«رسوم الأراضي» وبرنامج «سكني» يروضان أسعار العقارات بالسعودية

الضغوط تهبط بالصفقات العقارية لأكثر من 40 % خلال أسبوع

برنامج «سكني» الذي أطلقته وزارة الإسكان السعودية أثر على القطاع بشكل كبير (تصوير: أحمد فتحي)
برنامج «سكني» الذي أطلقته وزارة الإسكان السعودية أثر على القطاع بشكل كبير (تصوير: أحمد فتحي)
TT

«رسوم الأراضي» وبرنامج «سكني» يروضان أسعار العقارات بالسعودية

برنامج «سكني» الذي أطلقته وزارة الإسكان السعودية أثر على القطاع بشكل كبير (تصوير: أحمد فتحي)
برنامج «سكني» الذي أطلقته وزارة الإسكان السعودية أثر على القطاع بشكل كبير (تصوير: أحمد فتحي)

عادت السوق العقارية السعودية للانخفاض مجددًا الأسبوع الماضي، وذلك بنسبة 40 في المائة، بعد أن سجلت الأسبوع الذي سبقه ارتفاعًا بنسبة 76 في المائة بحسب المؤشرات العقارية، إذ سجّل القطاع العقاري نزولاً في إجمالي قيمة الصفقات العقارية المحلية لتستقر عند 800 مليون دولار، تحت تأثير انخفاض الطلب.
وتعددت أسباب انخفاض الصفقات، إلا أن رسوم الأراضي البيضاء تسيطر على المشهد وعلى حال السوق، إذ تعتبر القرار الأكثر تأثيرًا حتى الآن، مدعومةً بانخفاض الطلب؛ نظرًا للفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة المشترين، ما من شأنه أن يفتح أبوابًا أوسع فور بدء دفع الرسوم، وهو ما يراهن عليه الراغبون في التملك.
وأثّر على القطاع بشكل كبير برنامج «سكني» الذي أطلقته وزارة الإسكان في وقت سابق، وأعلنت الأسبوع الماضي فقط طرح 15653 منتجًا سكنيًا وتمويليًا غير ربحي، وهو ما يشكل تهديدًا لأداء العقار الاستثماري الربحي.
وذكر علي العبد الله الذي يمتلك الكثير من الاستثمارات العقارية، أن الانخفاض سمة غير جديدة على السوق، خصوصًا في السنوات الأخيرة التي تشهد تضاؤلاً ملحوظًا في الطلب، نتيجة عوامل متنوعة اتحدت لتضع السوق في شكله الجديد، مشيرًا إلى أزمة فعلية في الطلب في ظل تزايد العرض لمستويات جديدة، خصوصًا في قطاع الأراضي الذي يشهد نموًا في العرض.
وأضاف أن الأراضي هي المحرك الرئيس في السوق، وأن قرار الرسوم أثّر عليها بشكل كبير، وبالتالي انعكس ذلك على المؤشر العام لأداء القطاع، موضحًا أن دخول الحكومة أيضًا في خط توفير المنتجات السكنية غير الربحية كان له تأثير بشكل مباشر على قيمة وأداء الاستثمار العقاري الربحي، وضغط على أسعار المنتجات العقارية نحو الانخفاض بنسب بسيطة.
وتطرق إلى أن ذلك يحدث مدفوعًا بحاجة مستثمرين عقاريين للسيولة في ظل تباطؤ حركة العقار، ما دفع إلى انخفاض قطاع الأراضي للمخططات الجديدة بنسب تجاوزت الـ20 في المائة، وهو ما لم تشهده السوق منذ عام 2008، متوقعًا أن ينخفض السوق بأكثر من الثلث عند بدء دفع الرسوم، وهو القرار الذي سينعكس بشكل مباشر على الأسعار.
ولفت العبد الله إلى أن خفض الأسعار ليس إلا خيارًا يجب الخضوع له، خصوصًا أن المستثمرين ظلوا صائمين عن تحقيق الأرباح طوال الفترة الماضية، ووجدوا أن تحريك السوق والاكتفاء بنسب بسيطة من الأرباح أو تحصيل رأس المال أفضل من هبوط الأسعار وضياع جزء كبير من رأس المال، وهو السيناريو الذي لا يرغب به المطور العقاري.
وسجّلت السوق العقارية المحلية انخفاضًا قياسيًا في إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية بلغت نسبته 40.4 في المائة، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 76.2 في المائة، لتستقر قيمة صفقات السوق بنهاية الأسبوع السابع من العام الحالي عند مستوى 800 مليون دولار. وشمل الانخفاض في قيمة الصفقات العقارية كلاً من القطاعين السكني والتجاري، الذي أظهر انخفاض قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 26.6 في المائة، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 44.1 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى 613 مليون ريال (أي نحو 163 مليون دولار). بينما سجلت صفقات القطاع التجاري انخفاضًا بنسبة 62.1 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى أدنى من 213 مليون دولار.
وأكد محمد العليان الذي يمتلك شركة العليان للاستثمارات العقارية، أن القطاع العقاري يواجه منذ نحو عقد انخفاضًا في قيمة الصفقات والمبيعات بالتوازي مع الارتفاعات المتكررة لأسعار العقار، إلا أن أهم ما يميز المقارنة بين الربع الأول من العام الحالي والربع المماثل من العام الماضي هو الانخفاض في الأسعار في مختلف القطاعات، إضافة إلى انخفاض عدد الصفقات، مشيرًا إلى أن تسجيلها المزيد من الانخفاضات يبث الاطمئنان بأن السوق في تراجع صحيح.
وحول تأثير برنامج سكني التي أطلقته وزارة الإسكان السعودية، قال العليان: «من الصعب أن يتجاهل العقار التجاري تعهد الدولة بدعم السوق بحجم استثمارات في المنتجات السكنية والتمويلية بـ280 ألف منتج سكني غير ربحي، وهو ما أعلنت عنه وزارة الإسكان مؤخرًا»، لافتًا إلى أن لذلك انعكاسا مباشرا على نسبة الطلب وأسعار العرض، ويتضح ذلك من أنه فور الإعلان عن 15 ألف منتج سكني وتمويلي مطلع الأسبوع الماضي انخفضت الحركة كما هو مسجل لأكثر من 40 في المائة بحسب مؤشرات العدل المحلية، ما يعني أن دخول الدولة في تلبية السكن بالكثير من الخيارات أمر مؤثر على حال السوق وقيمته بشكل إيجابي على الأسعار، ويعكس مدى عزم الدولة على إغلاق ملف الإسكان الذي يعتبر أحد أكثر الملفات تعقيدًا.
وكانت وزارة الإسكان أعلنت مع نهاية الأسبوع الماضي عن أول حزمة من وعودها بطرح 15.653 منتجا سكنيا وتمويليا على نحو 52 مدينة، توزعت بين 7.7 ألف منتج تمويلي، مثلت نحو 49.2 في المائة من إجمالي الحزمة المعلن عنها، ونحو 5 آلاف قطعة أرض سكنية، مثلت نحو 32.0 في المائة من الإجمالي، ونحو 2.9 ألف منتج سكني ممثلا في فلل سكنية، مثّلت نحو 18.8 في المائة من الإجمالي.
وأكد عبد الرحمن النجار الذي يدير مجموعة استشارات عقارية، أن المستثمرين العقاريين سيعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات، كما أن هناك انخفاضًا كبيرًا على الطلب في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة بكل قوتها في مجال تملك المنازل.
وأضاف أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، مشيرًا إلى أن الإجراءات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير ميزان العرض الذي يمر بمرحلة انخفاض كبير على الطلب، لافتًا أن السوق بحاجة ماسة لمثل هذه المشاريع لترغم الأسعار على الانخفاض.
ولاحظ الانخفاض الكبير في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ وهو ما يعكس حال السوق، خصوصًا أن الإعلان عن مشاريع جديدة بات الآن عملية متهورة، في ظل انخفاض الطلب ونقص سيولة المشترين وتشدد جهات التمويل، لافتًا إلى أن انخفاض الصفقات خلال أسبوع بهذا الحجم يوضح الحال الذي وصل إليه القطاع العقاري، وبات من المهم أن تعاد هيكلة الأسعار لردم الفجوة بين المستهلك والمطور.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».