طالبات عربيات يروين تجاربهن التعليمية في أميركا... ومواجهة «الإسلاموفوبيا»

الاحتكاك بالمجتمع وعدم «التقوقع» من أثقل التحديات

طالبات عربيات في الجامعة الأميركية خلال مسيرة
طالبات عربيات في الجامعة الأميركية خلال مسيرة
TT

طالبات عربيات يروين تجاربهن التعليمية في أميركا... ومواجهة «الإسلاموفوبيا»

طالبات عربيات في الجامعة الأميركية خلال مسيرة
طالبات عربيات في الجامعة الأميركية خلال مسيرة

تعتبر الدراسة بالخارج للفتاة العربية أحد التحديات الكبرى في حياتها، خاصة أنها تخرج من نطاق المجتمع المحافظ إلى حد ما بعاداتها وتقاليدها إلى مجتمعات منفتحة، فضلا عن أنها تواجه الصورة النمطية عن المسلمين والعرب، بسبب انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا».
فبالنسبة إلى بعض طالبات الجامعة الأميركية بالقاهرة والوافدات من الدول العربية، تعد الدراسة بالخارج مكوناً تحويلياً في تجربتهن الجامعية، حيث يكتسبن المعرفة داخل قاعة الدراسة، ومن خلال العيش في دولة أجنبية.
زينب الحداد وفاطمة نور الدين وأبرار عبد الله، الوافدات من البحرين، جميعهن بالسنة الثالثة في برنامج منحة قادة الغد بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أتيحت لهن الفرصة للدراسة بالجامعة الأميركية بواشنطن العاصمة، تحت إدارة وزارة الخارجية الأميركية ومنظمة «أمديست».
يقتضي أحد المتطلبات الخاصة بهذا البرنامج الدراسة بالولايات المتحدة الأميركية. وبعد اختيار المرشحات الثلاث ضمن كثير من المتقدمين، قررن جميعاً الدراسة بالجامعة الأميركية بواشنطن، للالتحاق ببرنامج العلوم السياسية، الذي يعد من أفضل البرامج على الإطلاق بالولايات المتحدة الأميركية.
قضت زينب الحداد، تخصص الاتصالات التسويقية المتكاملة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، فصلاً دراسياً في الولايات المتحدة الأميركية، ضمن برنامج منحة قادة الغد.
وعن التحديات التي واجهتها، تقول: «كان أحد أكبر التحديات التي واجهتها هي التعامل مع المفاهيم الخاطئة والمخاوف المقترنة بالعرب. وكان نظرائي من الأميركيين يسألونني عن التقاليد والدين والقضايا السياسية. فقد تحدثنا وتناقشنا، وأعطيتهم إجابات على تساؤلاتهم، كي يتمكنوا من فهم العرب بشكل أفضل ويدركوا كم نحن متنوعون»، وذلك حسبما نقل عنها الموقع الإلكتروني التابع للجامعة الأميركية في القاهرة.
تقول الحداد: «كانت مشاركتي في مسيرة النساء، الحدث الأكثر أهمية بالنسبة لي أثناء دراستي بواشنطن. كامرأة عربية ومسلمة، شاركت في المسيرة لتحقيق هدف ما، ألا وهو التعبير عن النساء العرب والدفاع عن المساواة للمرأة وحقوقها. فقد استقبلنا المشاركون بالمسيرة بترحيب حار، وكان دعمهم للعرب والمسلمين هائلاً. فقد تبددت جميع المخاوف التي كانت موجودة لدي، كمسلمة مسافرة للولايات المتحدة الأميركية، بسبب الجمال الذي شعرت به ورأيته في المشاركين هناك. لقد كانت المسيرة مذهلة بحق إذ كانت تجسيداً للديمقراطية في أبدع صورها».
تشارك فاطمة نور الدين، طالبة العلوم السياسية بالجامعة، شعور الحداد، قائلة: «كان هدفنا في المسيرة تعريف العالم من نكون. نحن متنوعات وقويات وإرادتنا قوية».
وبينما واجهن تحديات كثيرة أثناء وجودهن في واشنطن، مثل بعض المفاهيم الخاطئة والقولبة، تؤكد نور الدين أنهن أيضا قوبلن بكثير من الدفء والحب من الناس، قائلة: «أعتقد أننا محظوظات للغاية؛ لأن الناس بواشنطن العاصمة تتنوع خلفياتها، وبالتالي تتقبل الآخرين».
وتقول أبرار عبد الله: «ساهم سفري للخارج في توسيع آفاقي، وأعطاني فهما جديدا للنظم السياسية الموجودة خارج حدود الشرق الأوسط. كما توسعت شبكة معارفي، وهو الأمر الذي سيساعدني كثيراً من الناحيتين الأكاديمية والمهنية بعد التخرج. ومن المزايا الأخرى للسفر أيضاً نقل تجاربنا الشخصية والمعرفة التي اكتسبناها إلى الجامعة وإلى وطننا».
وتتذكر عبد الله تجربتها في واشنطن، قائلة: «من خلال حديثي مع أُناس من خلفيات، وثقافات، وديانات، وانتماءات سياسية مختلفة، أصبحت على دراية أكبر بشأن كثير من القضايا، مثل: قضايا النوع والدين، واللاجئين والمهاجرين، وغيرها. فقد وسع هذا الفصل الدراسي بالخارج آفاقي ومداركي، وساهم في تطوير شخصيتي. فأنا أشجع الجميع على السفر للخارج، إنها تجربة تستحق العناء».
تتفق عبد الله مع زميلاتها حيث تمكنّ الثلاث من حضور أحداث وفعاليات مهمة، مثل حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وندوات تعليمية عالية المستوى مع سفراء أميركيين وجنرالات بالبحرية ومسؤولين كبار بالحكومة.
وبالإضافة إلى التجربة التعليمية الهائلة التي حصلن عليها بالجامعة الأميركية، أكدت الطالبات الثلاث على إسهام تلك التجربة في تطورهن لوجودهن في واشنطن في مثل هذا التوقيت الحاسم في التاريخ الأميركي. تقول الحداد: «تعتبر واشنطن العاصمة مركز السياسة، وأتاح لنا وجودنا في مثل هذا التوقيت الحاسم في أميركا فرصة لا تسنح للمرء كل يوم. فقد أردنا الاستفادة قدر الإمكان من هذا التغيير الديمقراطي، وأردنا أن نكون جزءاً منه من خلال التعبير عن كل من العرب والنساء. كان من المهم مشاركة الآخرين والاندماج مع هذا المجتمع، فكنا دعاة للعرب، وقدمنا البحرين ومصر والجامعة الأميركية بالقاهرة بشكل إيجابي وقوي».



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.