أوروبا تمدد عقوباتها ضد 3 سياسيين ليبيين بارزين

إيطاليا تستبق عملية لقوات حفتر بإعلان اتفاق مصالحة بين قبائل الجنوب

مهاجران بنغلاديشيان على متن سفينة إثر إنقاذهما رفقة آخرين من قبل بحارة تابعين لمنظمة غير حكومية إسبانية قبالة السواحل الليبية أمس (رويترز)
مهاجران بنغلاديشيان على متن سفينة إثر إنقاذهما رفقة آخرين من قبل بحارة تابعين لمنظمة غير حكومية إسبانية قبالة السواحل الليبية أمس (رويترز)
TT

أوروبا تمدد عقوباتها ضد 3 سياسيين ليبيين بارزين

مهاجران بنغلاديشيان على متن سفينة إثر إنقاذهما رفقة آخرين من قبل بحارة تابعين لمنظمة غير حكومية إسبانية قبالة السواحل الليبية أمس (رويترز)
مهاجران بنغلاديشيان على متن سفينة إثر إنقاذهما رفقة آخرين من قبل بحارة تابعين لمنظمة غير حكومية إسبانية قبالة السواحل الليبية أمس (رويترز)

قرر الاتحاد الأوروبي تمديد عقوباته ضد ثلاثة مسؤولين ليبيين رفيعي المستوى بتهمة عرقلة محاولات التوصل إلى تسوية سياسية في البلاد، فيما استبقت إيطاليا أمس عملية عسكرية تستعد لها قوات المشير خليفة حفتر للسيطرة على مناطق جنوب البلاد، بالإعلان عن رعايتها في العاصمة روما اتفاق مصالحة بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو الموجودتين في جنوب ليبيا، ينص على ضبط حدود هذا البلد الجنوبية حيث يتكثف نشاط مهربي المهاجرين.
وأعلن المجلس الوزاري الأوروبي عقب اجتماع عقده بمقره في العاصمة البلجيكية بروكسل تمديد العقوبات التي سبق أن أصدرها العام الماضي لستة أشهر إضافية، ضد المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان الموجود في شرق ليبيا، بالإضافة إلى نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (لبرلمان) السابق والمنتهية ولايته، وخليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الموالية له.
وتعني هذه العقوبات تجميد الأصول المالية وحظر السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي، الذي يؤيد حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس برئاسة فائز السراج.
وردا على هذه العقوبات التقى رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح أمس مع ممثلي بلديات الجنوب وقبائل ليبية الذين قدموا له شهادة تكريم وسلموه درعا على ما وصفوه بـ«مواقفه الوطنية الثابتة والصادقة».
وقال المستشار الإعلامي لعقيلة في بيان له، إن الوفود أعربت أيضا عن رفضها تمديد العقوبات الجائرة بحقه من قبل مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي، واعتبروا هذه التصرفات «ظالمة، لأن ما يقوم به يعبر عن إرادة الشعب الليبي».
في المقابل، نفى عمر حميدان المتحدث الرسمي باسم برلمان طرابلس المنتهية صلاحيته أن يكون رئيسه نوري أبو سهمين قد استقال من منصبه، مؤكدا أنه يمارس عمله بهدوء بعيد عن الأضواء. وأضاف أنه «يفعل ذلك لسببين، الأول أنه لا يريد أن يكون شماعة يعلق عليها فشل الاتفاق السياسي والثاني يتعلق بالأوضاع الأمنية وما تقتضيه من تحوط أمني». وتابع: «أبو سهمين لم يستقل من منصبه، فهو ما زال رسميا رئيس المؤتمر الوطني، والغويل رئيس حكومة الإنقاذ يستمد شرعيته من المؤتمر».
من جهته، أعلن العميد محمد أحمودة قائد غرفة عمليات سرت الكبرى التابعة لقوات حفتر، أن القوات بدأت بالفعل تحركها العسكري لاستعادة السيطرة على الجنوب الليبي وتحريره من الجماعات الإرهابية، لافتا إلى أن هذه المنطقة تشهد تسرب الإرهابيين منها إلى دول الجوار. وأضاف في تصريحات صحافية له أمس: «إذا نجحت قواتنا في السيطرة على منطقة الجنوب، والتحمت مع قوات في مناطق أخرى فلن تكون هناك أي مشكلة».
لكن وزارة الداخلية الإيطالية أبلغت في المقابل وكالة الصحافة الفرنسية أنه تم أمس إبرام اتفاق سربته الصحف الإيطالية التي تحدثت عن اتفاق من 12 بندا اختتم مفاوضات سرية ماراثونية استمرت 72 ساعة في روما. وصرح وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي لصحيفة لا ستامبا بأنه «سيتم تشكيل قوة من حرس الحدود الليبيين لمراقبة 5000 كلم من الحدود في جنوب ليبيا»، معتبرا أن «ضمان أمن الحدود الجنوبية الليبية يعني ضمان أمن الحدود الجنوبية الأوروبية». وسيكمل هذا الجهاز الذي لم يحدد عدد أفراده حتى الآن عمل قوات خفر السواحل الليبيين شمالا الذين ستزودهم إيطاليا عشرة زوارق سريعة.
وجمع اللقاء في روما نحو 60 من شيوخ القبائل خصوصا التبو وأولاد سليمان بحضور ممثلين عن الطوارق وكذلك ممثل عن حكومة الوفاق الوطني الليبية التي تتخذ من طرابلس مقرا.
تهدف مبادرة الوساطة الإيطالية إلى مكافحة «اقتصاد مبني على التهريب يؤدي إلى مئات القتلى في البحر المتوسط وآلاف البائسين الباحثين عن حياة أفضل، والتصدي لصعود الشعبوية (في أوروبا) والتهديد الجهادي في الصحراء»، بحسب الوثيقة الختامية للاجتماع التي نشرتها صحيفة «كورييري ديلا سيرا». كما ينص الاتفاق على التعهد باستحداث فرص للتدريب المهني للشباب «لإبعادهم عن وسيلتهم الوحيدة للبقاء، أي حياة الجريمة».
ومنذ انتهاء الثورة التي أطاحت بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 تشهد ليبيا حالة من الفوضى، تتخللها صراعات قبلية في جنوب البلاد الصحراوي الشاسع للسيطرة على المناطق الحدودية التي تستخدم لنقل الأغذية والمواشي، وكذلك تهريب المهاجرين والدخان والمخدرات والأسلحة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».