حكومة العبادي تلتزم الصمت حيال اشتباكات سنجار

حكومة العبادي تلتزم الصمت حيال اشتباكات سنجار
TT

حكومة العبادي تلتزم الصمت حيال اشتباكات سنجار

حكومة العبادي تلتزم الصمت حيال اشتباكات سنجار

رغم البيانات الكثيرة التي أصدرتها جهات كردية مختلفة على خلفية الاشتباك الذي حدث الجمعة الماضي، بين وحدات حماية سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني مع قوات من البيشمركة السورية (روجافا) في قضاء سنجار، يخيم الصمت الكامل في أغلب الأوساط العربية بشأن ما حدث، إذ لم تصدر حكومة العبادي أو أية قوة سياسية شيعية أخرى أي بيان أو إشارة إلى الحادث، وتعاملت القوى السياسية المختلفة مع الموضوع باعتباره حدثا خارج حدود الدولة العراقية، ولم تعلق أغلب القوى السياسية السنية على الموضوع إلا في حدود ضيقة.
وفي هذا السياق يرى جاسم محمد جعفر، القيادي في حزب «الدعوة الإسلامية» بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، أن الصمت مرده إلى «غياب الدولة هناك». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الدولة العراقية غائبة، الأمور بيد الكرد، هذا أمر واقع، حاولنا جاهدين إرسال قوات حكومية هناك لكن الكرد رفضوا رفضا قاطعا».
بيد أن غياب الدور الحكومي في سنجار لا يبرر برأيه صمت الحكومة، ويؤكد أنه «طالب بأن تكون الحكومة هي البديل عن قوات البيشمركة والعمال الكردستاني». ويقول جاسم محمد جعفر، وهو وزير سابق، إن «الحكومة ليست مع حزب العمال الكردستاني، لكن توجهات داخل الحشد الشعبي ترغب في إيجاد قوة لحماية الإيزيديين ومواجهة النفوذ التركي والبيشمركة الكردية». وبرأيه فإن الحكومة غير معنية بالصراع الإقليمي هناك، لأنها «لم تأت بحزب العمال، إنما أتي بهم من ترك المنطقة والإيزيديين لعناصر (داعش)».
من جانبه، يرى مصدر مقرب من حكومة بغداد، بشأن ما حصل في سنجار، أنها قضية «إقليمية أكثر من كونها عراقية»، وهو يشير ضمنا إلى الصراع بين إيران المرتبطة بعلاقات مع حزب العمال الكردستاني، وتركيا الداعمة للحزب الديمقراطي الكردستاني والقوات التابعة له. ولعل ذلك، يفسر جزئيا حالة الصمت التي تعاملت بها الحكومة العراقية حيال ما حدث. ويقول المصدر الذي فضّل عدم ذكر هويته، إن «حكومة العبادي غير مسيطرة أو مسؤولة عن خطوط معينة»، في إشارة إلى العلاقات التي تربط قيادات «الحشد الشعبي» مع حزب العمال التركي.
لكن قصة «العمال الكردستاني» في العراق أبعد من حادث سنجار الأخير، حيث يقول الناشط السياسي اليساري كامل عبد الرحيم إن الحزب من «أوائل التنظيمات التي فتحت مقرا لها في بغداد، بعد عام 2003». ويقول عبد الرحيم لـ«الشرق الأوسط» إنه كان على رأس وفد من «تجمع 14 تموز» والتقى بهم. ويرى أن انفراط عقد التحالف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال مرده إلى «تغوّل الدور السياسي والعسكري» للأخير في الإقليم.
بدوره، يقول الكاتب المتخصص في الشأن الكردي سامان نوح: «لا شك أن قسما من المشاكل بين الديمقراطي والعمال الكردستاني، سببه العلاقة العميقة بين الحزب الديمقراطي وتركيا، وكذلك العلاقة التي تربط العمال الكردستاني مع إيران».
وإلى جانب اعتراف قيادات بارزة في «الحشد الشعبي» بعلاقاتها بحزب العمال الكردستاني، ثمة معلومات كثيرة تشير إلى أن حزب «الدعوة الإسلامية» بزعامة المالكي التقى ممثلين عن الحزب قبل سنوات، وبقي على تواصل مع بعض ممثليه.
وأبلغ مراسل صحافي ساهم في تغطية عمليات تحرير الموصل «الشرق الأوسط» بأنه شاهد قيادات عسكرية من حزب العمال وهي تزور بانتظام مقر قيادة العمليات المشتركة في الموصل. ومن الواضح أن ذلك يصب بمجمله في إطار صراع المصالح القائمة بين تركيا من جهة وإيران وحلفائها في العراق من جهة أخرى.
وتكشف الاشتباكات التي اندلعت في منطقة سنجار عن الطريقة التي جرت عليها الأمور في عراق ما بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، لجهة أن الجماعات السياسية بمختلف توجهاتها، تبتعد أو تقترب من ملامسة الشؤون السياسية والعسكرية بقدر ما يحققه ذلك من مكاسب في حدودها الضيقة وليس في حدود الإطار العام لمصالح البلاد. فالجماعات الشيعية عموما، تصرفت وكأن الأمر لا يعنيها على الرغم من الاتهامات الكثيرة التي وجهتها جهات كردية حول دور بعضها «التخريبي» في إقليم كردستان. لكن رئيس مجلس محافظة نينوى بشار الكيكي، القريب والمعني بالمشكلة، أصدر بيانا اعتبر فيه وجود حزب العمال الكردستاني في قضاء سنجار «سببا رئيسيا لعدم استقرار القضاء»، مطالبا الحزب بإخلاء مقراته في القضاء وهدد باللجوء إلى «طرق قانونية دولية في حال عدم خروجه».
كما أن هناك زوايا نظر مختلفة إلى حادث اشتباكات سنجار تتبناها القوى المتصارعة السياسية في إقليم كردستان، فالإيزيديون وهم سكان قضاء سنجار، ينقسمون إلى مؤيدين وموالين لحزب العمال الكردستاني التركي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.