القاهرة تبلغ السراج هاتفياً استمرار وساطتها لحل الأزمة الليبية

حفتر يحقق في فيديو مسيء لقوات الجيش

القاهرة تبلغ السراج هاتفياً استمرار وساطتها لحل الأزمة الليبية
TT

القاهرة تبلغ السراج هاتفياً استمرار وساطتها لحل الأزمة الليبية

القاهرة تبلغ السراج هاتفياً استمرار وساطتها لحل الأزمة الليبية

سعى المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، أمس، لاحتواء أزمة تسبب فيها فيديو تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبره مسيئاً لقوات الجيش، فيما قال رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح عيسى إن قوات الجيش باتت مستعدة الآن لطرد الجماعات الإرهابية من الحقول النفطية، زاعماً أن الموجودين داخل هذه الحقول هم جماعات إرهابية تابعة للمجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة فائز السراج.
وأظهرت مقاطع مصورة في الفيديو شخصاً تم اعتقاله ضمن حملة ضد الخلايا النائمة في منطقة بشر غرب مدينة أجدابيا بالمنطقة الشرقية ويحيط به جنود يبدو أنهم تابعون للجيش الليبي، وهم يحثونه على قول «سيدك حفتر». وأثار الفيديو جدلاً كبيراً بعدما تم تداوله عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، كونه يعيد إلى الأذهان مشهد مواطن ليبي آخر تم قتله بعدما رفض أن يردد عبارة «سيدك القذافي»، في خضم الانتفاضة التي اندلعت ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وطبقاً لما قاله أمس العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط»، فقد صدرت تعليمات من القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر شخصياً بالتحقيق في مقطع الفيديو ومعاقبة كل من ظهر فيه ومعرفة مصير المقبوض عليه.
في غضون ذلك، ظهر حفتر أمس وهو يستقبل بمقره في الرجمة عدداً من أعيان ومشايخ قبيلة المغاربة برئاسة الباشا صالح الاطيوش الذي نجا من محاولة اغتيال أخيراً وخضع للعلاج خارج ليبيا.
وقال مكتب حفتر إن اللقاء يأتي في إطار ما وصفه بتأكيد «الدعم للقوات المسلحة العربية الليبية في حربها على الإرهاب، وبناء دولة القانون والمؤسسات التي ينشدها كل الليبيين».
من جهته، قال عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي الذي يعتبر القائد الأعلى لقوات الجيش أيضاً، إن ما يحدث في الحقول والموانئ النفطية شيء مدبر لإفشال ما تسعى له دول الجوار إلى الوصول لحل، موضحاً أن التدخل في الشأن الليبي هو دعم للمجلس الرئاسي لحكومة السراج من الخارج.
ورأى صالح في مقابلة تلفزيونية مساء أول من أمس نشرت وكالة الأنباء الرسمية مقتطفات منها أمس، أن السراج مجرد مواطن ليبي والمجلس الرئاسي لحكومته فشل ويجب إبعاده عن الساحة الليبية. وتابع: «السراج ليس طرفاً في الحوار الوطني، الطرف الأول في هذا الحوار هو المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته الموجود في العاصمة طرابلس».
وقال إن حكومة السراج لم تنل الثقة بعد من مجلس النواب، مشيراً إلى أن المادة الثامنة لم تُلغَ بعد.
ونفى حدوث تواصل مباشر مع الدول فيما يحصل في الحقول، لافتاً إلى أن «روسيا موقفها واضح معنا وتعترف بشرعية مجلس النواب». وشدد صالح على المفوضية العليا للانتخابات بضرورة الاستعداد قبل شهر فبراير (شباط) المقبل لإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة وانتخاب مجلس النواب الجديد لأن هناك جهات تتدخل لعدم حدوث توافق بين اللبيبين.
واتهم بعض الدول دون تسميتها بالتدخل في الشأن الليبي، وقال إنها «تصنع أشخاصاً يريدونهم أن يسيطروا على ثروات الشعب الليبي». وتابع: «نرفض افتتاح مقر مجلس النواب في طرابلس إلا إذا كنتم تريدون تقسيم ليبيا»، مضيفاً أن «الحل العسكري سوف يكون آخر شيء ونحن إخوة جميعاً والضرورات تبيح المحظورات».
في المقابل، أجرى سامح شكري وزير الخارجية المصري اتصالاً هاتفياً أمس مع فائز السراج رئيس الحكومة المدعوم من بعثة الأمم المتحدة، تناول بحسب الناطق الرسمي باسم الخارجية المصرية تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا. وأكد شكري الأهمية التي توليها مصر لاستقرار ليبيا وقدرة الأطراف الليبية على التوصل إلى توافقات عاجلة تؤدي إلى رأب الصدع القائم بين أبناء الشعب الليبي، ولم الشمل، والخروج من حالة الانسداد القائمة في الأفق السياسي في البلاد.
كما أكد أهمية تعزيز الحوار الليبي - الليبي خلال المرحلة الحالية التي تموج بتحديات جسام، وأن على جميع الأطراف أن يبدوا القدر المطلوب من المرونة من أجل إنجاح هذا الحوار، مؤكداً أن مصر سوف تستمر في القيام بدورها في تشجيع الأشقاء الليبيين على الحوار، وتقريب وجهات النظر فيما بينهم من أجل الوصول إلى الصيغة المثلى لتنفيذ اتفاق الصخيرات.
من جهته، بدأ أمس عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة زيارة مفاجئة، لم يسبق الإعلان عنها إلى العاصمة القطرية. وقالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية إن السويحلي الذي وصل في «إطار زيارة رسمية»، كان في استقباله والوفد المرافق لدى وصوله إلى مطار حمد الدولي عبد المنصف البوري السفير الليبي في الدوحة.
ويترأس السويحلي مجلس الدولة، وهو كيان جديد، أُعلن العام الماضي إنشاؤه من طرف واحد في إطار اتفاق السلام الذي رعته بعثة الأمم المتحدة قبل نحو عامين في منتجع الصخيرات بالمغرب، لكنه لا يحظى في المقابل بأي اعتراف دولي.
ويعتبر السويحلي الذي ينتمي إلى مدينة مصراتة في غرب ليبيا، من أبرز المؤيدين لحكومة السراج، التي تتصارع على السلطة في البلاد مع حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة خليفة الغويل في العاصمة طرابلس وحكومة أخرى في شرق البلاد برئاسة عبد الله الثني.
إلى ذلك، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات جاهزيتها واستعدادها التام لتنظيم أي انتخابات تكلف بها، سواء كانت برلمانية أو رئاسية، والمساهمة في صياغة قوانينها بما يضمن قبولها من جميع الأطراف والأطياف السياسية. وأكدت المفوضية في بيان لها دعمها لأي مبادرات من شأنها أن تعزز الجهود الرامية للخروج من الأزمة السياسية وتحقيق الاستقرار.
ودعت المفوضية الليبيين والليبيات إلى ممارسة حقوقهم السياسية، والتأكيد على حقهم في الانتخاب، وقطع الطريق أمام من يحاول أن يصادر هذا الحق. كما حثت مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام الوطنية على مساندتها للوفاء بالتزاماتها، ودعم جهودها التوعوية الرامية إلى تعزيز حقوق الليبيين السياسية، وحقهم في التصويت والانتخاب.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.