تونس تحتضن مؤتمراً دولياً للأحزاب اليسارية

يناقش الهيمنة الاستعمارية والنضال لإقامة أنظمة ديمقراطية

وزير الحكومة التونسية يوسف الشاهد رفقة وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري خلال افتتاح فعاليات معرض الكتاب بتونس العاصمة أمس (رويترز)
وزير الحكومة التونسية يوسف الشاهد رفقة وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري خلال افتتاح فعاليات معرض الكتاب بتونس العاصمة أمس (رويترز)
TT

تونس تحتضن مؤتمراً دولياً للأحزاب اليسارية

وزير الحكومة التونسية يوسف الشاهد رفقة وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري خلال افتتاح فعاليات معرض الكتاب بتونس العاصمة أمس (رويترز)
وزير الحكومة التونسية يوسف الشاهد رفقة وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري خلال افتتاح فعاليات معرض الكتاب بتونس العاصمة أمس (رويترز)

بدأ أمس نحو 28 حزباً يسارياً، من 30 دولة، معظمهم من دول عربية، المؤتمر الدولي الثامن الذي ينظمه اللقاء اليساري العربي في العاصمة التونسية، والذي ستنتهي فعالياته مساء غد (الأحد).
ويتزامن هذا المؤتمر، الذي يدوم 3 أيام، مع المؤتمر الوطني للحركات الاجتماعية التونسية، الذي ينظمه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة). وتتداخل الاهتمامات السياسية مع المشكلات الاقتصادية خلال فعاليات هذين المؤتمرين، إذ يتناول مؤتمر اللقاء اليساري العربي مشاريع تقسيم العالم العربي، وإعادة تشكيله، ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد، جنباً إلى جنب مع الملفات الاقتصادية، مع الدعوة إلى تحقيق اقتصاد وطني منتج ومستقل، وتحقيق الوحدة السياسية والاندماج الاقتصادي بين الدول العربية. ويتقاطع في هذا الجانب الاقتصادي مع المؤتمر التونسي الذي يسعى إلى إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية في تونس.
وتولى حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد، وهو الحزب اليساري الذي أسسه القيادي اليساري التونسي شكري بلعيد الذي اغتيل في السادس من فبراير (شباط) 2013، الإشراف على تنظيم مؤتمر اللقاء اليساري العربي في تونس. وفي هذا الصدد، أكد يوسف طرشون، المنسق الإعلامي للمؤتمر، أن الأهداف الرئيسية للمؤتمر الثامن مواجهة العدوانية المقبلة على العالم العربي من الخارج، ومجابهة أفكار التوسع والهيمنة الاستعمارية، إضافة إلى النضال من أجل إقامة أنظمة حكم وطنية ديمقراطية.
وأوضح طرشون أن هذا المؤتمر يعد بمثابة لقاء الالتفاف حول برامج التحرر الوطني، وأنه يناقش أساساً المشاريع الاستعمارية التي تستهدف الدول العربية، مضيفاً أن المؤتمر يحمل دعوة إلى التغيير الديمقراطي، ويطرح علاقة الأحزاب بالأنظمة الحاكمة، في محاولة لإيجاد توازن ما لتلك العلاقة، إلى جانب التنسيق بين الأحزاب اليسارية بهدف إقامة تحالفات وجبهات سياسية واجتماعية.
وسجل المؤتمر حضور ممثلين عن الحزب الشيوعي بكل من لبنان والأردن والعراق وتركيا وفرنسا والهند والسودان، كما حضره ممثلون عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحزب العمال التونسي، وحزب اليسار الأوروبي، والحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية، والاتحاد العالمي للحقوقيين الديمقراطيين، وحركة مقاطعة إسرائيل، والحركة التقدمية الكويتية، وحزب التجمع الوحدوي التقدمي المصري.
وبخصوص برنامج هذا المؤتمر، قال محمد جمور، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الحزب اليساري التونسي)، في تصريح إعلامي، إن المؤتمر سيتناول عدداً كبيراً من الاهتمامات العربية، مثل موضوع «بين اتفاقية سايكس - بيكو ووعد بلفور: مائة عام على المؤامرة»، و«مشاريع التسوية الجديدة للقضية الفلسطينية: مخاطرها والموقف منها»، و«موقع القضية الفلسطينية في انتفاضات الشعوب العربية»، بالإضافة إلى «الإرهاب والحروب الدينية وموقعهما في مشروع الشرق الأوسط الجديد»؛ وهي مواضيع تعكس الكم الهائل من الملفات التي تنتظر أصحاب القرار في العالم العربي، على حد تعبيره.
وبتزامن مع ذلك، ينظم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فعاليات المؤتمر الوطني للحركات الاجتماعية، تحت شعار «تنوّع.. صمود.. تضامن»، بهدف دعم الحركات الاجتماعية السلمية. وفي هذا السياق، قال عبد الرحمان الهذيلي، رئيس المنتدى، لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر الوطني للحركات الاجتماعية يشهد مشاركة ممثلين عن مختلف الحركات الاجتماعية التونسية المطالبة بالحق في الشغل والصحة والتنمية والبيئة السليمة، ويتناول محاور التشغيل الهش، وتأثيره على الاستقرار السياسي والاجتماعي، مؤكداً أن نحو 400 شاب تونسي تعرضوا للمحاكمة جراء المطالبة السلمية بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، واعتبر أن الاقتصاد التضامني والاجتماعي سيطرح خلال هذا المؤتمر كبديل تنموي لحل عدد من الملفات الاجتماعية المستعصية، على حد قوله.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».