6 أيام تعرفك على لبنان من شماله إلى جنوبه

تبدأ من «ستّ الدنيا» وتختتم في صيدا عاصمة الجنوب

قلعة جبيل - قصر بيت الدين في الشوف - جانب من المتحف الوطني - قلعة صيدا
قلعة جبيل - قصر بيت الدين في الشوف - جانب من المتحف الوطني - قلعة صيدا
TT

6 أيام تعرفك على لبنان من شماله إلى جنوبه

قلعة جبيل - قصر بيت الدين في الشوف - جانب من المتحف الوطني - قلعة صيدا
قلعة جبيل - قصر بيت الدين في الشوف - جانب من المتحف الوطني - قلعة صيدا

لا تعدّ ولا تحصى الأماكن والمواقع السياحية التي في استطاعتك أن تمضي عطلتك فيها، متنقلا في مناطق لبنان من شماله إلى جنوبه. ولتسهيل هذه المهمّة عليك في حال كان بلد الأرز وجهة سفرك، أن تتبع الخطة التالية بحذافيرها لتتذكّر أيام عطلة ممتعة وجميلة لن تنساها مدى العمر، أمضيتها على مدى ستة أيام متتالية في لبنان.
1- اليوم الأول : الوصول إلى مطار بيروت
حين وصولك إلى مطار بيروت الدولي في استطاعتك أن تنتقل منه إلى الوجهة التي تريدها إن بواسطة سيارات الأجرة الخاصة به، أو بواسطة أي وسيلة نقل أخرى تختارها شخصيا قبيل موعد الوصول يتمّ حجزها عبر شركات سياحة وسفر تختصّ في هذا المجال في لبنان. ودائما وبواسطة الشركات المذكورة تستطيع أن تبرمج أيام عطلتك في لبنان على مدى الأيام التي ترغب في تمضيتها في ربوعه. ونذكر من بين تلك الشركات: «نخّال»، «وايلد ديسكوفري»، «غازي ومور». وجميعها تعدّ رائدة في مجال السفر والسياحة في لبنان.
بعد استقرارك في بيروت أو في أي منطقة أخرى تختارها، في استطاعتك أن تمضي اليوم الأول من عطلتك على سجيّتك متناولا وجبة غداء أو عشاء لذيذة تستريح فيها من عناء السفر. وفي المناسبة اخترنا لك:
* مطعم «عبد الوهاب» للأكلات اللبنانية:يقع هذا المطعم في واحد من أعرق شوارع العاصمة بيروت في منطقة السوديكو (شارع عبد الوهاب). يتميّز هذا المطعم بتنوّع جلساته التي تتوزّع على مساحة كبيرة تختار منها ما يناسبك. فكما أن هناك جلسات تطلّ على هذا الشارع العريق وتخوّلك من خلف واجهاته الزجاجية الكبيرة أن تمضي وقتا مسلّيا، في إمكانك أيضا أن تنضم إلى زبائنه الذين يستمتعون بتدخين النرجيلة على شرفته في الطابق الثاني منه. يقدّم مطعم «عبد الوهاب» أكلات لبنانية معروفة كالسلطات (تبولة وفتوش وسلطة الراهب)، وأخرى تدخل في خانة المقبّلات الساخنة والباردة (الحمص بالطحينة، والبابا غنوج، واللبنة بالثوم، وورق العنب، والنقانق وأقراص الكبّة). كما في استطاعتك أن تتمتّع بأطباقه الرئيسية من مشاوي (لحم بقر ودجاج وكفتة) وكذلك أطباق الكباب على اختلافها (الحلبي وأورفلي). وتختتم وجبتك بطبق حلوى يعرف هذا المطعم بعدد منها (نمّورة بالقشطة، وغزل البنات مع السحلب، والعثملّية).
2 - اليوم الثاني: رحلة سياحية في بيروت
* صخرة الروشة: تتميّز العاصمة اللبنانية بتنوّع المواقع الأثرية والسياحية الموجودة فيها. وخلال وجودك فيها تستطيع أن تزور أحد أشهر تلك المواقع ألا وهو «صخرة الروشة»، التي تشكّل لوحة طبيعية خلابة تتوسط بحر بيروت، حيث يحلو التمتّع بمنظرها وأنت تتواجد في أحد المقاهي المطلّة عليها.
* المتحف الوطني: يعدّ متحف بيروت الوطني موقعا أثريا رئيسيا في لبنان، وهو يقع في منطقة العدلية على حدود منطقتي بدارو والأشرفية. يحتوي هذا المتحف على آثار تعود لحقبات تاريخية كثيرة بينها حقبة ما قبل التاريخ، إضافة إلى العصور التالية: البرونزي والحديدي والفتح العربي والروماني والبيزنطي. وفي بوتيك المتحف يمكنك اختيار واحدة من مقتنياته كذكرى تحتفظ بها من لبنان، التي ترتبط ارتباطا مباشرا بالأعمال الحرفية اللبنانية وأخرى تتعلّق بتصاميم المجوهرات وشلائح الحرير.
* زيارة أحد من مجمّعاتها التجارية: إذا كنت موجودا في وسط بيروت في استطاعتك أن تزور واحدا من المجمّعات المعروفة فيه (سوق بيروت)، الذي يتضمن لائحة طويلة من المحلات التجارية التي تؤمن لك خيارات واسعة من المشتريات (ألبسة نسائية ورجالية وولادية ورياضية وحقائب وغيرها).
* اختتام اليوم الثاني بعشاء رومانسي: يمكنك اختتام يومك الثاني في بيروت من خلال تناولك وجبة العشاء في واحد من مطاعم وسط بيروت، ولا سيما تلك الموجودة في موازاة منطقة (زيتونة باي) أو في واحد من مطاعم فنادقها، «روف توب» في فندق (فور سيزونز) الذي يقع في الطابق السادس والعشرين ويطلّ على البحر ونادي اليخوت والسباحة (سان جورج). ومن فندق (فينيسيا) اخترنا لك مطعم «موندو» الذي يتّسم بالطابع الإيطالي ويقدّم أطباق هذا المطبخ العريق في جلسة مطلّة على وسط العاصمة.
3 - اليوم الثالث: رحلة إلى مدينة الحرف بيبلوس (جبيل)
تقع مدينة بيبلوس على بعد 37 كيلومترا عن شمال بيروت، وهي تعتبر واحدة من أقدم المدن في العالم وقد اختيرت واحدة من أجمل المدن في العالم العربي العام الفائت. في هذه المدينة تستطيع أن تقضي أجمل أيام عطلتك في لبنان لكونها تعدّ مدينة جامعة لنشاطات ترفيهية عدّة، ومن بينها التجول في شوارع سوقها القديم وشراء التذاكر من محلاتها، وكذلك زيارة قلعتها الأثرية المطلّة على البحر، كما في إمكانك زيارة واحد من متاحفها (الشمع والمتحجرات وذاكرة الزمن). ويمكنك أيضا أن تعرّج على حديقتها البيئية (بيبلوس بارك) التي افتتحت في عام 2011 وتبلغ مساحتها 18 ألف متر.
مطاعم عدّة تتوزّع في مدينة جبيل التي تقدّم أشهى الأطباق وأطيبها (فينيقيا ولوكاندا وبيبي عبد وباب الميناء). وفي ختام يومك في استطاعتك أن تمضيه متنقلا بين ملاهيها الملاصقة لبعضها البعض على مدى مساحة واسعة تعرف بـ(جبيل ديستريكت) في مركز المدينة، حيث يمكنك أن تمضي سهرات مسليّة، ونذكر منها (ليفي وغاردن وعشتار ولوكو).
4 - اليوم الرابع: مغارة جعيتا
لا يمكنك أن تزور لبنان دون أن تعرّج على واحدة من مغاراته المشهورة عالميا «مغارة جعيتا». الرحلة إلى هذه المغارة تعدّ اكتشافا بحدّ ذاته لما تتضمن من تكوّنات طبيعية صنعتها الطبيعة. تنظّم في مغارة جعيتا نزهات تقام بواسطة الزوارق وأخرى يقوم بها زائرها سيرا على الأقدام متنقلا ما بين طابقيها (الأسفل والأعلى)، كما تتضمن متحف المشاهير الذي يقدم بالصوت والصورة محطات مهمة من تاريخ لبنان والعالم، حيث تتعرّف فيه إلى رؤساء الدول والمشاهير من الفنانين والأدباء والمخترعين. التوجه نحو التلفريك والصعود إلى سيدة حريصا، ومن ثم تناول الطعام في واحد من مطاعم جونية يعدّ برنامجا سياحيا غنيّا في استطاعتك القيام به في بلاد الأرز انطلاقا من موقع هذه المغارة.
5 - اليوم الخامس: رحلة إلى «قصر بيت الدين»
يقع «قصر بيت الدين» التاريخي القديم في منطقة الشوف وبالتحديد في بلدة بيت الدين. يعرف هذا المكان بـ«قصر المير بشير» وهو قبلة السياح الأجانب والعرب.
يقسم قصر بيت الدين إلى أربعة أقسام: دار البرّانية: (تضم الغرف العامة) والدار الوسطى (تشكل وسط القصر) ودار الحريم (يضم الغرف الخاصة - الحمام) ومتحف القصر الذي يحتوي على وثائق وصور خاصة بالزعيم الدرزي الراحل كمال جنبلاط. كما يتخلله الميدان الذي يضم «المضافة»، وهو القسم الخاص بالضيوف الذي كانت طبقته الأرضية تستعمل إسطبلا.
ومن «قصر بيت الدين» تتحوّل إلى «قصر موسى» الذي يتضمن عدّة غرف تحكي كلّ واحدة منها قصصا لشخصيّات لبنانية نحتت بالشمع، وكان قد بناه شخص واحد بيديه تحقيقا لحلم طفولة فأصبح من أهم معالم لبنان السياحية.
وفي هذه المنطقة في استطاعتك أن تتناول طعامك في واحد من مطاعمها المعروفة (بيت القمر) في بلدة دير القمر و(شلالات نبع مرشد) في معاصر الشوف و(بيتنا) في منطقة الباروك.
6 - اليوم السادس: رحلة إلى صيدا
تقع مدينة صيدا على بعد 45 كيلومترا إلى جنوب بيروت، وتعتبر من أعرق مدن الساحل اللبناني وتعرف بعاصمة الجنوب. في صيدا يمكنك زيارة قلعتها الأثرية التي تعود إلى القرون الوسطى تحيط بها مزروعاتها وبساتينها المغروسة موزا وحمضيّات. استخدم في بناء هذه القلعة أحجار أبنية تعود إلى حقب سبقت العصر الصليبي، وهي تتضمن إضافة إلى البرج الغربي المطلّ على البحر، المسجد الصغير الذي يقع على مقربة من بقايا كنيسة القلعة الصليبية أيام العهد العثماني.
وفي مطعم استراحة صيدا يمكنك تناول أطباق لبنانية مصنوعة من السمك وثمار البحر (سمك مشوي ومقلي وصبيدح والربيان). ومن المواقع الأثرية الأخرى التي في استطاعتك زيارتها في صيدا «المرافئ القديمة وخاني الرز والإفرنج وقلعة البرّ وتلّة المرّيق» وجوامع «العمري الكبير» و«باب السراي» و«الكيخيا» و«أبو نخلة».



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».