«غضب الفرات» تستأنف «تحرير الرقة» وتوقع بقطع طريق دير الزور

سكان الريف يتخوفون من تفجير «داعش» سد الطبقة وإغراق القرى والمزارع

«غضب الفرات» تستأنف «تحرير الرقة» وتوقع بقطع طريق دير الزور
TT

«غضب الفرات» تستأنف «تحرير الرقة» وتوقع بقطع طريق دير الزور

«غضب الفرات» تستأنف «تحرير الرقة» وتوقع بقطع طريق دير الزور

استأنفت «غضب الفرات» عملياتها العسكرية، أمس، ضمن المرحلة الثالثة من معركة تحرير الرقة بعد توقف أسبوع، متوقعة أن تنجح في قطع الطريق بين دير الزور والمدينة خلال ساعات، في وقت يتخوف فيه المزارعون السوريون المقيمون على ضفاف نهر الفرات من أن يقوم «داعش» بتفجير سد الطبقة الذي قد يؤدي إلى إغراق مئات القرى والمزارع.
ويأتي إعلان «قوات سوريا الديمقراطية» عودة عملياتها بعد أيام على إعلان القائد العسكري للتحالف الدولي الجنرال الأميركي ستيفن تاونسند، أن أكرادا سوريين سيشاركون في الهجوم لاستعادة مدينة الرقة السورية من أيدي تنظيم داعش؛ وهو الأمر الذي لطالما شكل خلافا بين الولايات المتحدة وتركيا، التي حذّرت واشنطن من السماح للأكراد بتولي مهمة تحرير الرقة.
في حين قالت غرفة عمليات «غضب الفرات»، إن تعليق العملية كان بسبب سوء الأحوال الجوية، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن التوقف كان نتيجة التعزيزات التي استقدمها تنظيم داعش؛ ما اضطر «قوات سوريا الديمقراطية» إلى إعادة ترتيب خطة معركتها ودراسة الأرض قبل التقدم، وقال لـ«الشرق الأوسط»، الأمر لا يعدو كونه استئنافا للعمليات من دون تسجيل تقدم ملحوظ أو استراتيجي على الأرض.
ووفق بيان صادر عن «غضب الفرات»، فإن العمليات التي بدأت أمس، تستهدف «عزل مدينة الرقة عن دير الزور وإحكام السيطرة الكاملة على المناطق المحاذية لنهر الفرات، والعمل على إجراء تطويق كامل لمدينة الرقة ومحاصرة الإرهابيين فيها، وذلك بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب وبدعم جوي واستشارة مباشرة على الأرض».
و«غضب الفرات»، هو الاسم الذي أطلقته «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يشكل الأكراد أكبر مكون فيها، على معركة تحرير الرقة المعقل الأبرز لتنظيم داعش في سوريا. وأضاف البيان الصادر أمس، أن الأسبوع الماضي «كان فرصة لإعادة النظر في ترتيب قواتنا وإيصالها إلى مستوى عالي يمكنها من التعامل مع الموقف وحساسية المهمة».
وكانت «سوريا الديمقراطية» أعلنت مطلع فبراير (شباط) الماضي بدء المرحلة الثالثة من معركة تحرير الرقة.
في هذا الإطار، قالت نيروز كوباني، المسؤولة في المكتب الإعلامي لـ«وحدات حماية المرأة» «إن العملية كانت قد توقفت نتيجة هجمات تركيا وقوات النظام، إضافة إلى سوء الأحوال الجوية»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «خطة عملية تحرير الرقة تسير كما كان مخططا لها ويبقى الهدف الآن هو عزل الرقة، ومن ثم اقتحامها وهذا الأمر بات قاب قوسين من التحقق». وتوقعت أن تنجح «غضب الفرات» من الوصول إلى نهر الفرات من الجهة الشرقية للمدينة، وبالتالي قطع الطريق بين دير الزور والرقة خلال ساعات بعدما حقّقت العمليات الأخيرة تقدم نحو 9 كيلومترات غرب نهر الفرات.
من جهته، قال أبو محمد الرقاوي، إن المعارك تقتصر على شرق الرقة، ولا يبدو أن قطع الطريق بين دير الزور والرقة في المدى القريب، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استئناف المعركة جاء بعد حصول «قوات سوريا الديمقراطية» على دعم عسكري.
مع العلم، أنه ونتيجة الخلافات بين تركيا وأميركا حول معركة الرقة، كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد وجه تحذيرا لواشنطن بشأن تعاونها مع الأكراد، معتبرا أن مشاركة وحدات حماية الشعب الكردية في معركة الرقة سيعرّض مستقبل سوريا للخطر.
وبحسب «المرصد»، فإن «الأتراك وفصائل درع الفرات باتوا اليوم ميدانياً، مطوقين من الجهات كافة: الأكراد من الجهة الشرقية والجنوبية الشرقية والغربية وقوات النظام السوري من جهة الجنوب». من هنا، يرى أنه «لا يمكنهم الوصول إلى الرقة دون المرور في المناطق تحت سيطرة الأكراد أو قوات النظام»، وهم إذا رغبوا في ذلك، سيكون أمامهم خياران لا ثالث لهما: إما الدخول في مواجهة عسكرية مع الطرفين أو التوصل إلى اتفاق مع أحدهما للسماح بمرورهم.
ويقول رئيس مركز الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول سنان أولغن «هناك بالتأكيد خطر مواجهة. ولكن إذا توجه الجيش التركي إلى الرقة فسيحصل ذلك بناء على اتفاق مع الولايات المتحدة».
ويرى أن «مهاجمة الجيش التركي سواء من (قوات سوريا الديمقراطية) أو من قوات النظام يعني الهجوم على قوة مناوئة لتنظيم داعش، وسيكون لذلك تأثيره على ما هو أبعد من العلاقات مع تركيا ذاتها».
في غضون ذلك، يخشى المزارعون السوريون المقيمون على ضفاف نهر الفرات، أن يقدم تنظيم داعش على تفجير سد الطبقة دفاعا عن معقله الأبرز في سوريا، في سيناريو كارثي من شأنه أن يهدد مئات القرى والمزارع بالغرق.
وارتفعت منذ مطلع العام، وفق الأمم المتحدة، مستويات المياه في نهر الفرات بالقرب من مدينة الرقة التي يخترق النهر شمالها ثم شرقها وصولاً إلى العراق. ويتخوف سكان القرى والبلدات الواقعة غرب مدينة الرقة من أن يعمد التنظيم إلى تفجير سد الطبقة الذي يحتجز المياه على بعد أربعين كيلومترا من مدينة الرقة، في محاولة لعرقلة تقدم خصومهم.
ويقع سد الطبقة على بعد 500 متر من مدينة الطبقة التي تعد معقلاً للتنظيم ومقرا لأبرز قياداته.
وتشكل مدينة الطبقة منذ أشهر هدفاً لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في إطار هجومها نحو الرقة الذي أطلقته في نوفمبر (تشرين الثاني) بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وتمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» من التقدم غرب الرقة، وسيطرت على عشرات القرى والمزارع، لتصبح على بعد خمسة كيلومترات من مدينة الطبقة ونحو أربعة كيلومترات من سد الطبقة.
ويقول الفلاح رحيل حسين المحمود (52 عاما) من قرية بير حسين الحمد: «تتوارد معلومات عن أن (داعش) يعتزم تفجير سد الفرات». ويضيف «إذا حصل ذلك، فإن معظم مناطق الرقة ودير الزور ستغرق، وكثير من المدن والبلدات سيقتلها العطش، وستتلف المحاصيل الزراعية والمواشي»، مناشداً «الأمم المتحدة والعالم التدخل للحفاظ على السد ومنع انهياره، باعتباره يشكل شريان الحياة للمنطقة بالكامل».
وتعتمد المحافظات الواقعة في شمال وشرق سوريا بشكل رئيسي على مياه نهر الفرات لتأمين مياه الشفة لملايين المدنيين ولري مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.
وأوضح مصدر رسمي سوري يعمل في إدارة السد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه «إذا طالت معركة سد الفرات، سيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة جداً على جسم السد وعمله».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.