انطلاق الاجتماعات التحضيرية لقمة «التحديات» العربية الـ28 بالأردن

لا مقعد لسوريا قبل «التسوية»... ومشروع قرار بدعم الدول المستضيفة للاجئين... ومشاركون دوليون بينهم غوتيريس

اجتماع تحضيري للقمة العربية في منطقة البحر الميت أمس (بترا)
اجتماع تحضيري للقمة العربية في منطقة البحر الميت أمس (بترا)
TT

انطلاق الاجتماعات التحضيرية لقمة «التحديات» العربية الـ28 بالأردن

اجتماع تحضيري للقمة العربية في منطقة البحر الميت أمس (بترا)
اجتماع تحضيري للقمة العربية في منطقة البحر الميت أمس (بترا)

بدأت في الأردن، أمس، الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ28 المقرر انعقادها يوم 29 مارس (آذار) الحالي بالبحر الميت.
وأكد وزير الإعلام الأردني محمد المومني، رئيس اللجنة المنظمة للقمة، أهمية القمة وما يصدر عنها من قرارات للتعامل مع التحديات الراهنة ومخاطر الإرهاب، ولفت إلى أن البنود الاقتصادية والاجتماعية التي ستناقش لا تقل أهمية عن القرارات السياسية لما لها من انعكاسات على منظومة الأمن القومي العربي، التي تؤثر بدورها على قدرة الأمة العربية على مواجهة التحديات ومنها الإرهاب.
وتستمر التحضيرات من 23 إلى 26 مارس، ثم تبدأ اجتماعات وزراء الخارجية يوم 27. وسيبدأ وصول الزعماء يوم 28، قبل انعقاد القمة يوم 29. وأعلن المومني، أن اجتماع كبار المسؤولين توصل إلى قرار مهم تقدمت به الأردن، سيتم رفعه إلى القمة العربية، وهو دعم الدول التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين. وقال إن بلاده تستضيف أكثر من مليون و300 ألف لاجئ سوري منذ عام 2012، ولفت إلى أن الاجتماعات التحضيرية للقمة أعدت مشروع قرار لرفعه إلى القمة بناء على طلب الأردن حول دعم الدول التي تستضيف الأعداد الأكبر من اللاجئين السوريين، والمقدم منها: الأردن ولبنان ومصر.
وقال المومني إن بلاده استقبلت ما يمثل 18 في المائة من عدد سكانها وإن هناك نحو 90 في المائة من اللاجئين السوريين يعيشون في المدن والأحياء باستثناء 10 في المائة فقط الموجودين في مخيمات الزعاترة. وأضاف: «يوجد في مدارس الأردن نحو 180 ألف طالب». وردا على سؤال حول اعتراض بعض الدول، ومن بينها العراق وتونس، على استمرار مقاطعة سوريا دبلوماسيا، قال إن قرار تجميد عضوية سوريا يتعلق بإنجاز ملف التسوية السياسية، ويبقى أن لها مقعدا وعلما على طاولة الاجتماع دون مشاركة. وحول الضيوف المشاركين في القمة قال: «سيكون من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي، وممثلو الاتحاد الأفريقي والأوروبي والروسي».
وأشار المومني، إلى أن كثيرا من التحديات التي تواجه الأمة العربية ترتبط بشكل مباشر بالأبعاد الاقتصادية، وأضاف المومني، في مؤتمر صحافي عقد أمس في المركز الإعلامي في فندق غراند إيست في البحر الميت، حيث بدأت أولى الاجتماعات التحضيرية، لأعمال القمة العربية، أن القمة ليست أمنية سياسية بل ذات بعد اقتصادي مهم ينعكس بشكل مباشر على قدرة الأمة العربية في مواجهة التحديات.
وقال: تم إقرار عدد من القرارات الاقتصادية في اجتماع كبار مسؤولي المجلس الاقتصادي الاجتماعي، لرفعها للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الوزراء الذي سيعقد يوم الأحد المقبل تمهيدا لرفعه للقمة العربية، مؤكدا أن ما تم التوافق عليه اليوم يؤكد ضرورة أن يكون هناك دعم للدول المستضيفة للاجئين.
وحول الوضع في العراق قال: «نحن ندعم جهود الحكومة العراقية بشأن تطهير أراضيها من القوات الأجنبية»، وأكد أن «القناعة العربية واضحة بمساعدة العراق، فمصلحة الأمن القومي العربي بالعراق مستقر وآمن». وحول تدخلات إيران قال: «هناك إجماع عربي برفض تدخلات طهران بالشؤون الداخلية للدول العربية»، وتابع المومني: «نريد أن يكون هناك احترام للشؤون العربية الداخلية، وعلاقات مبنية على الاحترام المتبادل وحسن الجوار».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن عدد الدول التي ستشارك على مستوى القادة والزعماء العرب قد وصل إلى 17 زعيما عربيا، وقد اكتفى الوزير الأردني بالإشارة إلى أن هذه القمة سوف تشهد أكبر تمثيل على مستوى رفيع؛ نظرا للعلاقات المتميزة للأردن مع جميع الدول، ووصف الأجواء التي تسبق القمة بالإيجابية والأخوية، مشيرا إلى أن صعوبة الوضع العربي والتحديات الخطيرة تدفع الجميع بأن يقوم بمسؤولياته في المرحلة الراهنة.
وردا على سؤال حول افتتاح الطريق الدولية بين الأردن والعراق، أكد أن هناك تشاورا بين البلدين، وأن الأمر يعود إلى إنجاز العراق لمعركة الموصل والتطهير من الإرهاب، وأكد رفض كل الدول العربية للتدخل الإيراني في الشأن العربي وطالب بضرورة احترام حسن الجوار وسيادة الدول، وقال إن هذا البند مطروح على جدول الأعمال، وعلمت «الشرق الأوسط» أن دولة الإمارات طلبت عقد اللجنة الرباعية الوزارية المعنية بتدخلات إيران في الشأن العربي، ومن المقرر أن تعقد يوم 27 مارس قبل اجتماعات وزارات الخارجية العرب مباشرة، ومعروف أن اللجنة تضم في عضويتها كلا من السعودية ومصر والبحرين والإمارات.
في السياق ذاته، عقد أمس اجتماع لكبار المسؤولين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجامعة العربية للتحضير لاجتماع المجلس المقرر يوم الأحد المقبل. وأكد أمين عام وزارة الصناعة والتجارة الأردنية يوسف الشمالي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية أن إمكانات وموقع وموارد أمتنا العربية البشرية والطبيعية تدفعنا للسعي نحو الارتقاء بالتعاون الاقتصادي العربي وتنمية الاستثمارات العربية البينية التي لا تتجاوز 20 في المائة لنسبة الاستثمارات العربية مع العالم.
واستعرض المسؤول الأردني ملف التجارة البينية العربية، ووصفه بأنه لا يزال دون طموحات الشعوب العربية، مطالبا بإزالة جميع العقبات والقيود التي تحول دون زيادة نسبة التجارة البينية العربية التي لا تتجاوز في الوقت الراهن 10 في المائة بالنسبة للتجارة العربية مع العالم.
وأكد أن الدور الأردني في هذه القمة لن يقتصر على الرئاسة الدورية لها ولكنه يلتزم أيضا بالعمل على إيجاد الحلول للمشكلات التي تعصف بالمنطقة العربية، مشيرا إلى أن وجود الإرادة المشتركة كفيل بتعزيز العمل العربي المشترك، وبخاصة في هذه المرحلة التي يتطلع فيها الجميع إلى إصدار قرارات تعبر عن طموح الشعوب العربية وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك وتنشيط دور الجامعة العربية ومنظماتها.
وحذر من التحديات غير المسبوقة والظروف التي تمر بها المنطقة والتي يتحتم على الجميع التنسيق والتعاون بما يساهم في توحيد الصف العربي لمواجهة هذه التحديات.
من جانبه، أكد السفير بدر الدين العلالي الأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، أن اجتماع كبار المسؤولين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي يبحث في الملف الاقتصادي والاجتماعي تمهيدا لرفعه إلى الاجتماع الوزاري، ومن ثم إلى القادة العرب يوم 29 مارس الحالي.
وقال إن هذا الملف يجب أن ينعكس مباشرة على المواطن العربي ويشعر به، مؤكدا أهمية أن يفضي هذا الاجتماع إلى بلورة آليات مبتكرة للدفع لمسيرة العمل الاقتصادي التنموي ضمن منظومة العمل العربي المشترك، حيث إن الجانبين، الاقتصادي والاجتماعي، هما الرافعة الأساسية للتعاون والتكامل بين بلداننا العربية.
وينظر المجلس في الاجتماع الذي يستمر يوما واحدا في الملفات الاقتصادية والاجتماعية التي سيتم رفعها للاجتماع الوزاري للمجلس تحضيرا للقمة العربية التي تتضمن، بالإضافة إلى التقرير نصف المرحلي للفترة من (2010 - 2015) للهيئة العربية للطاقة الذرية لتنفيذ الاستراتيجيات العربية للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حتى 2020، إنجازات الهيئة وتقريرا حول الإنجازات والمتطلبات الخاصة بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاتحاد الجمركي العربي ورؤية ومقترحات وتصورات رجال الأعمال العرب لدور منظومة العمل العربي المشترك، والاستراتيجية العربية للبحث العلمي والتكنولوجي والابتكار، والتعاون بين منظومتي الجامعة العربية والأمم المتحدة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.
كما ناقش الاجتماع الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية المعدلة ومشروع إعداد الأحزمة الخضراء في أقاليم الوطن العربي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.