تحبس العاصمة السودانية الخرطوم أنفاسها بانتظار إعلان «حكومة الوفاق الوطني» الجديدة، التي من المنتظر أن يقدم الحزب الحاكم من أجلها تنازلاً كبيراً يبلغ نصف نصيبه في الحكم لصالح شركاء الحوار الوطني. ورفع الإعلان عن خطاب مهم للرئيس عمر البشير اليوم أمام البرلمان بغرفتيه «المجلس الوطني ومجلس الولايات»، سقف التوقعات بقرب إعلان الحكومة الجديدة وأن الأمر لن يتجاوز هذا الأسبوع.
وعلى الرغم من سياج السرية والتكتم المفروضين على اختيار الوزراء والتشريعيين في الحكومة المزمعة، فإن صحف الخرطوم ومجالسها ومنتدياتها تغص بالتكهنات والترشيحات، لكن الراجح عند معظم المحليين ذهاب معظم الوجوه القديمة في الحكم، وأن تحل بديلاً عنها وجوه جديدة. ووزع إعلام الرئاسة بشكل واسع الدعوة لخطاب يقدمه الرئيس البشير صباح اليوم بالبرلمان، يتناول فيه «السياسات العامة للدولة»، ويحضره الجهاز التنفيذي والسلك الدبلوماسي، وأعضاء البرلمان ورؤساء تحرير الصحف.
وذكر مصدر تحدث لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة بين الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني» والأحزاب المشاركة في الحوار الوطني قد اكتملت، وتوقع أن يعلن النائب الأول للرئيس رئيس الوزراء بكري حسن صالح، حكومته الجديدة في غضون الأيام القليلة المقبلة، بعد خطاب الرئيس، دون أن يحدد موعداً دقيقاً.
وأعلن نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن قبل أكثر من أسبوعين، أن حزبه «المؤتمر الوطني» سيتنازل عن 50 في المائة من المناصب للأحزاب والحركات التي شاركت في الحوار الوطني، تأكيداً للجدية في تنفيذ «مخرجات الحوار الوطني»، وقال إن الدولة مقتنعة بأن المخرج الوحيد لحل مشكلات البلاد سيكون عبر الحوار.
وتحاول تكهنات الخرطوم اختراق السياج المحكم الذي يفرضه رئيس الوزراء على وجوه وميقات حكومته الجديدة دون جدوى، لكن المحللين يرون أن نسبة التنازل الكبيرة عن السلطة ستغيب تبعاً لها أعداد كبيرة من الوجوه المألوفة في الحكم، فيما يذهب بعضهم للقول إن الحكومة الجديدة سيكون معظم وجوهها «عسكرية»، مستندين في ذلك إلى أن الرئيس البشير ونائبه الأول الفريق بكري حسن صالح احتفظا لنفسيهما بأهم 3 مناصب في الحكم «الرئيس، والنائب الأول، ورئيس الوزراء».
وشهد السودان حواراً مطولاً استمر لأكثر من 3 سنوات ابتدره الرئيس البشير فيما عرف بـ«حوار الوثبة»، وشارك فيه أكثر من مائة حزب وحركة مسلحة، وتوصل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى ما أطلق عليه «الوثيقة الوطنية» التي يتوقع أن تشكل الحكومة على هديها. ولتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، عدل البرلمان الدستور واستحدث منصب «رئيس الوزراء» للمرة الأولى منذ تسلم الرئيس البشير للحكم في يونيو (حزيران) 1989، وكلف بالحقيبة النائب الأول للرئيس بكري حسن صالح، وأوكلت إليه مهمة تشكيل الحكومة الجديدة بالتشاور مع الرئيس البشير.
وعلى الرغم من العدد الكبير من المشاركين في الحوار الوطني، فإن قوى معارضة وأحزاباً وحركات مسلحة رئيسية؛ أبرزها حزب الأمة القومي برئاسة الصادق المهدي والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال وحركات دارفور المسلحة ترفضه، وترى أنه «حوار داخلي» بين شركاء الحكم، أو مع قوى بلا وزن. وعلى الرغم من اعتراف بعضها بما توصل إليه الحوار الوطني، فإنها تشكك في مدى التزام الحزب الحاكم به.
وكان الرئيس البشير قد ذكر عشية تنصيب نائبه الأول رئيساً للوزراء بداية الشهر الماضي، أن تشكيل الحكومة الجديدة «مسؤولية كبيرة وصعبة»، لأن «الكيكة صغيرة والأيادي كثيرة»، في إشارة إلى الأعداد الكبيرة من القوى السياسية والحركات المسلحة المشاركة في الحوار الوطني، بيد أنه قال: «الهدف ليس الكيكة وإنما تنفيذ مخرجات الحوار الوطني»، وهو ما يرجح أن تكون الحكومة المزمعة كبيرة الحجم.
الخرطوم تتوقع إعلان حكومة جديدة خلال أيام
البشير يعرض أمام البرلمان اليوم سياساتها
الخرطوم تتوقع إعلان حكومة جديدة خلال أيام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة