تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) غدًا، باليوم الدولي للغة الأم، تحت شعار «نحو مستقبل مستدام بفضل التعليم متعدد اللغات».
يهدف الاحتفال هذا العام إلى تعزيز التنمية المستدامة وفقًا للتقرير العالمي لرصد التعليم الصادر نهاية 2016 تحت عنوان «التعليم من أجل الكوكب» وضرورة أن يحصل المتعلمون على التعليم بلغتهم الأم، بالإضافة إلى اللغات الأخرى، وإيمانًا من اليونيسكو بأن إتقان اللغة الأم يساعد على اكتساب المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، وأن اللغات المحلية ولا سيما لغات الأقليات والشعوب الأصيلة تساهم في نقل الثقافات والقيم والمعارف التقليدية، وبالتالي المساهمة بنحو كبير في تعزيز مستقبل مستدام.
يرمز اختيار هذا التاريخ إلى اليوم الذي فتحت فيه الشرطة النار في مدينة دكا عاصمة بنغلاديش حاليا، على تلاميذ خرجوا متظاهرين للمطالبة بالاعتراف بلغتهم الأم البنغالية، كواحدة من لغتي البلاد الرسمية لما كان يعرف حينئذ بباكستان. وقد أعلنت اليونيسكو اليوم الدولي للغة الأم في مؤتمرها العام في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1999، ويحتفل بهذا اليوم سنويًا منذ فبراير (شباط) 2000، وذلك من أجل تعزيز التنوع الثقافي وتعدد اللغات.
وقالت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونيسكو، في رسالتها للاحتفال بهذا اليوم إن «اليونيسكو تعيد بمناسبة اليوم الدولي للغة الأم تأكيد التزامها التام بالتنوع اللغوي وتعدد اللغات، فاللغات تعبر عن كياننا، وتنظم أفكارنا وهوياتنا تنظيمًا هيكليًا». وأضافت بوكوفا: «يمثل التعليم والإعلام باللغة الأم أمرًا أساسيًا لتحسين سبل التعلم، وتنمية الثقة بالنفس واحترام الذات، وتعد هذه العناصر من أقوى العوامل التي تدفع عجلة التنمية».
وتؤكد منظمة اليونيسكو على أن اللغات لها ثقل استراتيجي مهم في حياة البشر والكوك،ب بوصفها من المقومات الجوهرية اللهوية وركيزة أساسية في الاتصال والاندماج الاجتماعي والتعليم والتنمية.
ومع ذلك، فهي تتعرض جراء العولمة إلى تهديد متزايد أو إلى الاندثار كليًا، وحين تضمحل اللغات يخبو كذلك ألق التنوع الثقافي وتبهت ألوانه الزاهية، ويؤدي ذلك أيضًا إلى ضياع الفرص والتقاليد والذاكرة والأنماط الفريدة في التفكير والتعبير، أي الموارد الثمينة لتأمين مستقبل أفضل، فهناك أكثر من 50 في المائة من اللغات المحلية حاليًا في العالم والبالغ عددها 7000 لغة معرضة للاندثار في غضون بضعة أجيال، و96 في المائة من هذه اللغات لا يتحدث بها سوى 4 في المائة من سكان العالم. أما اللغات التي تعطى لها بالفعل أهمية في نظام التعليم والملك العام، فلا يزيد عددها على بضع مئات، ويقل المستخدم منها في العالم الرقمي عن 100 لغة.
وتدعم اليونيسكو تدريس اللغة الأم من خلال اعتماد نهج تعليم ثنائي أو متعدد اللغات خلال السنوات الأولى؛ نظرًا للأهمية التي تتسم بها في إرساء أساس متين للتعلم: فاستخدام اللغة الأم مع الأطفال الصغار في المنزل أو في مرحلة ما قبل المدرسة يهيئهم لاكتساب القراءة بلغتهم الأم بطريقة سلسلة، وفي نهاية المطاف لاكتساب لغة ثانية (قد تكون وطنية) في مرحلة لاحقة من دراستهم.
وتحدد اليونيسكو التعليم الثنائي اللغة والمتعدّد اللغات بأنه «استخدام لغتين أو أكثر كوسائل للتدريس»، واعتمدت المنظمة مصطلح «التعليم المتعدد اللغات» في عام 1999 للإشارة إلى استخدام 3 لغات على الأقل في التعليم، وهي: اللغة الأم؛ ولغة إقليمية أو وطنية؛ ولغة دولية.وتبين البحوث أن التعليم الثنائي أو متعدد اللغات القائم على اللغة الأم ذو تأثير إيجابي على التعلم ونتائجه، ففي الكاميرون مثلا، كشف تقرير الرصد العالمي لتوفير التعليم للجميع أن الأطفال الذين تلقوا دروسا في لغتهم المحلية «لغة الكوم»، يظهرون ميزة ملحوظة في إتقان القراءة والفهم مقارنة مع الأطفال الذين يتلقون دروسًا باللغة الإنجليزية فقط، كما أظهرت أبحاث أخرى أن للتعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم تأثيرا إيجابيا في القدرة على اكتساب لغة ثانية.
ويقول آرون بينافو، مدير التقرير العالمي لرصد التعليم الذي تصدره اليونيسكو، إن اللغة يمكن أن تكون سلاحًا ذا حدين، فهي إذ تعزز لدى الفئة الإثنية الناطقة بها الروابط الاجتماعية وحس الانتماء، كما يمكن أيضًا أن تتحول إلى أساس لتهميش هذه الفئة.
نصف اللغات المحلية في العالم مهددة بالاندثار
اليونيسكو توصي بالتعليم متعدد الألسن لدفع عجلة التنمية
نصف اللغات المحلية في العالم مهددة بالاندثار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة