آيرلندا... سوق عقارية متعطشة للبناء

تحتاج إلى 50 ألف منزل جديد سنوياً... والأسعار ترتفع بوتيرة أعلى من التضخم

منزل على الطراز الفيكتوري مع ملحق صغير في الريف الآيرلندي (نيويورك تايمز)
منزل على الطراز الفيكتوري مع ملحق صغير في الريف الآيرلندي (نيويورك تايمز)
TT

آيرلندا... سوق عقارية متعطشة للبناء

منزل على الطراز الفيكتوري مع ملحق صغير في الريف الآيرلندي (نيويورك تايمز)
منزل على الطراز الفيكتوري مع ملحق صغير في الريف الآيرلندي (نيويورك تايمز)

شيد هذا المنزل الفيكتوري الذي تبلغ مساحته 3670 قدماً مربعة، والمعروف باسم «أولد ريكتوري»، في أواخر عام 1870، واستخدم منزلاً لكاهن الأبرشية حتى منتصف القرن العشرين. وهو يبعد مسافة 10 دقائق عن قرية أشفورد، في مقاطعة ويكلو، التي تبعد مسافة 30 دقيقة عن وسط مدينة دبلن في جمهورية آيرلندا. يوصل الباب الأمامي، وهو الباب الأصلي للمنزل، إلى مدخل صغير، وبعد ذلك يوجد البهو. وإلى اليمين توجد غرفة الطعام، وغرفة العائلة، والحمام المجهز بأرفف للكتب (ويسميه مالك المنزل «مكتبة الحمام»). وإلى اليسار من البهو هناك غرفة الرسم الكبيرة. وهناك ممر ينطلق من البهو الداخلي ويؤدي إلى الجزء الخلفي من المنزل، ويتصل بالمطبخ، والمخزن، وغرفة الملابس، وغرفة الألعاب، ثم الحمام الصغير. وهناك سلم داخلي من البهو يؤدي إلى الطابق الثاني، حيث توجد هناك خمس غرف للنوم، بما في ذلك الغرفة الرئيسية ذات الحمام الداخلي الخاص. وتشمل التجهيزات الأصلية في المنزل المدافئ الرخامية، والنوافذ، وأجراس الخدم، والسجلات التي توثق لتاريخ المنزل، وهو معروض للبيع بقيمة 1.6 مليون دولار.
والفرن والموقد الرباعي في المطبخ موجود في مكانه منذ عدة عقود مضت. ويبلغ عمر السقف في المنزل الرئيسي نحو 10 سنوات، ويبلع عمر السقف في المنزل الملحق نحو 15 سنة.
والمنزل الملحق، الذي يفصله الفناء عن المنزل الرئيسي، تبلغ مساحته 1300 قدم مربعة، وتوجد فيه غرفة للمعيشة، وحمام كبير، ومطبخ، إلى جانب حمام آخر صغير في الجزء الخلفي من المنزل، ويمكن الوصول إليه من الخارج. وكانت الغرفة الكبيرة في الخلفية تستخدم كاستوديو للكتابة، ومساحة نوم للأطفال المراهقين. وكان المنزل يعتبر مكاناً جميلاً لتربية الأطفال، كما تقول مورين سوراغان، مصممة الديكورات الداخلية، وهي واحدة من ملاك المنزل.
والمكان بأكمله، الذي تبلغ مساحته الكلية 4 أفدنة ونصف الفدان، يضم كذلك إسطبلات للخيول، ومسبحاً داخلياً، وملعباً، وحديقة مشذبة من أشجار الماغنوليا وأشجار الكينا.
تبعد قرية اشفورد ذات التعداد السكاني البالغ 1500 نسمة، نحو 45 دقيقة بالسيارة عن وسط مدينة دبلن، مما يجعلها من القرى القريبة للغاية. وتنتقل الحافلات من وإلى دبلن، بينما يصل القطار بين دبلن ومقاطعة ويكلو، التي تبعد 4 أميال فقط.
وهناك كثير من المطاعم في قرية أشفورد، إلى جانب متجر صغير للبقالة. ومن معالم الجذب السياحي هناك أنشطة الصيد، وركوب الخيل، وركوب الدراجات، إلى جانب حدائق أوشر الجبلية. وهناك مدرستان على مسافة قريبة من المنزل، في حين يبعد مطار دبلن الدولي نحو 50 دقيقة بالسيارة.
* نظرة عامة على السوق
بعد 10 سنوات من ارتفاع الأسعار التي بلغت ذروتها في عام 2006، ثم بلغت القاع مرة أخرى في عام 2012، تشهد سوق العقارات الآيرلندية حالة من التعافي البطيء، كما قال كيث لاوي، المدير التنفيذي في شركة «دوغلاس نيومان غود»، وهي من الشركات العقارية في آيرلندا. وبدأ التعافي في مدينة دبلن مثل التأثير المضاعف، كما وصفه، حيث وصل أولاً إلى المناطق التي تصلها الحافلات حول المدينة، ثم انتقل إلى بقية أنحاء البلاد.
وارتفعت أسعار العقارات في دبلن بمتوسط يبلغ 65 في المائة منذ عام 2012، ولكنها لا تزال عند مستوى 44 في المائة أدنى من الذروة المتحققة من قبل. وقال لاوي: «أعتقد أن أسعار العقارات تتسق على نحو كبير مع دخول المواطنين ومقدرتهم على الاقتراض».
ومع ذلك، فإن السوق تشهد كثيراً من القضايا، كما أضاف: «حيث ارتفعت الأسعار بوتيرة أسرع من التضخم، وهناك نقص في الإسكان، بسبب أن جهود البناء لا تغطي الطلب، وارتفعت الإيجارات بصورة كبيرة لعدة سنوات على التوالي، مما قلل من القوة الشرائية لمشتريي المنازل المحتملين، وفرض البنك المركزي القيود على الائتمان».
وفي تقرير صادر عن شركة «دافت»، وهي من الشركات العقارية العاملة في دبلن، قدر خبير الاقتصاد رونان لاينوس من جامعة ترينيتي كوليدج، أن آيرلندا تحتاج بين 40 و50 ألف منزل جديد في كل عام بسبب النمو السكاني وتقادم المساكن الحالية. لكن بدلاً من ذلك، فبالنسبة لكل 10 عائلات متكونة حديثاً، كما قال، يتم بناء منزلين جديدين فقط، خلال الفترة الكاملة من 2011 وحتى 2016.
واتخذت الحكومة بعض الإجراءات للتعامل مع هذه التحديات، كما قال لاوي. فهناك برنامج جديد للمنح للمشترين للمرة الأولى، وهو يهدف إلى تحفيز عمليات البناء، وسوف يبدأ البنك المركزي في تخفيف متطلبات الدخل بالنسبة لأولئك الساعين للحصول على الرهن العقاري. ويقول فيليب غوكيان، مدير شركة «شيري فيتزجيرالد» للمنازل والمزارع والعقارات ومقرها في دبلن، والتي تملك حق عرض المنزل المذكور للبيع، إن مشتريي المنازل الفاخرة كانوا مهتمين بشراء المنازل الفاخرة في الأحياء الراقية بوسط دبلن، إلى جانب الضواحي الجنوبية في دالكي وكيليني. وفي مقاطعة ويكلو الريفية، إلى الجنوب من دبلن، كان الشعار السائد «القيمة مقابل المال»، كما قال غوكيان.
وكانت نقطة البدء بالنسبة للمنازل الفاخرة تبدأ عند 750 ألف يورو (810 آلاف دولار)، مقارنة بمليون يورو (1.08 مليون دولار) في دبلن.
* من يشتري في مقاطعة ويكلو الريفية؟
كان هناك انخفاض ملحوظ في الآونة الأخيرة في عدد الأجانب الذين يشترون المنازل في آيرلندا، بما في ذلك في دبلن والأماكن المحيطة بها، كما قال غوكيان، الذي أضاف: «إننا نرى المشتري المحلي يعاود الظهور مرة تلو المرة»، مشيراً إلى الاستفتاء على الخروج البريطاني والجنيه الإسترليني الضعيف، إلى جانب حالة عدم اليقين حول السياسات الأميركية التي أدت إلى انتخابات عام 2016 الرئاسية، معتبراً إياها من جملة الأسباب. وكان المشترون الأجانب يأتون من الولايات المتحدة، وبريطانيا، والصين، واليابان، والقارة الأوروبية، كما قال.
* أساسيات الشراء
يمكن للأجانب شراء الممتلكات في آيرلندا بشكل فعال ومن دون قيود، كما قال مايكل والش، الشريك لدى مؤسسة «بارين والش» القانونية الآيرلندية. ويعمل كل طرف على توكيل المحامي الخاص به.
وأتعاب المحاماة تكون في المعتاد أقل من 1 في المائة من سعر الشراء، وهناك ضريبة القيمة المضافة بواقع 23 في المائة على هذا الرسم.
ويسدد المشتري رسوم الإغلاق بما في ذلك رسوم الدمغة (تقدر بـ1 في المائة على المليون يورو الأولى، و2 في المائة على كل شيء أعلى من مليون يورو) وهي تسدد على القيمة السوقية للمنزل أو سعر الشراء، أيهما أكبر، كما قال والش.
كما يجب على المشتري أيضًا سداد رسوم تسجيل الملكية، التي لا تتجاوز 800 يورو، ورسوم بحوث السجلات العامة للالتزامات أو القضايا التي تتعلق بالرهون العقارية غير المسددة، وتلك الرسوم لا تتجاوز في المعتاد 300 يورو. ويسدد البائع عمولة شركة الوساطة العقارية في غالب الأمر.
وينصح والش بتوكيل محامٍ من أصحاب الخبرة في مجال تأمينات التعويضات المهنية لتغطية قيمة الاستحواذ.
*المواقع الإلكترونية
السياحة في دبلن: (visitdublin.com)
السياحة في ويكلو: (visitwicklow.ie / towns - villages / ashford)
* اللغات والعملات
الغيلية الآيرلندية، والإنجليزية
اليورو (1 يورو = 1.08 دولار)
* الضرائب والرسوم
بالنسبة للعقارات التي تبلغ قيمتها أكثر من مليون يورو (1.08 مليون دولار)، فإن ضريبة الأملاك السنوية تبلغ 1800 يورو (1944 دولار)، و0.25 في المائة من القيمة المضافة التي تتجاوز مليون يورو، كما قال والش.
* خدمة «نيويورك تايمز»



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».