تركيا تصعد ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية

تنافس بين الطرفين على معركة الرقة بعد «إشارة إيجابية» من واشنطن لأنقرة

تركيا تصعد ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية
TT

تركيا تصعد ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية

تركيا تصعد ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية

أعلن الجيش التركي، أمس، أنه قتل 71 مسلحاً كردياً في سوريا، الأسبوع الماضي، في تصعيد للاشتباكات مع «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية التي تسعى إلى السيطرة على مناطق على طول الحدود، فيما استمر التنافس بين الطرفين على الدعم الأميركي لإقصاء أحدهما الآخر من معركة الرقة، بعدما تعهدت واشنطن بإشراك أنقرة في المعركة. وتشعر أنقرة بالقلق تحديداً من «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي بدأ تمرداً قبل 4 عقود داخل تركيا. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أول من أمس، إن قوات بلاده ستضرب «وحدات حماية الشعب» في حال مصادفتها لها في طريقها من الباب إلى منبج. وقال: «في حال عزمت روسيا على حمايتها في منبج وغيرها، فإنّ هذه ستكون مشكلة بالنسبة إلينا، وسنعارض ذلك بكل تأكيد. وبالمقابل، سندعم أي محاولة روسية تهدف إلى تطهير المناطق من عناصر هذا التنظيم».
وبات الوضع في ريف حلب الشرقي معقداً، إذ أصبحت المنطقة تضم «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن وموسكو، وقوات النظام، وقوات «درع الفرات» التركية التي تضم فصائل من «الجيش السوري الحر». ويطرح هذا الوضع تحديات أمام الأخير الذي يحارب هذه الأطراف بدعم تركي، إذ بات شبه محاصر في منطقة طولها 90 كلم وعرضها 50 كلم، بين جرابلس والراعي، في ظل عدم تحقق الهدف التركي بإبعاد القوات الكردية إلى شرق الفرات، وصعوبة مشاركة تركيا في معركة الرقة، بعد أن قطع النظام الطريق عليها. وكان القائد العسكري الذي يشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال جوزيف فوتيل، قد قال إن بلاده تتخذ خطوات لمنع احتمالات الصدام بين تركيا والقوات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة في سوريا. ورداً على سؤال من عضو مجلس الشيوخ البارز جون ماكين، عما إذا كان يؤيد وجهة النظر السائدة بشأن خطر حدوث صدام بين القوتين الحليفتين للولايات المتحدة، قال فوتيل إنه يتفق معها، «ومن أجل هذا نحاول اتخاذ خطوات للحيلولة دون حدوث ذلك». وفيما يعد مؤشراً جيداً لأنقرة، فيما يخص عملية الرقة، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، أن واشنطن تعتزم تنفيذ عملية تحرير المدينة من أيدي مسلحي تنظيم داعش، بالتعاون مع تركيا والشركاء في التحالف الدولي.
وكان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين قد قال، قبل يومين، إن بلاده «ترى مواقف متباينة» داخل الإدارة الأميركية تجاه «الاتحاد الديمقراطي»، من خلال التصريحات الصادرة عنها. وأضاف: «هناك في الإدارة الأميركية من يدعو إلى مراعاة موقف تركيا. وفي المقابل، هناك جهود لمواصلة العمليات في سوريا عن طريق وحدات حماية الشعب الكردية، ولا يوجد قرار نهائي حول المجموعات أو الجهات التي ستشارك في عملية الرقة».
وعقب تصريح الخارجية الأميركية، قالت «قوات سوريا الديمقراطية»، أمس، إن لديها «القوة الكافية» لانتزاع الرقة من «داعش»، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في تأكيد لرفضها أي دور تركي في الهجوم. ونقلت وكالة «رويترز» عن الناطقة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، جيهان شيخ أحمد، قولها في بيان إن «عدد قواتنا الآن في تزايد، خصوصاً من أهالي المنطقة، ولدينا القوة الكافية لتحرير الرقة بمساندة قوات التحالف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.