قال رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، أمس الأربعاء، إن بكين لا تريد حربا تجارية مع الولايات المتحدة، وحث على إجراء محادثات بين الجانبين للوصول إلى أرضية مشتركة. متعهدا بأن تبقى بلاده محركا مهما للنمو العالمي، وسط ما يعاني منه العالم من نمو اقتصادي متباطئ، مؤكدا أن النظام المالي الصيني آمن بشكل عام.
وفي تصريحات أدلى بها أمس خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اختتام فعاليات بدء الدورة السنوية الجديدة لأعلى هيئة تشريعية بالبلاد، التي دامت مدة عشرة أيام، قال لي إن الوصول إلى نمو اقتصادي بمعدل 6.5 في المائة خلال العام الحالي «لن يكون سهلا»، وحث على «التوقف التام» للتوقعات التي تتحدث عن الهبوط الحاد للاقتصاد الصيني، مؤكدا أن بلاده قادرة على الحفاظ على نمو متوسط إلى عالي السرعة لوقت طويل في المستقبل.
وأكد أن الأداء الاقتصادي الصيني خلال الأعوام الماضية يجب أن يكون كافيا ليوقف تماما التوقعات بالهبوط الحاد، موضحا أنه بدلا من اللجوء إلى اتخاذ إجراءات تحفيزية كبيرة، قامت الصين بإصلاح مناهج السيطرة الكلية، وترقية الأنماط الصناعية والاستهلاكية، وعززت مصادر النمو الجديدة للمحافظة على الأداء الاقتصادي في حدود مناسبة.
كما أشار إلى ما أنجزته الصين من نجاح في توفير أكثر من 50 مليون فرصة عمل جديدة في المناطق الحضرية خلال السنوات الأربع الماضية، مؤكدا أن الحكومة لن تسمح بأن يعاني أحد مواطنيها من البطالة، وأنها قادرة على ضمان بيئة مواتية لتوفير فرص عمل.
* تحديات وإصلاحات
* واعترف لي بوجود تحديات وصعوبات خلال عملية تعميق الإصلاحات، إلا أنه تعهد بتبسيط الإجراءات الإدارية الحكومية لكبح «التعسف في استعمال السلطة» وتفويض السلطة إلى مستويات أدنى.
كما استبعد إمكانية وقوع بلاده في أي مخاطر اقتصادية، لما لديها من أدوات سياسية تمكنها من مجابهة أي مخاطر في الوقت المناسب، كما أكد أن دعم العولمة والتجارة الحرة هو موقف ثابت للصين، وأن الصين لن تقلل من قيمة اليوان لتعزيز صادراتها، مضيفا أنه نظرا لتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين 74 تريليون يوان (نحو 11 تريليون دولار أميركي)، فإن تحديد نسبة نمو 6.5 في المائة للعام الحالي لا يعني أن معدلات النمو في الصين تتخذ منحى الهبوط، حيث إن المعدلات المستهدفة كافية لتحقيق الهدف بمضاعفة حجم الاقتصاد في 2020 بالمقارنة مع ما كان عليه في 2010، كما أكد مواصلة الحكومة توجيه مزيد من الجهود إلى تحسين جودة وكفاءة الأداء الاقتصادي.
وقال لي إن تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 6.5 في المائة، وهو أقل معدل نمو للصين منذ 25 عاما، سيسمح للبلاد بالتركيز على تحسين جودة وأداء النمو الاقتصادي. مؤكدا: «نرى عوامل غموض متزايدة على الصعيد الاقتصادي الدولي... وبالنسبة للصين فإن جمود التنمية يمثل أكبر خطر على البلاد؛ لذلك من الضروري المحافظة على معدل نمو متوسط لاقتصادنا، وهذا في حد ذاته مساهمة الصين في الاستقرار العالمي».
* سوق مفتوحة
* وأعلن رئيس الوزراء عن تخطيط الصين لربط سوق السندات بين البر الرئيسي الصيني ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة على أساس تجريبي هذا العام، في خطوة سيتم فيها لأول مرة السماح للمستثمرين بالخارج من دخول سوق السندات بالبر الرئيسي الصيني من خلال حساباتهم بسوق السندات في هونغ كونغ، مشيرا إلى أن هونغ كونغ ستكون أول المستفيدين من مثل هذا الترتيب.
من جهة أخرى، نوه لي إلى ما تتمتع به مبادرة تشجيع ريادة الأعمال والابتكار في الصين من حيوية وقوة، وقال إنه خلال السنوات الثلاث الماضية، تم تسجيل دخول أكثر من 40 ألف كيان جديد إلى السوق كل يوم في المتوسط... مما يعني أن هناك أكثر من 10 ملايين كيان جديد تبدأ أنشطتها في السوق الصينية كل عام.
* أرضية مشتركة
* وشدد لي على أن بكين لا تريد حربا تجارية مع الولايات المتحدة، وحث على إجراء محادثات بين الجانبين للوصول إلى أرضية مشتركة. وقال: «نحن لا نريد نشوب أي حرب تجارية بين البلدين... نأمل من جانبنا في أن تستمر هذه العلاقة في المضي قدما في اتجاه إيجابي، بغض النظر عن أي صعوبات تواجهها».
وقالت وسائل إعلام أميركية إن الرئيسين، الأميركي دونالد ترمب، والصيني شي جينبينغ سيلتقيان في فلوريدا الشهر المقبل. وخلال حملته الانتخابية، هدد ترمب بتصنيف الصين «متلاعبا بالعملة»، وفرض رسوم جمركية ضخمة على واردات السلع الصينية، لكنه لم يشرع في تنفيذ أي من التهديدين حتى الآن. وستصدر وزارة الخزانة الأميركية تقريرها نصف السنوي عن العملة في أبريل (نيسان) المقبل.
وبلغ الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة 366 مليار دولار في عام 2015. وقال لي أيضا إن الصين لا تريد فائضا تجاريا طويل الأمد مع الاتحاد الأوروبي، وإن الخلل «سيتحسن بشكل واضح» إذا صدرت أوروبا مزيدا من منتجات التكنولوجيا الفائقة إلى الصين.
وأبقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي طويلا على قيود التصدير كإجراء أمني ضد الصين، ويشمل ذلك مجموعة من المنتجات ذات الاستخدامات العسكرية والمدنية.
وقال لي إن الصين ستواصل دفع إصلاح نظام صرف اليوان ولا تتطلع إلى استغلال انخفاض قيمة اليوان لدعم الصادرات. وتراجع اليوان بنسبة 6.5 في المائة مقابل الدولار في العام الماضي، فيما استنزف البنك المركزي احتياطيات النقد الأجنبي لمنع مزيد من انخفاض العملة.
احتياطيات مستقرة:
وقال لي إن احتياطيات النقد الأجنبي الصينية تكفي لتغطية الواردات ومدفوعات الديون الخارجية، مضيفا أن الاستخدام الطبيعي للنقد الأجنبي من جانب الشركات والأفراد سيكون مكفولا... مؤكدا أيضا أن اليوان سيظل مستقرا بشكل أساسي.
وأشار إلى أن الحكومة الصينية تتعامل مع مخاطر القطاع المالي «بجدية شديدة»، وستمنع انتشار المخاطر المحتملة. مضيفا أنه «مع استمرار نمو الصين بسرعة بين المتوسطة والقوية، نحتاج إلى ربط أحزمة الأمان ومنع أي انفجار حاد للمخاطر المالية».
* تطوير العلاقات مع موسكو
* من جهة أخرى، أكد لي أن تطوير التعاون التجاري بين روسيا والصين له تأثير إيجابي على الوضع في العالم كله، والعلاقة بين البلدين لديها إمكانات كبيرة. وقال إن «العلاقات المتينة والمستقرة بين الصين وروسيا لها تأثير إيجابي على المنطقة والعالم أجمع... والزيادة الكبيرة في حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين منذ بداية عام 2017 تشير إلى إمكانية ضخمة لتعزيز هذا التعاون»، بحسب ما نقلته وكالة «روسيا اليوم».
وأضاف أنه «بالنسبة للشهرين الأولين من هذا العام، ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين بلدينا بشكل كبير، إمكانياتنا التجارية كبيرة، والتكامل بين اقتصادينا عالٍ... أنا واثق من أن الهدف الذي وضعناه للنهوض بالتجارة الثنائية، سيتحقق».
ووفقا للإدارة العامة للجمارك الصينية، ارتفع حجم التبادل التجاري بين موسكو وبكين بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين بنسبة 28.8 في المائة، إلى 11.58 مليار دولار، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وفي نهاية عام 2016، زاد حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين بنسبة 2.2 في المائة إلى 69.525 مليار دولار، وكذلك نمت صادرات الصين إلى روسيا بنسبة 7.3 في المائة إلى 37.297 مليار دولار، في حين انخفضت الواردات من موسكو إلى بكين بنسبة 3.1 في المائة إلى 32.228 مليار دولار.
وفي عام 2014، قال الرئيس فلاديمير بوتين خلال زيارته للصين، إن روسيا والصين تنويان بحلول عام 2020 تحقيق تبادل تجاري بنحو 200 مليار دولار.
* تمرير الميزانية
* وجاء المؤتمر الصحافي لرئيس الوزراء بعد قليل من موافقة أعضاء مؤتمر الشعب الصيني (البرلمان) على تقرير عمل الحكومة وميزانيتها المقترحة. وتتضمن الميزانية المقترحة، زيادة سنوية نسبتها 7 في المائة للإنفاق العسكري للصين، وهي أيضا أقل زيادة في أكثر من عقدين، بحسب «رويترز».
وصوتت أغلبية ساحقة، مما يقرب من 2900 عضو في البرلمان، لصالح تقرير عمل الحكومة والميزانية في ختام الجلسة العامة السنوية للبرلمان، وصوت 14 عضوا فقط ضد تقرير عمل الحكومة، فيما امتنع ثمانية عن التصويت. وسجلت الميزانية 208 أصوات ضدها وامتناع 71 عضوا عن التصويت.