولي، بما في ذلك معاهدة جنيف الرابعة، وتسبب المعاناة للمدنيين الفلسطينيين العاديين. نحن نطالب إسرائيل، القوة المحتلة، بتنفيذ التزاماتها إزاء الجمهور الفلسطيني في المناطق (ج)، ووقف هدم البيوت، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية. كما نطالب إسرائيل بتسريع المصادقة على الخرائط الهيكلية للفلسطينيين، ووقف الترانسفير القسري المفروض على السكان، وتخفيف الإجراءات المطلوبة للحصول على تراخيص البناء للفلسطينيين، وتلبية الاحتياجات الإنسانية».
وقد فوجئ المدير العام لوزارة الخارجية بالاتهامات التي وجهت إلى إسرائيل. وقال دبلوماسيون حضروا اللقاء، إن الأجواء أصبحت متوترة جدا، وإن روتم وجه ملاحظة تهكمية إلى السفراء الأوروبيين، حين قال: «هذا شكل رائع لبدء أول لقاء مع المدير العام لوزارة الخارجية».
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه يعربون منذ زمن طويل، عن قلقهم من السياسة الإسرائيلية في المناطق «ج»، التي تبلغ مساحتها 60 في المائة من الضفة الغربية المحتلة، وتسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل. ومع ذلك، فقد جاء الاحتجاج الأخير، على خلفية توزيع أوامر هدم على كل بيوت قرية خان الأحمر، التي يصل عددها إلى 422 بيتا. وتقوم هذه القرية في المنطقة الاستراتيجية «E1» التي تربط بين معاليه أدوميم والقدس. ويتخوف الاتحاد الأوروبي من أن يستهدف هدم القرية التجهيز لبناء مستوطنة جديدة في المكان، وبالتالي قطع الامتداد الجغرافي للضفة الغربية. ويرى الفلسطينيون في هذا المخطط، عقبة أمام إقامة دولة فلسطينية ذات امتداد جغرافي واحد.
في السياق عينه، شنت إسرائيل حملة هدم كبيرة ضد منازل فلسطينيين في القدس، وجرفت أراضي في قرية الزعيم بدعوى البناء دون ترخيص، وهي التهمة التي تستخدمها السلطات الإسرائيلية عادة للحد من التوسع العمراني الفلسطيني في المدينة مقابل تسهيلات في إقامة مستوطنات.
وأقدمت جرافات تابعة لسلطات الاحتلال على هدم 3 مبان سكنية تضم 14 شقة، بعدما فرضت طوقا أمنيا على القرية. وخلال عمليات الهدم، جرى جرف منزل قيد الإنشاء في حي جبل المكبر جنوبا بحجة البناء من دون ترخيص، وسبق ذلك هدم بركس للخيول بمنطقة شرفات بحي بيت صفافا وأسوار لأراضٍ.
وتفعّل إسرائيل بين الفينة والأخرى القوانين المتعلقة بالبناء في القدس، وتجبر الفلسطينيين على هدم منازلهم بأيديهم، أو تنفذ هي ذلك مستغلة عدم قدرة الفلسطينيين على الحصول على تراخيص بناء من بلدية المدينة.
وأمس، اختار حافظ الرجبي، هدم منزله الكائن في منطقة العقبة بحي بيت حنينا شمال القدس المحتلة، بيديه.
وقال الرجبي إنه فعل ذلك تحت الضغط والتهديد الكبيرين من جانب السلطات الإسرائيلية. ويخسر الفلسطينيون الكثير من منازلهم بهذه الطريقة، ويقولون إن صعوبة البناء بصورة قانونية، هي ما يدفعهم إلى البناء بشكل غير قانوني‎.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».