شهدت العاصمة الليبية، طرابلس، أمس، مجدداً، حرب شوارع بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والدبابات والصواريخ، في حين نجح الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، بعد هجوم بري، في استعادة موقعين نفطيين كبيرين شمال شرقي البلاد كانت سيطرت عليهما مجموعات مسلحة منافِسَة، مطلع هذا الشهر. وتركَّزَت الاشتباكات (التي اندلعت بشكل مفاجئ، مساء أول من أمس، واستمرت حتى مساء أمس)، في مناطق سكنية غرب طرابلس، بعدما أعلنت مديرية المدينة الشروع في خُطّة أمنية بالتعاون مع الإدارة العامة للأمن المركزي، وجهاز مباحث العاصمة، لتأمين منطقة الرياضية وحي الأندلس بالإضافة إلى حي قرجي الذي قالت إنه يعاني فراغاً أمنياً.
وقالت المديرية في بيان ثانٍ أصدرته أمس إنها تقوم مع قوات مساندة لها لم تحددها بتطهير منطقة حي الأندلس الكبرى، ممن وصفتهم بـ«الخارجين عن القانون»، وتعهدت باستمرار العملية «حتى يتم طرد العابثين والمعَرقِلين لعمل مراكز الشرطة والنجدة والمرور وبسط الأمن بالمنطقة»، التي دعت سكانها إلى أخذ «الحيطة والحذر».
ووسط حالة من الرعب والفزع، أغلق سكان عدة مناطق، منها الحي الإسلامي وقرقاش وغوط الشعال والدريبي، الشوارع المؤدية إليها بالحواجز والمتاريس، وسط تصاعد في المطالب الشعبية بإخراج الميليشيات المسلحة التي تهيمن على العاصمة بقوة السلاح، منذ نحو عامين، إلى خارجها.
وأغلقت المحال التجارية أبوابها، بينما توقفت حركة المدنيين الذين امتنعوا عن التوجه لأعمالهم أو إلى المدارس، كما سقطت قذائف صاروخية على أحد الفنادق.
وتحدثت مصادر طبية عن إصابة أربعة سكان على الأقل، بينما لم ترد أي تقارير عن سقوط قتلى جراء الاشتباكات، التي شاركت فيها كتيبة ثوار طرابلس بقيادة هيثم التاجوري ضد ميليشيات أخرى محسوبة على مدينة مصراتة. في المقابل، قال مكتب التحري التابع لوزارة الداخلية، إن هناك ما وصفه بانتفاضة من شباب طرابلس ضد الميليشيات المسلحة الآتية من خارجها، مشيراً إلى أنه يتم استخدام الأسلحة بشكل عشوائي. وبينما التزمت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، برئاسة فائز السراج، الصمت، ولم تعلِّق على اشتباكات العاصمة، دعا مارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار، محذِّراً من تعرُّض المدنيين لمخاطر جمة جراء الاقتتال. واعتبر في تغريدة له عبر موقع «تويتر» أن «الاقتتال المستمر في طرابلس يبرهن مرة أخرى على ضرورة أن يكون هناك قوات أمنية موحَّدَة ومهنية تعمل على حماية المدنيين».
وقال الناطق باسم الجيش الوطني الليبي إن الهجوم البري في منطقة الهلال النفطي تم بقوات المشاة الخفيفة، مضيفاً: «اندحر العدو وما زالت المعركة مستمرة والنتائج إيجابية»، على حد تعبيره.
ونقل لـ«الشرق الأوسط» عن غرفة عمليات سرت الكبرى، أنه تمّت السيطرة الكاملة على منطقة راس لانوف والسدرة، ومطاردة العدو إلى ما بعد بن جواد.
من جانبه، أعلن مدير مكتب إعلام الجيش أن «القوات البرية والبحرية والجوية شنَّت هجمات مشتركة لتطهير ميناء راس لانوف من الجماعات الإرهابية»، موضحاً أن المشير حفتر أصدر تعليماته، صباح أمس، ببدء الهجوم الذي يستهدف أيضاً موقع السدرة. وقالت رئاسة أركان القوات الجوية إن طائرة حربية من طراز «ميغ 21» قصفت، أمس، تجمعاً لآليات سرايا بنغازي، بالقرب من مطار راس لانوف، مما أدى إلى تدميرها وهلاك مَن فيها، مشيرةً إلى أن مقاتلة عمودية من طراز «مي 35» استهدفت 7 عربات تابعة للسرايا بالقرب من المدخل الغربي لمنطقة راس لانوف، وتمكنت من تدمير خمسٍ وإعطاب البقية.
وسيطرت «سرايا الدفاع عن بنغازي» على موقع راس لانوف النفطي الذي يضمّ بشكل خاص مرفأً ومطاراً، وكذلك على ميناء السدرة القريب، في حين اكتفى الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر بشنِّ غارات جوية يومية على مواقع سرايا الدفاع، لكن دون التمكُّن من طردها من المواقع الخاضعة لسيطرتها. وكان الجيش سيطر في سبتمبر (أيلول) الماضي على موانئ النفط الأربعة في شمال شرقي ليبيا (الزويتينة والبريقة وراس لانوف والسدرة) التي تؤمن معظم صادرات النفط الليبي، وكانت تحت سيطرة قوة حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق الوطني المعترَف بها دولياً.
وتتشكَّل سرايا الدفاع عن بنغازي عموماً من فصائل إسلامية التوجُّه طردتها قوات حفتر من مدينة بنغازي (شرق)، في إطار حربه على الجماعات الإسلامية المتشددة السائدة شرقاً.
وكانت حكومة السراج قد أعلنت أنها لا علاقة لها بالتصعيد العسكري الذي وقع في منطقة الهلال النفطي، ولم تصدر عنها أي تعليمات أو أوامر لأي قوة بالتحرك نحو المنطقة، منددةً بـ«التصعيد الخطير الذي يحبط آمال الليبيين في حقن الدماء». لكنها أعلنت، الأسبوع الماضي، أنها أعطَتْ تعليماتها لقائد قوة حرس المنشآت النفطية، بتولي مهامه في المواقع التي سيطر عليها المشير حفتر. وينشر الجيش الوطني الليبي المتمركز في الشرق قواتٍ برية، وينفِّذ ضربات جوية، فيما يستعد لمحاولة استعادة ميناءي راس لانوف والسدرة من فصيل منافس يعرف باسم «سرايا الدفاع عن بنغازي».
الجيش الوطني الليبي يستعيد ميناءي رأس لانوف والسدرة
حرب شوارع غرب العاصمة الليبية... والسكان يطالبون بخروج الميليشيات المسلحة
الجيش الوطني الليبي يستعيد ميناءي رأس لانوف والسدرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة