لا يخلو برنامج سياحي لزوار الإسكندرية من زيارة قلعة قايتباي أو محطة الرمل، وأيضاً قلعة الفول والفلافل فيها مطعم «محمد أحمد»، وهو في الحقيقة أشهر مطاعم الفول والفلافل على الإطلاق؛ كونه يقدم مذاقاً مميزاً للفول الإسكندراني والفلافل الساخنة الطازجة التي لا يمكن نسيان مذاقها، فمنذ نشأته المصرية عام 1957 تزداد شهرته يوماً بعد يوم، ليس فقط بسبب المشاهير الذين اعتادوا زيارته مهما كانت مناصبهم؛ بل لكون جودة الطعام والخدمة تعتبر من أروع ما يمكن، ناهيك عن ديكورات المكان البسيطة التي تشعرك بدفء مصر.
في قلب محطة الرمل وتحديداً في شارع شكور، وهو شارع صغير متفرع من شارع سعد زغلول، يقع المطعم الأثير، حيث ستدلك رائحة الفلافل على مكانه وأيضاً العشرات المتهافتين لشراء وجبة ساخنة. لهذا المطعم قصة جميلة أيضاً، فهو منذ أن افتتح وكان نشاطه الفول والفلافل، ولكن كان ملكاً لمصري يهودي يدعى بنيامين، وكان المطعم يقع أمام المدرسة الإسرائيلية للبنات، ويمكنك قبل أن تدخل لجنة الفول والفلافل أن تلقي نظرة على اللافتة العبرية والعربية المنقوشة على المدرسة المواجهة له.
يشتهر «محمد أحمد» بتقديم الأكلات الشعبية المصرية، ومنها الفول والفلافل بالطريقة الإسكندراني، حيث تضاف لهما نكهات معينة، الفلافل لدى محمد أحمد غنية بالخضرة فهي خضراء داكنة من الداخل ومن الخارج طبقتها البنية الكثيفة المقرمشة ستجعلك تلتهم منها عدة أقراص دون توقف، وننصح بتجربة طبق البصارة الرائع والبيض المقلي بطرق مختلفة والباذنجان المقلي والمخلل، وبالطبع لا يمكن أن تغادر محمد أحمد دون تجربة الفول «الإسكندراني» بالثوم، فهو طبقه الأشهر.
تميز المطعم ليس فقط في المذاق الخاص لمأكولاته، وإنما يمتد تميزه ليشمل قائمة الطعام، إذ طبع عليها القائمون على المحل تواقيع وكلمات لأشهر مَن تناولوا طعامهم فيه، ومنهم الملكة صوفيا ملكة إسبانيا والفنان الكبير فؤاد المهندس والمغني العالمي ديميس روسوس، والأديب الكبير نجيب محفوظ، وفنان الكاريكاتير مصطفى حسين.... وغيرهم. وأول ما يلفت الانتباه عند دخول المطعم حالة الانضباط والسرعة والحب التي تملأ المطعم، فكل العاملين لا هَمّ لهم سوى إرضاء الزبون، والعناية بطاولته كما لو كان في أرقى الفنادق العالمية، وبرغم الزحام الشديد وضغط العمل لا يمكن أن يُقدَّم لك طبق بارد أو غير طازج؛ لذا إذا أردت تناول الطعام بالمطعم قد يكون عليك الانتظار لما يقارب الساعة حتى تجد طاولة. فهناك مقولة شهيرة عنه «إذا زرت الإسكندرية فألقِ نظرة على البحر ثم تناول الفول السكندري عند محمد أحمد».
صاحب المطعم السبعيني محمد أحمد يباشر العمل يومياً، ويروي لـ«الشرق الأوسط» قصة المطعم وسر استمراريته: «كنت أعمل في مطعم آخر للفول والفلافل قبل أن أبدأ مشروعي عام 1957 وكان المحل أصغر مما هو عليه الآن بكثير، وكان ملكاً لعائلة يهودية وكان اسمه (بنيامين)، ولكن حالياً أصبحت شهرته عالمية بسبب حرصنا على الجودة فيما نقدمه، لهذا أصبح مقصدا للكثير من المشاهير في مجالات السياسة والفن والأدب، تساندني أسرتي، زوجتي وابنتي وزوجها في الحفاظ على تاريخه».
ويضيف: «زارتني الملكة صوفيا ملكة إسبانيا عام 1989 وقضت هنا نحو ساعتين، وقالت لي إنها كانت تأتي مع شقيقها ملك اليونان وأسرتها لتناول الفول والفلافل والبصارة والباذنجان، أيضاً المغني العالمي ديميس روسوس عام 1998، وهم (سكندريو الأصل)، ولا أنسى بالطبع الأديب المصري الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ، ورسام الكاريكاتير مصطفى حسين، والمخرج الراحل صلاح أبو سيف، وكثيرين من نجوم السينما الشباب».
ضيوف وزبائن محمد أحمد أمراء ووزراء وسفراء إلى جانب العمال المكافحين والفنانين والسائحين من مختلف أنحاء العالم، لكن الضيف الذي لا يمكن نسيانه كما يقول محمد أحمد: «الفنان الكوميدي الراحل فؤاد المهندس؛ لأنه كان دمث الخلق وخفيف الظل وغاية في التواضع»، وقد خلد المهندس هذه الزيارة وكتب تعليقاً بعد تناول الطعام قال فيه: «كلمتين وبس... الفول يجنّن»؛ وذلك على نهج برنامجه الإذاعي الشهير «كلمتين وبس»، وقام محمد أحمد بطبعها على قائمة الطعام مع رسوم كاريكاتورية للراحل مصطفى حسين، وكلمة بخط نجيب محفوظ كتب فيها: «شكراً للمحل الجميل وصاحبه الكريم... وتحية للعشاء الذي ستبقى متعته معنا طويلاً». وبالتأكيد بعد تلك التجربة التي تنعش حواسك سوف تتكرر زياراتك للإسكندرية وفول محمد أحمد. يمكن زيارة محمد أحمد في أي وقت على مدار اليوم، إلا أن أفضل وقت لزيارة محمد أحمد في الصباح الباكر بعد جولة سير على كورنيش الإسكندرية، واستنشاق الهواء العليل.
{محمد أحمد}... أشهر مطاعم الفول والفلافل في مصر
عشقه فؤاد المهندس ونجيب محفوظ ومن زواره ملكة إسبانيا وملك اليونان
{محمد أحمد}... أشهر مطاعم الفول والفلافل في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة