لبنان: خلافات تهزّ تحالف «القوات اللبنانية» و«التيار الحر» ولا تسقطه

التباين يبدأ بملف الكهرباء ولا ينتهي بسلاح «حزب الله»

لبنان: خلافات تهزّ تحالف «القوات اللبنانية» و«التيار الحر» ولا تسقطه
TT

لبنان: خلافات تهزّ تحالف «القوات اللبنانية» و«التيار الحر» ولا تسقطه

لبنان: خلافات تهزّ تحالف «القوات اللبنانية» و«التيار الحر» ولا تسقطه

لم تتبدل العناوين العريضة التي أرست تحالف حزب القوات اللبنانية و«التيار الوطني الحر»، وأنتجت ما بات يعرف بـ«تفاهم معراب» الذي طوى صفحة الخلافات التاريخية الفريقين المسيحيين التي دامت ربع قرن، لكن مقاربتهما للملفات الداخلية والإقليمية، أظهرت تباعداً في نظرة الطرفين إلى الكثير من الملفات، بدءاً من معالجة أزمة الكهرباء المستفحلة، مروراً بقانون الانتخابات، لكن ذروتها تمثّل في اختلافهما على توصيف سلاح «حزب الله»، الذي يرى فيه التيار الحر أن دوره أساسي ومكمّل لدور الجيش اللبناني، في وقت يعتبر حزب القوات، أنه سلاح غير شرعي ويضرب السيادة الوطنية، لأن أجندته خارجية ويخضع لإمرة إيران وليس الدولة.
ورغم التصريحات العلنية لمسؤولي الطرفين، التي تؤشر إلى أن الفوارق آخذة بالاتساع، يصرّ الفريقان على تثبت توافقاتهما، والتأكيد على أن أي اختلاف لن يهزّ التحالف القائم على أسس وطنية ومسيحية صلبة، وفق ما أشار القيادي في التيار الوطني الحر، الوزير الأسبق ماريو عون، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقات بين القوات والتيار الحرّ ثابتة وراسخة، ولن يستطيع المصطادون بالماء العكر إعادتها إلى الوراء».
ولم يخف عون أن «وجهات النظر المختلفة حول بعض القضايا، لا تفسد للود قضية، لأن التواصل المباشر مستمر بين قيادتي الحزبين، بدليل زيارة (رئيس حزب القوات اللبنانية) الدكتور سمير جعجع إلى قصر بعبدا، ولقائه برئيس الجمهورية العماد ميشال عون». وقال: «لا شكّ أن ملف الكهرباء شائك، ونظرتنا لمعالجته تختلف عن نظرة القوات اللبنانية، فنحن نرفض بيع هذا القطاع الغني الذي يشكل ثروة وطنية، إلى القطاع الخاص ليتحكم برقاب الناس»، مؤكداً أنه «لا مانع من إشراك القطاع الخاص في إنتاج الطاقة الكهربائية، لكننا نرفض خصخصة القطاع بشكل كامل، لا سيما بعدما أصبحنا في مرحلة متقدمة على صعيد الإنتاجية وتفعيل هذا المرفق العام»، لافتاً إلى أن «مشكلة الكهرباء ليست في القطاع، بل بالحاجة إلى الإصلاح الإداري، وعلمنا أن وزير المال (علي حسن خليل) بصدد تقديم دراسة بموضوع الإصلاحات في ملف الكهرباء».
وتسعى القوات اللبنانية إلى عدم التفريط في التحالف الجديد مع التيار الحر، حيث قلل العميد وهبي قاطيشا، مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية لشؤون الرئاسة، من أهمية الاختلاف مع التيار حيال بعض الملفات الداخلية. وأشار في تصريح لـ«الشرق الوسط»، إلى أن «الاختلاف يحصل داخل الحزب الواحد، فكيف بين حزبين؟»، مشدداً في القوت نفسه على «أهمية حلّ أزمة الكهرباء بشكل جذري، لأنها أغرقت خزينة الدولة بالديون». وأضاف: «لدينا مشروع خصخصة قسم من قطاع الكهرباء بالشراكة مع الدولة ليصبح قطاعاً مربحاً»، معتبراً أن «تجربة كهرباء زحلة أثبتت أنها تعطي للدولة ولا تأخذ منها».
وأمس، أكد نائب رئيس «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، أن العلاقة باتت متينة جداً بين «الوطني الحر» و«القوات»، والتحالف بينهما فتح الباب إلى تفاهمات وطنية.
وفي حديث تلفزيوني، أشار إلى أنه «جرى اجتماع بين الوزراء المعنيين من أجل توضيح مقاربة (القوات) لموضوع الكهرباء والتوفيق بين طرحي (التيار الوطني الحر) و(القوات اللبنانية) في هذا الملف، مشيراً إلى أنهما على طريق الاتفاق على المقاربة».
وعن الانتخابات النيابية، لفت إلى أنه «في موضوع قانون الانتخاب نحن و«التيار الوطني الحر» اتفقنا على أكثر من صيغة، وكل ما كان يحصل خلال المسار كان فيه تنسيق بيننا»، معتبرا أن هناك من لديه تحسسات بموضوع قانون الانتخاب يجب تخفيفها لا تعزيزها.
وكان حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ، وقعا ورقة «تفاهم معراب» الذي أعلن فيه جعجع ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، ووقع الطرفان «ورقة النوايا» التي حملت عشرة بنود أبرزها التأكيد على وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في اتفاق الطائف، وتعزيز مؤسسات الدولة والاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعية لحلّ أي خلاف أو إشكال طارئ، وعدم اللجوء إلى السلاح والعنف، ودعم الجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسيادة والأمن القومي، والتزام سياسة خارجية مستقلة، بما يضمن مصلحة لبنان، ويحترم القانون الدولي، وذلك بنسج علاقات تعاون وصداقة مع جميع الدول ولا سيما العربية.
ويسعى الطرفان إلى عدم تظهير نقاط الاختلاف، لا سيما بما خص قانون الانتخابات، ورأى القيادي في التيار الحر ماريو عون، أن «الخلاف حول قانون الانتخابات ليس دقيقاً، فهناك أكثر من 17 مشروع قانون انتخابي يدور البحث حولها، في حين نجد فريقاً لا يريد الوصول إلى قانون جديد، ولو خسر بعض المقاعد، وهناك أيضاً فريق يحاول تعطيل الوصول إلى قانون جديد بدوافع المصالح الشخصية». ولم يخف أن «لكل من القوات والتيار الحر مشروعاً مختلفاً». وقال: «نحن تقدمنا بمشروع القانون الأرثوذكسي (كل مذهب ينتخب نوابه) في حين تقدم حزب القوات بالقانون المختلط (يخلط بين الأكثري والنسبي)، ونحن قدمنا تنازلات باتجاه المختلط، لكن البعض لا يعرف ماذا يريد»، مشيراً إلى أنه «كلما وصل النقاش إلى حلّ معين، يختلقون مشاكل لإفشاله»، داعياً البعض إلى التخلي عن أنانيته».
بدوره تحدث العميد وهبي قاطيشا عن «نقاش دائم مع التيار الحر حول قانون الانتخاب، حيث نلتقي أحياناً على أمور كثيرة، ونختلف أحياناً على أمور كثيرة، لكننا لن نوفر جهداً للتوصل إلى قاسم مشترك». ولفت إلى أن «المسألة الجوهرية التي تشكل نقطة خلاف مع التيار الحر هي النظرة إلى سلاح (حزب الله) ودوره في الداخل والخارج»، معتبراً أن «كلام رئيس الجمهورية الذي اعتبر أن سلاح الحزب هو ضرورة ومكمّل لدور الجيش، أمر لا نوافق عليه، لأنه سلاح غير شرعي». وشدد على أن «الجيش اللبناني قوي بالالتفاف الوطني حوله وهو قادر على الدفاع عن لبنان». مؤكداً أن «تحالف التيار الوطني الحر مع (حزب الله) لا يلزمنا كـ(قوات لبنانية)، فخطابات قادة الحزب وآخرها خطاب أمينه العام حسن نصر الله، وهجومه على الدول العربية يصيب لبنان في الصميم، ويضرّ بمصالح كل اللبنانيين». وقال قاطيشا: «نحن جزء من العالم العربي ومصالحنا الحيوية تمرّ بدول الخليج، ومن يلحق الضرر بعلاقة لبنان مع هذه الدول الشقيقة لن نكون معه، ونراهن على أن يعود إلى رشده».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.