معارك ريف حماة أجلت إخراج الدفعة الثانية من مغادري حي الوعر

مخاوف من التعرّض للقوافل كرد فعل على خسائر النظام

صورة التقطت في بلدة اللطامنة في ريف محافظة حماة لعائلة نازحة تحت وطأة المعارك (أ.ف.ب)
صورة التقطت في بلدة اللطامنة في ريف محافظة حماة لعائلة نازحة تحت وطأة المعارك (أ.ف.ب)
TT

معارك ريف حماة أجلت إخراج الدفعة الثانية من مغادري حي الوعر

صورة التقطت في بلدة اللطامنة في ريف محافظة حماة لعائلة نازحة تحت وطأة المعارك (أ.ف.ب)
صورة التقطت في بلدة اللطامنة في ريف محافظة حماة لعائلة نازحة تحت وطأة المعارك (أ.ف.ب)

أجّلت المعارك المحتدمة في ريف محافظة حماة السورية منذ مساء يوم الثلاثاء الماضي عملية إخراج الدفعة الثانية من «مهجري» حي الوعر في مدينة حمص باتجاه ريف محافظة إدلب، وذلك لخطورة الطريق المتوقع أن تسلكها القوافل، إذ إنها ستمر حُكما بمناطق تشهد اشتباكات عنيفة.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد بتأجيل العملية 48 ساعة، أي حتى يوم الاثنين المقبل، ولفت إلى أن سبب التأجيل هو المعارك الدائرة في ريف حماة، والتي تحول دون وصول القوافل إلى مناطق توجهها. في حين قالت «شبكة شام» الموالية للمعارضة إن «تهديدات وصلت لأهالي حي الوعر باختطاف قافلة المهجرين التي ستمر بمناطق مصياف وشين وريف طرطوس وريف اللاذقية وسهل الغاب - وهي مؤيدة للنظام - وصولاً إلى قلعة المضيق. وهذا الطريق وصفه بعض أهالي الحي بـ«طريق الانتحار» نظرا لكثرة عدد القتلى في صفوف النظام إثر المعارك الجارية في ريف حماة»، بإشارة إلى إمكانية إقدام أهالي المناطق المؤيدة للنظام برد فعل من خلال التعرض لقوافل أهالي الوعر. وأوضحت الشبكة أيضاً أن قرار التأجيل اتخذ بعد عدة اجتماعات عقدت بين لجنة تفاوض الحي وقوات النظام بحضور الوسيط الروسي. وهي لم تستبعد تأخير خروج الدفعة الثانية مجددا الاثنين إذا ما استمر زخم المعارك في ريف حماة.
من ناحية أخرى، أفادت وكالة «رويترز» بأن مسؤولين في مدينة حمص نقلوا عن طلال البرازي، محافظ حمص، قوله إن العملية ستستأنف يوم الاثنين بعد أن قال في وقت سابق إنها ستمضي قدما كما هو مقرر لها السبت. ولقد وصلت أكثر من 40 حافلة الأحد الماضي إلى مخيم شمارق التابع لمدينة إعزاز بريف محافظة حلب الشمالي الخاضع لسيطرة «الجيش السوري الحر» آتية من حي الوعر، وذلك ضمن الدفعة الأولى التي ضمت نحو 1500 شخص معظمهم من النساء والأطفال والمرضى الجرحى، بالإضافة إلى 150 من مقاتلي المعارضة.
جدير بالذكر أن الاتفاق الذي وقّع في الـ13 من مارس (آذار) الجاري بين القيمين على حي الوعر وسلطات النظام بوساطة روسية، وبعد جولات من المفاوضات بين الطرفين، نص على خروج أكثر من 12 ألف شخص من الحي من ضمنهم نحو 2500 مقاتل. وأوضح أن الدفعة الأولى من الراغبين بمغادرة الحي ستخرج بعد أسبوع من توقيع الاتفاق، على أن يبلغ تعدادها نحو 1500 شخص، لتليها دفعة مماثلة كل أسبوع. أما وجهة القوافل، وفق نص الاتفاق، فتتنوع ما بين ريف حمص الشمالي وإدلب وجرابلس، على أن يصار إلى فتح المعابر للدخول والخروج إلى حي الوعر، وأن تشكل لجان تشرف على عملية الخروج.
هذا، ووفق ناشطين في المعارضة، فتحت قوات النظام المعابر لحي الوعر المحاصر سامحة بدخول المواد الغذائية والخضار. كذلك سمحت بدخول وخروج العوائل، بالإضافة لفتح مكتب للأحوال المدنية على أطراف الحي بغرض إكمال الأوراق والمعاملات الرسمية لدى للأهالي، كتسجيل الأطفال وتثبيت الزواج، الأمر الذي أعاد الحياة لشوارع الوعر بشكل كامل. ويذكر أن هذا الحي، كان آخر معاقل المعارضة في حمص، وشهد أعنف الحملات العسكرية مطلع فبراير (شباط) الماضي والتي استمرت حتى مطلع مارس (آذار) الجاري، واستخدمت فيها قوات النظام سلاح الجو بكثافة لم يشهدها الحي منذ اندلاع الأزمة في عام 2011.
وخلال العام المنصرم تسارعت وتيرة الحملة النظامية، وتعد المعارضة السورية ما يحصل «عملية تهجير ممنهجة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.