كان ضباب الصباح لا يزال يغطي السماء، عندما بدأت وحدات الرد السريع العراقية، أمس، تقدمها لاستعادة مطار الموصل من تنظيم داعش، في عملية رصدت «وكالة الصحافة الفرنسية» الأجواء المصاحبة لها، أمس.
على تلة خارج قرية البوسيف، رصد الجنود المروحيات وهي تطلق الصواريخ باتجاه المطار ومصنع السكر المحاذي، اللذين يسيطر عليهما التنظيم منذ 2014.
وعمل طاقم من الجنود الأميركيين على تركيز مدافع «هاون» قرب عرباتهم المدرعة، فيما تصاعد دخان أبيض أمامهم، من جراء غارة جوية على الموصل.
أغانٍ وطنية تنطلق من مذياع سيارة إسعاف مدرعة تابعة للشرطة للاتحادية، سرعان ما تم إسكاته بعدما لاحظ الجنود طائرة من دون طيار في الأجواء، يعتقد أنها لـ«داعش» الذي استهدف الجنود العراقيين مرارًا بقنابل تلقي بها طائرات مسيّرة.
وما إن سمع هدير الطائرة حتى تأهب الجنود. وأطلق بعضهم النار باتجاهها، إلا أن الحظ لم يسعف أحدهم بإصابتها. فباشروا النزول بشكل تدرجي عن التلة، بعضهم بالعربات المدرعة وبعضهم مترجلاً خلف العربات لتجنب الألغام الأرضية.
أسفل التلة تقع قرية الخربة، الأخيرة بين البوسيف والمطار. وهي كانت عرضة لإطلاق نار مستمر في الأيام الماضية، مما دفع سكانها إلى الفرار، بالتزامن مع انسحاب المتطرفين.
وبدت آثار القتال في كل مكان من القرية. بوابات المنازل الحديد المقتلعة تكدست فوق بعضها بعضًا، وبدت أبقار نافقة على جوانب حظيرة ترابية. وشق أفراد الشرطة طريقهم بين الأبنية بحثًا عن المتفجرات. وتم العثور على مدافع «هاون» مصنعة محليًا، وعلى رزمات لنسخ مصورة من مجلة تابعة للمتطرفين.
تقدمت الجرافات إلى طرف القرية عند الزاوية الجنوبية الغربية للمطار، وبدأت بنقل التراب إلى الطريق المتضرر الذي يؤدي إلى مدخله. وخلال عملها، أطلقت المروحيات الصواريخ نحو مصنع السكر قرب المطار، وأمام الطريق التي تصلحها الجرافات.
وقال أحد الجنود لدى مشاهدته نيرانًا تبعها دخان أسود: «يستهدفون آليات مفخخة للتنظيم موجودة في المصنع. هناك من الأعلى يستطيعون رؤية ما لا يمكن أن نراه من هنا».
وحملت الريح الرماد الناتج من الحرائق نحو الجنود الذين ينتظرون لدخول المطار. وبعد الانتهاء من تمهيد الطريق، بدأ موكب عربات الرد السريع المدرعة يتقدم ببطء شمالاً نحو مصنع السكر ومدخل المطار المقابل له، ليجد جثة نصف محترقة لأحد المتطرفين قرب دراجته.
انفجرت عبوة إلى جانب السيارة الأولى للموكب، مما دفع الجنود إلى الركض إلى الخلف. لم يصب أحد بجروح، لكن الجنود الموجودين داخل عربات «هامفي» أطلقوا رشقات نارية باتجاه المصنع، فيما احتمى المترجلون خلف العربات، وصرخ أحدهم: «هناك قناصة في الداخل».
وبعد حين توقف إطلاق النار، ثم توجه جزء من الموكب نحو المطار. وأمام مدخل المطار تحول مبنى كامل إلى ركام، وتناثر الحطام في كل مكان. أما المدرج فلم يعد قابلاً للاستخدام ولا يمكن ملاحظة ما تبقى منه بسهولة. وقال العميد عباس الجبوري من وحدات التدخل: «من الجانب الجنوبي إلى الجانب الشمالي، كل شيء بات مدمرًا». وأضاف أن «الإرهابيين بدأوا بتدميره منذ اللحظة الأولى لبدء عملية استعادة الموصل».
وانتشر خبراء تفكيك المتفجرات داخل المطار للبحث عن العبوات المفخخة والألغام. وبينما كانوا يعملون، بدأ جنود آخرون على الطريق الخارجية بالاحتفال، راسمين ابتسامات عريضة على وجوههم لالتقاط صور ذاتية قرب عرباتهم.
على طريق المطار ألغام وقذائف... ومجلات
على طريق المطار ألغام وقذائف... ومجلات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة