قوات النظام في ضواحي تدمر وتوقعات بالحسم خلال ساعات

استقدم المزيد من التعزيزات إلى المدينة و«داعش» ينسحب شرقا

قوات النظام داخل موقع بل الأثري في مدينة تدمر (رويترز)
قوات النظام داخل موقع بل الأثري في مدينة تدمر (رويترز)
TT

قوات النظام في ضواحي تدمر وتوقعات بالحسم خلال ساعات

قوات النظام داخل موقع بل الأثري في مدينة تدمر (رويترز)
قوات النظام داخل موقع بل الأثري في مدينة تدمر (رويترز)

باتت قوات النظام في ضواحي تدمر في محافظة حمص وعلى مسافة نحو 4 كيلومترات من المدينة التي من المتوقع أن تدخلها خلال ساعات وفق ما أعلن أكثر من مصدر في وقت سجّل فيها استقدام المزيد من التعزيزات في إشارة إلى نية النظام حسم المعركة.
ويوم أمس، قال مصدر عسكري من النظام لـ«وكالة رويترز» إن قوات النظام ستدخل مدينة تدمر «قريبا جدا» حيث يسعى لاستعادتها من تنظيم داعش للمرة الثانية خلال عام.
من جهته، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»: «قوات النظام باتت في ضواحي المدينة وتحديدا على بعد مسافة لا تزيد عن أربعة كيلومترات»، مضيفا: «يبدو واضحا أن النظام اتخذ قراره بالحسم في حين أن التنظيم ونتيجة آلاف الغارات الجوية التي تسقط على تدمر وريفها محولة إياها إلى أرض محروقة لم يعد أمامه إلا خيار الانسحاب بحيث بات مقاتلوه يتجهون شرقا نحو منطقة السخنة»، وتوقّع أن تحسم المعركة خلال الساعات القليلة المقبلة.
وقال مصدر عسكري من النظام لوكالة الأنباء الألمانية إن الجيش السوري والقوات الرديفة سيطرت أمس على مثلث تدمر الذي يبعد كيلومترين عن المدينة كما تقدمت مجموعة الاقتحام الأولى باتجاه قلعة تدمر وسط انهيار كبير لمسلحي تنظيم داعش.
وأضاف المصدر أن «مسألة السيطرة على المدينة ودخولها أصبحت مسألة وقت بعد أن باتت مكشوفة أمام قوات النظام السوري، وبالسيطرة على القلعة تعتبر المدينة ساقطة نارياً».
ويوم أمس، قالت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية إن قوات النظام ستحرر المدينة خلال أيام، وسوف تقدم طائرات القوة الجو-فضائية الروسية الغطاء الجوي اللازم لها في هذه العملية.
وقال مصدر رفيع المستوى في الأجهزة السورية المختصة للصحيفة إن قوات النظام تمكنت من استعادة عدد من المرتفعات المهمة حول المدينة. أي أن تحريرها أصبح مسألة أيام. وهذا ما أكده مصدر في الدوائر العسكرية الروسية أيضا.
وقال المصدر السوري إن «المرتفعات هي سلسلة جبال تقع غرب الصحراء. وإن إنجاز هذا الجزء من الخطة سيحدد سرعة تحرير تدمر واستعادتها خلال الأيام المقبلة. كما يجب الإشارة إلى أن الطائرات الروسية تقدم الدعم الجوي اللازم للقوات المهاجمة».
وقد أكد مصدر في وزارة الدفاع الروسية للصحيفة أن طائرات القوة الجو-فضائية الروسية العاملة في سوريا تلعب دورا كبيرا في عملية استعادة تدمر. وأن «الطائرات التي تشترك في هذه العملية هي «سوخوي-24. سوخوي-25»، «سوخوي–30»، «سوخوي-34» وكذلك مروحيات «كاموف-52» والطائرات من دون طيار.
وفقد النظام السيطرة على تدمر في ديسمبر (كانون الأول) بعد أن كان قد استعادها أول مرة بدعم جوي روسي في مارس (آذار) الماضي. وهدم التنظيم خلال سيطرته على المدينة آثارا مدرجة على موقع اليونيسكو للتراث العالمي في خطوة وصفتها الأمم المتحدة بأنها جريمة حرب.
وأظهرت صور على حساب تنظيم داعش على تلغرام مقاتليه وهم يطلقون قذائف صاروخية على قوات النظام ويفتحون نيران دبابة. ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من صحة الصور.
وذكرت «شبكة شام» المعارضة أن قوات النظام والميليشيات المساندة لها، استقدمت تعزيزات عسكرية لمنطقة ريف حمص الشرقي، فيما يبدو أنها تتجهز لشن حملة عسكرية على المدينة الخاضعة لسيطرة التنظيم. ونقلت عن مصادر إعلامية من داخل مدينة تدمر عن تحضيرات وحالة استنفار كبيرة لتنظيم داعش، مع إبلاغ الأهالي بضرورة الخروج منها تحسباً لأي هجوم متوقع من قوات النظام والقوات الروسية والميليشيات المساندة لهم في المنطقة. وكان التنظيم قد سيطر على المدينة للمرة الأولى في 2015، وخلال تلك الفترة دمر آثارا في المدينة منها قوس النصر الذي يرجع تاريخه إلى 1800 عام. وبعد ذلك دمر مقاتلو التنظيم واحدا من أشهر المعالم الأثرية في مدينة تدمر وهو (التترابيلون) أو نصب الواجهات الأربع بالإضافة لواجهة المسرح الروماني. ويشارك في معركة تدمر، مجموعات عسكرية عدة إلى جانب قوات النظام. أهمها الجيش الروسي الذي يشكل الداعم الأساسي عبر تقديم الغطاء الجوي للعمليات العسكرية والاستعانة بطائرات «سوخوي» ومروحيات «كاموف»، بحسب صحيفة «إيزفيستيا» الروسية.
وللخبراء العسكريين الروس حضور على الأرض، وهو ما كشفته روسيا حينما أعلنت مقتل أربعة منهم بعبوة ناسفة في محيط قاعدة «T» الجوية، مطلع شهر فبراير (شباط) الماضي. وتتألف وحدة يطلق عليها اسم «صيادي داعش» من متطوعين روس يقاتلون في ريف حمص الشرقي معظمهم قاتلوا في الجيش الروسي سابقا، وهي تتألف وفق تقرير سابق لوكالة «رويترز»، من 100 مقاتل روسي، يتقاضون أجوراً عالية لقاء دعمهم قوات النظام، وكانوا قد سيطروا الشهر الماضي على حقل حيان للغاز الطبيعي في محيط تدمر.
كذلك يقاتل في تدمر كل من «الفيلق الخامس» الذي تأسس أواخر العام الماضي بدعم روسي إيراني ويتألف من متطوعين سوريين، و«الدفاع الوطني» الذي يعتبر أول مجموعة رديفة لقوات النظام تأسست في العام 2013. و«حزب الله» اللبناني، و«نسور الزوبعة» التابع للحزب السوري القومي الاجتماعي، و«قوات الرضا» التي خضع مقاتلوها للتدريب على يد الحرس الثوري الإيراني، و«قوات التعبئة» في «الحرس الثوري الإيراني» و«فيلق فاطميون» الأفغاني و«كتائب الإمام علي» التابعة لـ«الحشد الشعبي» العراقي، والتي سبق أن أعلنت أنها تشارك في مواجهات تدمر.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.