القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب تتصدران لقاءات ترمب مع ثلاثة زعماء عرب

خبراء ومحللون يستبعدون ضغطاً أميركياً على القاهرة لتنفيذ إصلاحات سياسية

القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب تتصدران لقاءات ترمب مع ثلاثة زعماء عرب
TT

القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب تتصدران لقاءات ترمب مع ثلاثة زعماء عرب

القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب تتصدران لقاءات ترمب مع ثلاثة زعماء عرب

يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالبيت الأبيض خلال الأيام المقبلة كلا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويتوقع المحللون أسبوعا عاصفا بالمحادثات حول القضايا الإقليمية، والعلاقات الثنائية وبرامج المعونات الاقتصادية والعسكرية وجذب الاستثمارات.
ويستقبل الرئيس ترمب الرئيس السيسي يوم الاثنين في حين يجتمع مع العاهل الأردني يوم الأربعاء وعباس في موعد لاحق. وترى الإدارة الأميركية أن كلا من مصر والأردن لاعبان مهمان في دفع جهود عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي جهود مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وهزيمة «داعش» وحل القضايا الإقليمية الساخنة، مثل الأزمة السورية والوضع المتدهور في ليبيا والصراع في اليمن. ويحمل كل من الرئيس السيسي والملك عبد الله توقعات مرتفعة في مجال تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس ترمب.
وأبدى مسؤول في البيت الأبيض ترحيبا حارا لاستقبال كل من الرئيس المصري والعاهل الأردني، وأشار في مؤتمر عبر الهاتف مع صحافيين صباح أمس إلى أن إدارة ترمب تأمل في استغلال الزيارة التي يقوم بها الرئيس المصري لإعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وواشنطن. وقال المسؤول إن قضايا الأمن ستكون من الموضوعات التي ستطرح في النقاشات بين الرئيسيين، وقال: «لدينا علاقة طويلة الأجل مع مصر، وسيدور النقاش حول تحسين وتطوير العلاقات، حيث تريد واشنطن تلبية احتياجات مصر بشكل شامل». وأضاف: «المصريون أوضحوا لنا اهتمامهم بتقوية الوضع الأمن، وأتوقع أن تجري محادثات حول إقامة نظام أمنى قوي وسبل مكافحة الإرهاب وهزيمة (داعش)».
وأشار المسؤول بالبيت الأبيض إلى احتمالات التطرق في المناقشات إلى قضية التدفقات المالية (CFF) التي تسمح لمصر بشراء معدات دفاعية عسكرية بالائتمان، وهو البرنامج الذي قررت إدارة الرئيس السابق أوباما إنهاءه بحلول عام 2018. وأوضح المسؤول بالبيت الأبيض، أن واشنطن تتطلع أيضا لزيارة العاهل الأردني ومناقشة العلاقات الثنائية وسبل هزيمة «داعش» وتقديم الدفع الكافي لاستئناف محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية. وقال البيت الأبيض في بيان صباح أمس إن الرئيس ترمب يتطلع للترحيب بالعاهل الأردني يوم الأربعاء، حيث سيتبادل الجانبان النظر حول مجموعة من المصالح المشتركة في الشرق الأوسط، بما في ذلك أفضل السبل لهزيمة «داعش» وإنهاء الصراع في سوريا وتعزيز السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتعاون الأميركي الأردني لتعزيز السلام والازدهار في الشرق الأوسط.
وسيصل الملك عبد الله إلى واشنطن الثلاثاء. وكان الملك عبد الله قد التقى الرئيس ترمب بشكل غير رسمي الشهر الماضي، أكد خلاله العاهل الأردني أهمية المضي قدما في حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، كما تحدث في القمة العربية التي عقدت بالبحر الميت، محذرا بأن السلام لن يتحقق في الشرق الأوسط إلا بإقامة دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين.
ومن المتوقع أن يستقبل الرئيس ترمب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الأسابيع المقبلة، حيث لم يعلن البيت الأبيض موعد اللقاء بعد، في حين أشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى قناعة لدى الرئيس ترمب بإمكانية استئناف المفاوضات، والتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
من جانب آخر، أبرزت بعض الصحف الأميركية التوقعات العالية لتحسين العلاقات المصرية الأميركية التي تترقبها مصر من زيارة السيسي لواشنطن، ومحادثاته مع ترمب ومسؤولي الإدارة الأميركية والمشرعين في الكونغرس. وتساءل إريك تراجر، الباحث السياسي، في مقاله بصحيفة «وول ستريت» حول قدرة ترمب تحويل الترحيب الحار بالرئيس السيسي إلى صفقة جيدة للولايات المتحدة.
وأوضح تراجر، أن الإدارة الأميركية تلتقي الرئيس السيسي في أجواء هي الأكثر ودا، مستبعدا أن يقوم ترمب بالضغط على مصر للقيام بإصلاحات سياسية والترويج للديمقراطية، وقد أثنى المسؤولون بإدارة ترمب على مبادرة السيسي لتجديد الخطاب الديني في عام 2015. وقال ديفيد شناكر، مدير برنامج السياسات العربية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: إن زيارة السيسي لواشنطن هي الأولى لرئيس مصري منذ سبع سنوات، حيث قام مبارك بآخر زيارة في أغسطس (آب) 2009. ويتفق كل من الرئيس السيسي والرئيس ترمب في اهتمامهما بمكافحة الإرهاب. وأوضح شناكر، أن مصر تواجه تحديا إرهابيا خطيرا في شبة جزيرة سيناء، حيث يوجد ما يقدر بنحو 600 مقاتل من تنظيم داعش مع هجمات متكررة يشنها التنظيم ضد ضباط الأمن المصري، وتهجير لعدد كبير من العائلات المسيحية في العريش، أكبر مدن شمال سيناء.
وأشارت إليسا ميللر، الباحثة بمعهد أتلانتيك، إلى أن للرئيس السيسي أربع أولويات رئيسية في زيارته واشنطن، منها تأمين الدعم الأميركي لمصر في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز برنامج الإصلاح الاقتصادي. وتقول الباحثة إن «مصر تقدم نفسها باعتبارها دولة على الخطوط الأمامية للحرب العالمية ضد الإرهاب والتطرف، وتصف نفسها بأنها الدولة الأكثر قدرة على مواجهة الآيديولوجية المتطرفة وسط منطقة تجتاحها الصراعات والنزاعات، وتطالب مصر باستمرار المساعدات الأميركية في جهودها لمكافحة الإرهاب، والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، واعتبار تلك المساعدات لمصر مفيدة للمصالح الأميركية في المنطقة، كما تسعى القاهرة إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة».
وأوضحت الباحثة السياسية بمعهد أتلانتيك، أن التحديات الإقليمية ستكون على جدول أعمال ترمب – السيسي، وأبرزها الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وهدف إقامة الدولة الفلسطينية، وتقول: «يسعى السيسي إلى وضع مصر فاعلا إقليميا رائدا في هذه القضية، وقد اجتمع مع الرئيس الفلسطيني في القاهرة قبيل القمة العربية لبحث موقف الإدارة الأميركية، وما يتعلق بملفات الأمن الفلسطيني والتنمية الاقتصادية».
واستبعدت إليسا ميللر أن يأخذ ملف حقوق الإنسان مكانا على جدول الأعمال، وأكدت أن الزيارة ستتيح فرصة مهمة للحكومة المصرية للاستفادة من الخطاب الإيجابي من البيت الأبيض بشأن الشراكة الأميركية المصرية، ومواصلة دفع فكرة إقامة علاقة استراتيجية متجددة، لكن من جانب آخر، طالب نشطاء حقوقيون وباحثون أميركيون إدارة الرئيس ترمب بالتركيز على الملف الحقوقي خلال محادثاته مع الرئيس المصري. في حين أشارت الباحثة السياسية ميشيل دن، بمعهد كارنيجي، إلى أن مشكلات مصر الداخلية ستكون معضلة أمام الولايات المتحدة في الاعتماد على مصر في مكافحة الإرهاب.
وانتقدت دن ارتفاع معدلات التضخم والبطالة في مصر واعتماد استراتيجية لا تستهدف خلق فرص عمل وتحسين التعليم والتدريب، وتتوجه لمشروعات ضخمة مثل العاصمة الإدارية وقناة السويس، وأشارت إلى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة ساندت النظام المصري سواء نظام مبارك أم المجلس العسكري أم مرسي أم السيسي، وقدمت ما مجموعه 77 مليار دولار من المساعدات الأميركية دون أن تستفيد الولايات المتحدة شيئا من هذه العلاقة.
من جانبه، أشار توم مالينوفيسكي، مساعد وزير الخارجية السابق للديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى أن مصر لا تشارك في القتال ضد «داعش» رغم ما قدمته أميركا من طائرات F16، موضحا أن إدارة الرئيس أوباما حاولت توصيل رسائل متعددة لتخفيف القيود على المجتمع المدني، وأن لغة الجسد في لقاء السيسي وترمب يوم الاثنين ستشي بالكثير حول العلاقات المصرية الأميركية في عهد الإدارة الجديدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».