مؤشرات نتائج الانتخابات العراقية تحيي الاصطفافات الطائفية والعرقية

كتلة {متحدون} تدعو إلى قائمة سنية موحدة وائتلاف دولة القانون يعول على التئام التحالف الوطني

مؤشرات نتائج الانتخابات العراقية تحيي الاصطفافات الطائفية والعرقية
TT

مؤشرات نتائج الانتخابات العراقية تحيي الاصطفافات الطائفية والعرقية

مؤشرات نتائج الانتخابات العراقية تحيي الاصطفافات الطائفية والعرقية

في وقت حذرت فيه المرجعية الشيعية العليا في العراق من خطورة تزوير الانتخابات العراقية التي جرت في الثلاثين من الشهر المنصرم داعية إلى السرعة في احتساب أصوات الناخبين، فإن تقارب مؤشرات النتائج لا سيما بين الكتل الرئيسة (الشيعية والكردية والسنية) لا يشجع على تشكيل حكومة أغلبية قوية ومعارضة برلمانية تضاهيها في القوة.
وكان عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيستاني دعا المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى ضرورة احتساب أصوات الناخبين، قائلا خلال خطبة الجمعة في كربلاء يوم أمس إن «أصوات الناخبين أمانة وأملنا في أن تراعى كامل المهنية والأمانة في احتسابها»، داعيا إلى «المحافظة على الدقة والشفافية بعملية فرز الأصوات والإسراع بإعلان نتائج الانتخابات منعا لاحتمالات إقدام البعض على تغييرها أو التشكيك بها». وعد الكربلائي أن «نسبة مشاركة العراقيين بالانتخابات البرلمانية وكما أعلنته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات هي 60 في المائة وهذه نسبة عالية قياسا بالدول التي تعيش استقرارا أمنيا وخدميا»، وتابع «رغم الإحباط وعدم الرضا لدى المواطن عن الأداء السياسي والحكومي بالفترات السابقة فإنه تحمل الظروف والتحديات وأدى هذه المسؤولية الوطنية وهذا سيرفع رصيد العراقيين من الاحترام لدى الشعوب الأخرى».
وتأتي إشارات المرجعية الدينية بضرورة الإسراع في إعلان النتائج النهائية للانتخابات التي تحتاج طبقا لما أعلنته المفوضية أكثر من عشرين يوما بعد أن بدأت ترتفع أصوات هنا وهناك بشأن قيام بعض الكتل السياسية بالتدخل بهدف التأثير على النتائج الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى حصول أزمة سياسية لا سيما أن بعض الكتل السياسية وفي مقدمتها كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري حذرت المفوضية من رد فعل قوي في حال أعلنت نتائج مخالفة للتوقعات.
وبدأت أمس الجمعة المرحلة الثانية من عملية العد والفرز في وقت بدأت فيه بعض الكتل السياسية إعلان ما حصلت عليه حتى الآن من مقاعد طبقا للنتائج التقريبية.
وفي سياق ذلك فإنه وطبقا للتوقعات التي تشير إلى عدم حصول تغيير كبير في الخارطة السياسية بسبب التقارب في النتائج لا سيما التي سوف تحصل عليها الكتل الرئيسة فإن بعض الكتل عادت تبحث عن صيغة جديدة لإعادة إنتاج نفسها طبقا لأوزانها الجديدة.
وفي هذا السياق فقد دعا محافظ نينوى أثيل النجيفي القيادي في كتلة «متحدون» التي يتزعمها شقيقه أسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي إلى إعادة تجميع القوى السنية من جديد في قائمة واحدة على غرار القائمة العراقية التي كانت قد تصدرت نتائج انتخابات عام 2010.
وقال النجيفي في بيان له أمس الجمعة «تدعو متحدون للإصلاح جميع القوائم الفائزة في المناطق السنية للحوار وتوحيد المواقف بما يتناسب وتطلعات جماهير هذه المناطق».
وأضاف النجيفي أن «ظهور قائمة متحدون للإصلاح كأكبر قائمة في المحيط العربي السني يحملها مسؤولية تجميع القوى في هذه المحافظات بما يحقق توازنا وتنسيقا مع التحالف الوطني والتحالف الكردستاني».
وأوضح النجيفي «لقد انتهت الحملة الانتخابية وبدأت حالة تقبل خيار الشعب واحترام نتائج الانتخابات والعمل السياسي لتحقيق تطلعات الجماهير التي انتفضت للتغيير»، مضيفا «كل النتائج والتحضيرات والتفاهمات مع الجميع تعتمد على ركيزة أولية هي استبعاد المالكي من رئاسة الوزراء».
وتابع النجيفي في بيانه «لكننا نعلم بأن هذا الخيار غير كاف ولا بد من وجود رؤية مشتركة بين مختلف القوى لكيفية منع ظهور مالكي جديد».
لكن في مقابل ذلك فقد أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون صادق اللبان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ائتلاف دولة القانون لا يزال يعول على التحالف الوطني بوصفه الكتلة الأكبر في البرلمان الحالي الذي انتهت ولايته ونعمل على أن يكون هو الكتلة الأكبر في البرلمان المقبل أيضا».
وأضاف اللبان «إننا سندعو خلال الفترة المقبلة إلى إعادة التئام التحالف الوطني والعمل على تقارب أطرافه لكي يصبح مؤسسة كبيرة وهي التي ترشح رئيس الوزراء علما أن هناك رغبة لدى كتل أساسية داخل التحالف الوطني في أن يبقى هو الخيمة الرئيسة لنا جميعا بصرف النظر عن الخلافات».
من جهته أكد مهند حسام الدين عضو المكتب السياسي لجبهة الحوار الوطني التي يتزعمها صالح المطلك نائب رئيس الوزراء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك دعوات إلى إعادة بناء التحالفات السابقة حيث هناك دعوة من قبل التحالف الوطني الشيعي كما أن الأكراد يعملون بالأساس كتحالف كردي حين يتعلق الأمر بالمركز كما أن هناك محاولات في الجبهة السنية وهذا أمر مؤسف لأنه يعني إعادة التخندق الطائفي والعرقي».
وأضاف حسام الدين «يبدو أن النتائج المتقاربة للانتخابات قد تكون أجبرت الكتل إلى التفكير بهذا الاتجاه»، مبينا «إننا سواء في جبهة الحوار أو بعض الكتل والتيارات العلمانية والليبرالية سوف نبقى نقاوم ذلك لأن ما نسعى إليه هو دولة مدنية وحكومة عابرة لتحالفات من هذا النوع».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.