ماكين يطالب «سوريا الديمقراطية» بقبول مشاركة أنقرة في عملية الرقة

الزيارة هدفت إلى فتح ممر من تل أبيض من دون مشاركة كردية

ماكين يطالب «سوريا الديمقراطية» بقبول مشاركة أنقرة في عملية الرقة
TT

ماكين يطالب «سوريا الديمقراطية» بقبول مشاركة أنقرة في عملية الرقة

ماكين يطالب «سوريا الديمقراطية» بقبول مشاركة أنقرة في عملية الرقة

طالبت واشنطن «قوات سوريا الديمقراطية» بالسماح للقوات التركية والقوات السورية المدعومة من أنقرة، بالمشاركة في معركة السيطرة على مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش في سوريا، خلال زيارة رسمية سرية قام بها النائب الأميركي الجمهوري جون ماكين إلى شمال سوريا، الأسبوع الماضي.
وتشير تلك الوقائع إلى تغيرات في الموقف الأميركي بعد وصول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في وقت تصر فيه أنقرة على المشاركة في العملية، بينما يعارض الأكراد الذين يشكلون عماد «قوات سوريا الديمقراطية»، مشاركة قوات تركية في العملية.
وأكد مصدر مسؤول في «سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط» أن ماكين بالفعل طلب مشاركة الطرف التركي في معركة الرقة، «لكننا رفضنا هذا الطلب، بالنظر إلى أننا نعتبر تركيا دولة محتلة للأراضي السورية، ولن نسمح لها باحتلال مناطق إضافية في سوريا»، بحسب وصفه، مشيرًا إلى أن ماكين والوفد الأميركي المرافق «تقبلوا فكرة رفضنا لمشاركة تركيا بالعمليات التي نخوضها لطرد تنظيم داعش من معقله، لأننا نعتبرها كانت داعمة للتنظيم، ولم تشارك في عمليات التحالف الدولي حين انطلقت في سبتمبر (أيلول) 2014».
وكشف مصدر لقناة «روسيا اليوم» أن زيارة ماكين «هدفت للضغط على الأكراد لفتح ممر بعرض 20 كلم من تل أبيض باتجاه الرقة للسماح للفصائل السورية المدعومة من أنقرة بمواصلة العمليات دون الوجود الكردي».
وكانت صحيفة «وول ستريت» أول من نشر معلومات عن تلك الزيارة التي تعد زيارة رسمية. وأوضحت الصحيفة أن السيناتور ماكين قام بزيارة مدينة كوباني (عين العرب) وهي البلدة السورية التي تقع على الحدود مع تركيا، وتبعد أقل من 100 ميل من مدينة حلب، في إطار بجولة قام بها ماكين الأسبوع الماضي في المنطقة، وزار فيها المملكة العربية السعودية وتركيا، من أجل زيارة القوات الأميركية في شمال سوريا ومناقشة الحملة الأميركية - الدولية للقضاء على تنظيم داعش.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أن الزيارة تمت بمساعدة وتنظيم من الجيش الأميركي، واصفة الزيارة بأنها غير عادية في وقت تناقش فيه إدارة ترمب الخطة المقبلة لتحرير مدينة الرقة، علمًا بأنها الزيارة الأولى له إلى المناطق الخاضعة لسيطرة معارضين في سوريا منذ عام 2013 عندما التقى قادة في الجيش الحر ومجموعات معارضة مدعومة من الولايات المتحدة.
وأكد المصدر المسؤول في «قوات سوريا الديمقراطية» تلك المعلومات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماعات على هامش الزيارة انعقدت في البداية مع الضباط الأميركيين الموجودين في كوباني (عين العرب) وشمال سوريا، أما الاجتماع الثاني فعُقد مع قادة في قوات سوريا الديمقراطية، بحضور ماكين ووفد من كبار الضباط الأميركيين. وقال المصدر إن النقاشات طالت مستويين؛ الأول مرتبط بإمكانية مشاركة الطرف التركي في عملية السيطرة على الرقة، والثاني مرتبط بمطالبنا بالدعم الأميركي لقواتنا بالعتاد العسكري، مضيفًا: «تلقينا وعودًا بأن تنقل مطالبنا بدعمنا بالسلاح ودعم قواتنا على الأرض للقيادة الأميركية لاتخاذ القرار».
من جهته، أكد المسؤول الإعلامي لحزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» في أوروبا إبراهيم إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» أن الزيارة جاءت في سياق التحالف بين الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية، لافتًا إلى مشروع أميركي «لتقديم مساعدات عسكرية لقوات سوريا الديمقراطية وستناقشه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب».
وقال إبراهيم إن الزيارة «كانت استكشافية إلى حد كبير، وتم الحديث عن مراحل المعركة ضد (داعش) والخطوات المتسارعة لتحرير الرقة، وإنه وعد بمناقشة نتائج زيارته في الكونغرس الأميركي»، مشددًا على أنه كانت هناك تفاهمات، ووُضع في صورة التجاوزات التركية لناحية قصف تل أبيض وعفرين.
وأكدت جولي تاراللو المتحدثة باسم السيناتور ماكين في رسالة بالبريد الإلكتروني لـ«لشرق الأوسط»، خبر الزيارة، موضحة أن السيناتور ماكين قام بزيارته لسوريا بهدف «تقييم الأوضاع على الأرض في كل من سوريا والعراق». وأضافت أن «رحلة السيناتور ماكين تأتي في وقت تقدم فيه القوات الأميركية الدعم للأكراد والمقاتلين العرب الذين يقاتلون لاستعادة مدينة الرقة من (داعش)».
وأوضحت المتحدثة، أن «الرئيس دونالد ترمب أمر بمراجعة الاستراتيجية الأميركية والخطط لهزيمة (داعش)، والسيناتور ماكين يتطلع للعمل مع الإدارة والقادة العسكريين لتحسين هذا النهج».
ويُعدّ السيناتور الجمهوري جون ماكين من أبرز المنتقدين للرئيس ترمب وسياساته في التعامل مع القرارات الأمنية، لكنه رحب باختيار ترمب للجنرال روبرت ماكماستر لتولي منصب مستشار الأمن القومي الأميركي.
وقد أمر الرئيس ترمب بمراجعة شاملة للحملة العسكرية الأميركية ضد «داعش»، التي من المقرر أن يقدمها البنتاغون للبيت الأبيض، الأسبوع المقبل.
وقام السيناتور ماكين الذي يشغل منصب رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ، بزيارة إلى سوريا عام 2013، واجتمع مع زعماء من المعارضة السورية الذين يقاتلون نظام الرئيس بشار الأسد. وخلال السنوات الماضية دعا السيناتور ماكين إلى تكثيف العمل العسكري في سوريا ضد كل من قوات الأسد و«داعش»، وانتقد السيناتور ماكين بشدة سياسات إدارة الرئيس السابق أوباما بتراجعها عن شن ضربات جوية ضد الأسد بعد أن رسمت خطًا أحمر للرئيس السوري في استخدام الأسلحة الكيماوية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.