طالباني يقترع في برلين وتفجيرات ترافق «التصويت الخاص» بالعراق

الجلبي منتقدا المالكي: هناك قناعة لدى الجميع برفض الولاية الثالثة

لقطة من فيديو بثه الاتحاد الوطني الكردستاني أمس لزعيمه الرئيس العراقي جلال طالباني بعد إدلائه بصوته في مركز اقتراع ببرلين
لقطة من فيديو بثه الاتحاد الوطني الكردستاني أمس لزعيمه الرئيس العراقي جلال طالباني بعد إدلائه بصوته في مركز اقتراع ببرلين
TT

طالباني يقترع في برلين وتفجيرات ترافق «التصويت الخاص» بالعراق

لقطة من فيديو بثه الاتحاد الوطني الكردستاني أمس لزعيمه الرئيس العراقي جلال طالباني بعد إدلائه بصوته في مركز اقتراع ببرلين
لقطة من فيديو بثه الاتحاد الوطني الكردستاني أمس لزعيمه الرئيس العراقي جلال طالباني بعد إدلائه بصوته في مركز اقتراع ببرلين

عجزت القوات العراقية عن حماية أفرادها في يومها الانتخابي الخاص أمس، إذ تعرضت إلى سلسلة هجمات بينها سبعة تفجيرات انتحارية داخل مراكز انتخابية قتل فيها 23 شرطيا وجنديا، مما ألقى شكوكا إضافية حيال قدرة القوات العراقية على تأمين الحماية للناخبين خلال الاقتراع العام غدا.

وبعد يوم من بدء العراقيين المقيمين في الخارج التصويت في دولهم، توجه أفراد القوات المسلحة التي يبلغ عددها نحو 800 ألف عنصر منذ الساعة السابعة من صباح أمس إلى 534 مركز انتخاب تشمل 2670 محطة اقتراع في عموم البلاد. وأمام مركز تصويت في مدرسة في وسط بغداد، قال الشرطي أحمد لوكالة الصحافة الفرنسية «أتيت للمشاركة في الانتخابات من أجل العراق ومن أجل تغيير الوجوه التي لم تخدم العراق». وأضاف: «نريد أن نختار أناسا أفضل».

وفي النجف (150 كلم جنوب بغداد)، بدأ أفراد الشرطة والجيش التجمع عند أبواب مراكز الاقتراع قبل نصف ساعة من فتحها وسط إجراءات أمنية تشمل نشر 27 ألف عنصر أمني في المدينة. وقال الشرطي فلاح حسن عبود وهو ينتظر دخول مركز انتخابي في وسط النجف «جئنا نلبي نداء المرجعية وهي فرصة للتغيير. التغيير السياسي بأيدينا»، في إشارة إلى المرجعية الشيعية التي لم تدع للتصويت لطرف سياسي معين إنما للمشاركة سعيا وراء «التغيير».

وشملت عملية التصويت الخاص أمس أيضا المهجرين المسجلين، ونزلاء السجناء وموظفيها، إضافة إلى نزلاء المستشفيات والعاملين فيها. وفي سجن الرصافة الأولى في بغداد حيث يدلي 2500 سجين بأصواتهم، طلب عدد من السجناء الذي كانوا يصوتون من موظفي المحطة توجيهم حتى يصوتوا لصالح رئيس الوزراء نوري المالكي. وقال موظف في وزارة العدل لوكالة الصحافة الفرنسية رافضا الكشف عن اسمه «أنا مندهش من هؤلاء السجناء الذين يرزحون ظلما في السجون، وينتخبون الشخص الذي ظلمهم».

وسرعان ما تحولت مراكز الاقتراع الخاصة بقوات الجيش والشرطة إلى أهداف لهجمات انتحارية، رغم الإجراءات الأمنية المشددة. وقال ضابط برتبة عقيد قي الشرطة ومصدر طبي بأن انتحاريا فجر نفسه داخل مركز انتخابي في منطقة المنصور في غرب بغداد، ما أدى إلى مقتل ستة من الشرطة وإصابة 15 شخصا آخر بجروح. وقتل في مركز انتخابي في منطقة الأعظمية القريبة أربعة من الشرطة وأصيب 15 بجروح في تفجير انتحاري بحزام ناسف.

وفي هجوم مماثل، قتل أربعة من عناصر الشرطة وأصيب 11 بجروح عندما فجر انتحاري نفسه في مركز اقتراع في طوزخرماتو على بعد نحو 175 كلم شمال بغداد، بحسب ما أفاد قائمقام القضاء شلال عبدول. وقام انتحاري ثالث بتفجير نفسه في مركز انتخابي في جنوب كركوك (240 كلم شمال بغداد) ما أدى إلى مقتل ثمانية من عناصر الشرطة وإصابة تسعة آخرين بجروح. وفي مركز انتخابي غرب كركوك حاول جندي منع انتحاري من تفجير نفسه فاحتضنه، لكن الأخير فجر نفسه فقتلا معا.

وحاول انتحاري تفجير نفسه أمام مركز انتخابي في غرب الموصل (350 كلم شمال بغداد)، لكن القوات الأمنية قتلته قبل أن يقوم بذلك، إلا أن انتحاريا ثانيا تمكن من تفجير نفسه في المركز الانتخابي ذاته بعد وقت قصير من الحادثة الأولى، ليصيب ثلاثة شرطيين وجنديين بجروح. وفي الموصل أيضا، أصيب ستة صحافيين بجروح في تفجير عبوة ناسفة استهدفت باصا عسكريا كان ينقلهم إلى مركز انتخابي. واستهدفت عبوة ناسفة أيضا دورية للجيش في غرب كركوك، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين بجروح.

كما قتل جندي وأصيب خمسة جنود وعناصر شرطة بجروح في انفجار عبوة استهدفت موكبا مشتركا كان في طريقه إلى مركز انتخابي في الحبانية قرب مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد)، بحسب مصادر في الجيش والشرطة.

من ناحية ثانية، عد النائب المستقل في البرلمان العراقي والقيادي في ائتلاف «أوفياء للوطن» عزة الشابندر أن «الاتجاه العام للتصويت الخاص سواء كان لعراقيي الخارج أو لمنتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية يمثل إرباكا للمشهد الانتخابي سياسيا وأمنيا وذلك لجهة ما حصل من خروقات واختراقات على صعيد الكثير من المراكز الانتخابية بالإضافة إلى عمليات الضغط التي مورست باتجاه إجبار منتسبي في بعض الأجهزة للتصويت لجهة معينة وقد تم رصدها».

وقال الشابندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك استقتالا من قبل ائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي) في كسب المعركة الانتخابية من دون الحاجة إلى حلفاء لأن التعويل على الحلفاء يضعف فرصها في العودة إلى السلطة ولذلك فإنها تسعى للحصول على أعلى قدر من الأصوات مما يجعل حاجتها إلى حلفاء أقل وبالتالي تبدأ المساومات والضغوطات هناك وهناك». وانتقد الشابندر قيام المالكي وفي يوم التصويت الخاص بـ«توزيع أراض وتمليك شقق الأمر الذي يشكك في مصداقية النتائج التي يمكن أن تفرز عنها الانتخابات».

وفي وقت انهمك المالكي بتوزيع الأراضي السكنية في يوم التصويت الخاص فإن الأمور التي بدت أكثر لفتا للنظر هي إدلاء الرئيس العراقي جلال طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، بصوته على كرسي متحرك في ألمانيا في أول ظهور فيديو له منذ سنتين في وقت كانت قد غرقت البلاد في شائعات كثيرة كان من بينها فرضية موته أو خروجه من المستشفى الألماني إلى مكان مجهول. وبعد عرض مقطع الفيديو، ابتهج أنصار الاتحاد الوطني الكردستاني وعبروا عن فرحتهم بإطلاق النار، مما أدى إلى إصابة الكثير من المواطنين في السليمانية.

وفي السياق ذاته اختفاء السجل الانتخابي لأول رئيس وزراء للعراق بعد التغيير عام 2003 وهو الدكتور إياد علاوي الذي اضطر إلى شد الرحال إلى العاصمة الأردنية عمان للإدلاء بصوته هناك أول من أمس. وقال علاوي، الذي يترأس «ائتلاف الوطنية»، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) «اضطررت إلى السفر من بغداد إلى عمان لممارسة حقنا المكفول دستوريا بالتصويت، وإننا على عهدنا مع الشعب العراقي الكريم سنبقى نكافح من أجل عراق كريم». وأضاف علاوي «لقد قمت بالإدلاء بصوتي جنبا إلى جنب مع أبناء شعبنا (...) لعدم إمكانيتي التصويت داخل العراق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.