في لندن... عقارات تزداد أكثر من 10 دولارات كل ساعة

أسعار المنازل البريطانية ترتفع 4.5% خلال فبراير

مناطق ويستمنستر وكينزينغتون وتشيلسي في لندن سجلت قفزات صاروخية في الأسعار خلال السنوات الخمس الماضية (رويترز)
مناطق ويستمنستر وكينزينغتون وتشيلسي في لندن سجلت قفزات صاروخية في الأسعار خلال السنوات الخمس الماضية (رويترز)
TT

في لندن... عقارات تزداد أكثر من 10 دولارات كل ساعة

مناطق ويستمنستر وكينزينغتون وتشيلسي في لندن سجلت قفزات صاروخية في الأسعار خلال السنوات الخمس الماضية (رويترز)
مناطق ويستمنستر وكينزينغتون وتشيلسي في لندن سجلت قفزات صاروخية في الأسعار خلال السنوات الخمس الماضية (رويترز)

في الوقت الذي تشهد فيه السوق العقارية البريطانية حالة من الترقب والقلق بسبب المخاوف من انعكاسات الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي بات وشيكاً، فإن أرقاماً مفاجئة أظهرت أن أسعار العقارات في بعض مناطق العاصمة لندن كانت تسجل طوال السنوات الخمس الماضية نمواً بأكثر من 200 جنيه إسترليني (250 دولاراً) يومياً، أي أكثر من 10 دولارات كل ساعة على مدار اليوم، وذلك طيلة السنوات الخمسة الماضية.
وبحسب دراسة جديدة لسوق العقارات في لندن، صدرت مؤخراً عن شركة «سافيلز»، ونشرها موقع «بزنس إنسايدر»، فإن أسعار العقارات في مدينة لندن كانت تسجل ارتفاعاً خلال الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 2011، إلى ديسمبر 2016، بواقع 105 جنيهات إسترلينية (130 دولاراً) في المتوسط، على أن المناطق الحيوية في وسط لندن كانت تسجل ارتفاعاً أعلى من ذلك بكثير يصل إلى الضعف.
وبحسب البيانات والأرقام التي جاءت بالتقرير، فإن العقارات في مناطق وسط لندن الرئيسية التي يصفها العقاريون بأنها «ممتازة» (Prime)، مثل ويستمنستر وكينزينغتون وتشيلسي، سجلت ارتفاعاً يومياً في الأسعار يتراوح بين 213 و218 جنيهاً إسترلينياً خلال الفترة المشار إليها؛ ما يعني أنها سجلت قفزات صاروخية في الأسعار خلال السنوات الخمسة الماضية.
وبحسب الدراسة، فإنه بينما كان سعر الوحدة العقارية في لندن يزيد بنحو 200 جنيه إسترليني، فإن معدل رواتب الموظفين كان يزيد بنحو نصف جنيه إسترليني يومياً، وتحديداً بواقع 54 بنساً فقط، أي أن الرواتب زادت خلال تلك الفترة بما متوسطه 197 جنيها إسترلينيا، وهو ما يشير إلى أن سكان لندن الذين يعملون فيها يزدادون بُعداً كل يوم عن حُلم امتلاك شقة سكنية أو وحدة عقارية.
ويتبين من الدراسة أن منطقة «باركنغ» في شرق لندن كانت خلال السنوات الخمس الماضية هي الأسوأ حالاً، حيث كانت كل وحدة عقارية فيها تسجل ارتفاعاً يومياً بـ69 جنيها إسترلينيا (85 دولارا)، أما المناطق الأكثر زيادة في الأسعار فكانت في «تشيلسي» و«كينزينغتون»، وكانت كل وحدة عقارية ترتفع بواقع 218 جنيهاً (270 دولارا) خلال تلك الفترة.
وتقول البيانات، إن متوسط سعر العقار في مدينة لندن حالياً يبغ 486 ألف جنيه إسترليني، أما متوسط سعر العقار في بريطانيا ككل فيبلغ 205 آلاف و800 جنيه، أي أن متوسط أسعار عقارات لندن أكثر من ضعف المتوسط على مستوى البلاد بأكملها.
ويُعتبر القطاع العقاري واحداً من أكثر القطاعات الاستثمارية جذباً لرؤوس الأموال الخليجية والروسية والصينية، وغيرها من مختلف الجنسيات في العالم، حيث يتدفق كثير من المستثمرين الخليجيين على بريطانيا للاستثمار في عقاراتها منذ سنوات طويلة، لكن حالة من القلق باتت تعصف بالقطاع العقاري منذ أن صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) من العام الماضي.
في سياق متصل، أظهرت بيانات صادرة عن جمعية البناء الوطنية، ارتفاع أسعار المنازل في المملكة المتحدة، بنسبة 4.5 في المائة، خلال فبراير (شباط) الماضي على أساس سنوي.
وأوضح بيان صدر بنهاية الأسبوع الماضي، أن أسعار المنازل البريطانية ارتفعت 0.6 في المائة خلال فبراير على أساس شهري، ومقابل ارتفاعها عند 0.2 في المائة، خلال يناير (كانون الثاني) السابق له.
وأظهرت بيانات صادرة عن حكومة المملكة المتحدة فبراير الماضي، ارتفاع أسعار المنازل بنسبة 7.7 في المائة في ديسمبر 2016، على أساس سنوي، مقابل توقعات بارتفاع 6.9 في المائة فقط.
إلى ذلك، رجحت تقارير عقارية صدرت مع نهاية العام الماضي، أن وتيرة النمو العقاري ستتجه إلى التباطؤ في بريطانيا خلال عام 2017، في ظل الضبابية التي تكتنف التطورات الاقتصادية، وبخاصة مع الغموض المتزايد حول كيفية تنفيذ المملكة المتحدة لتخارجها المزمع من الاتحاد الأوروبي، الذي سيبدأ في شهر مارس (آذار) الحالي.
وتباطأت سوق العقارات البريطانية عقب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو الماضي، لكن منذ ذلك الحين كان أداء الاقتصاد بشكل عام أفضل مما توقع الكثير من خبراء الاقتصاد وواصلت أسعار المنازل ارتفاعها.
وفي تقريرها مع نهاية 2016، أشارت «نيشن وايد» إلى أن العام الماضي هو أول عام منذ 2008 تزيد فيه أسعار المنازل في العاصمة لندن بوتيرة أبطأ من متوسط نموها في بريطانيا. ويرجع ذلك، بحسب المحللين، إلى أن المشترين خلال العام المنصرم واجهوا الكثير من الضغوط المتزايدة، حيث وجدوا أنفسهم غير قادرين على تحمل زيادات التكاليف بما يفوق إمكاناتهم المادة، وذلك وفقا لجمعية البناء الوطنية.
وارتفعت أسعار المنازل في العاصمة البريطانية بمعدل 3.7 في المائة فقط خلال عام 2016 عن مستواها السنوي السابق، مقارنة بارتفاع بلغت نسبته 12.2 في المائة في عام 2015.
ويرى روبرت غاردنر، كبير الاقتصاديين في «نيشن وايد»، أن «فترة الأداء المبهر للعاصمة البريطانية في القطاع العقاري ربما شارفت على الانتهاء»، مضيفا أن «عددا متزايدا من الناس في لندن وجنوب إنجلترا يجدون أنفسهم خارج أسعار السوق، أو مضطرين إلى الاستدانة والاقتراض بنسب تفوق دخلهم السنوي من أجل دفع تكاليف مسكن، وذلك رغم أن من انخفاض أسعار الفائدة قد ساعدت في خفض تكاليف الرهن العقاري الشهرية»، بحسب ما نقلته وكالة «بلومبيرغ» الإخبارية.
ومنذ التصويت البريطاني لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، شهدت السوق العقارية ضغوطا متزايدة، لكن رغم ذلك لم تكن التأثيرات بالحجم السيئ الذي كان متوقعا عقب التصويت. كما أن زيادة الضرائب العقارية أثرت بدورها على السوق.
وفي تقرير لمؤسسة «هاليفاكس» المالية، التي تعمل بقوة في المجال العقاري، أوضحت مع نهاية العام الماضي أيضا أن الضغوط المالية وتقلص القدرة على تحمل تكاليف السكن في بريطانيا ربما تسفر عن تباطؤ حاد في أسعار المساكن بالعاصمة البريطانية خلال العام الجديد، بأكثر من غيرها.
وأشارت «هاليفاكس» إلى أن التراجع كان السمة الغالبة على أداء لندن العقاري خلال عام 2016، موضحة أن أسعار المنازل الفاخرة، في بعض من الضواحي الثرية في لندن، شهدت انخفاضات حادة بلغت في بعض الأحيان نحو 10 في المائة في عام 2016، كما انخفضت أسعار الأراضي.
فيما أشار موقع «رايت موف» العقاري الشهير إلى أن «الفقاعة العقارية» اللندنية استمرت على مدار شهور العام الماضي في التناقص، متوقعا استمرار انخفاض الأسعار بما يصل إلى نحو 5 في المائة خلال العام الجديد.
وتتوقع «نيشن وايد» أن يشهد العام الحالي نموا يقدر بنحو 2 في المائة في أرجاء بريطانيا كافة؛ وذلك نظرا لمعدل الفائدة القياسي المنخفض ونقص المعروض من المساكن، ما يعزز من نمو الأسعار... لكن مع ذلك، فإن الصورة الكاملة للقطاع العقاري تعتمد بشكل أشمل على التطورات الاقتصادية الكلية لبريطانيا، والتي تشهد مزيدا من الغموض بحسب غاردنر.
ويشير الخبير في تصريحه لـ«بلومبيرغ» إلى أنه «وفقا لأغلب التوقعات، بما فيها الخاصة ببنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، فإن الجميع يتوقع تباطؤ اقتصاد المملكة المتحدة إلى حد ما خلال العام الحالي؛ ما سيسفر عن تأثر سلبي مرجح على أوضاع سوق العمل، ونمو متواضع لأسعار المنازل».
وبدوره، يرى مارتين إليس، الاقتصادي في «هاليفاكس»، أن تباطؤ النمو الاقتصادي البريطاني في عام 2017، سيؤدي غالبا إلى ضغوط على سوق العمل، متوقعا زيادة نسب البطالة... وهو الأمر الذي سيسفر عن إعاقة لا محالة في الطلب على المنازل، وبخاصة إذا تضافر مع ضغوط على القدرة الإنفاقية للمواطنين نتيجة تراجع النمو.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».