حزب الله يريد رئيسا لبنانيا «صديقا للمقاومة».. ويجدد انتقاداته لترشح جعجع

«14 آذار» لم تحسم مرشحها لجلسة الانتخاب الثانية.. ولا مؤشرات على التوافق

الرئيس ميشال سليمان والسيدة الأولى وفاء سليمان أثناء حضورهما مراسم إعلان تقديس البابا يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرين في الفاتيكان أمس
الرئيس ميشال سليمان والسيدة الأولى وفاء سليمان أثناء حضورهما مراسم إعلان تقديس البابا يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرين في الفاتيكان أمس
TT

حزب الله يريد رئيسا لبنانيا «صديقا للمقاومة».. ويجدد انتقاداته لترشح جعجع

الرئيس ميشال سليمان والسيدة الأولى وفاء سليمان أثناء حضورهما مراسم إعلان تقديس البابا يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرين في الفاتيكان أمس
الرئيس ميشال سليمان والسيدة الأولى وفاء سليمان أثناء حضورهما مراسم إعلان تقديس البابا يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرين في الفاتيكان أمس

لم تنجح القوى السياسية اللبنانية، قبل يومين من موعد الدورة النيابية الثانية لانتخاب رئيس لبناني جديد، في التوصل بعد إلى تفاهم يؤشر إلى احتمال تحقيق أي خرق، من خلال تأمين النصاب القانوني لانعقاد الجلسة بعد غد (الأربعاء)، وتحقيق هدفها بانتخاب خلف للرئيس اللبناني الحالي ميشال سليمان. وفي حين شنّ حزب الله، أمس، على لسان عدد من قيادييه، هجوما على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أبرز مرشحي فريق «14 آذار» للرئاسة، من دون أن يسميه، جدد نواب في تيار المستقبل نفي الأنباء عن توجه لدعم ترشح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي كرر مقربون منه بدورهم التأكيد على أن ترشحه رهن بالتوافق على وصوله إلى سدة الرئاسة.
وقال النائب في كتلة حزب الله علي فياض، أمس، إن الرئيس المقبل «لا بد له أن يكون صديقا للمقاومة، يعكس تطلعات اللبنانيين الوفاقية، يلتزم بمضمون البيان الوزاري للحكومة الحالية، ويعبر عن مضمونه السياسي، أما من اعترض على البيان الوزاري، فلا محل له في سدة الرئاسة»، في إشارة إلى جعجع.
وأشار، خلال احتفال تأبيني في جنوب لبنان، إلى أنه «لا يخفى أن توازنات المجلس النيابي وتركيبته لا تتيح لفريق لوحده ودون التعاون مع الأفرقاء الآخرين أن يوصّل رئيسا إلى سدة الرئاسة، ذلك لأن النصاب لانعقاد جلسة الانتخاب يستلزم ثلثي أعضاء المجلس النيابي في كل الدورات الانتخابية، ولهذا فإننا محكومون جميعا بالتعاطي بواقعية ومسؤولية وطنية بما يخدم مصلحة الوطن».
وهاجم حزب الله، على لسان وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، ترشح جعجع، بقوله إن «المرشح الذي لا يحقق توافقا بين اللبنانيين بل يكون سببا للانقسام حتى قبل أن نذهب إلى الاقتراع، بالتأكيد هذا ليس مؤهلا ليكون شاغلا لهذا الموقع»، وعدّ أن «المرشح الذي ليس في تاريخه ما يشجع على اختياره، بل في تاريخه من المآسي والشوائب ما يجعل قسما كبيرا من اللبنانيين يستحضر هذا التاريخ وما ألحقه من أذى للبنان واللبنانيين، وبالتالي لا يمكن أن يكون مؤهلا لتولي هذا الموضوع»، في إشارة إلى دور جعجع في الحرب الأهلية.
وأكد فنيش، خلال احتفال تكريمي في جنوب لبنان، قائلا: «إننا نريد رئيسا يحمي لبنان ويحقق وحدة اللبنانيين.. وقادرا على لعب دوره كحكم وإيجاد التوازن بين مختلف التيارات السياسية، متمسكا بإنجازات المقاومة والثوابت اللبنانية».
ولفت إلى أن «هذه المواصفات نتمسك بها لأنها خير لكل اللبنانيين ومصلحة لبنان، وهذه المواصفات نعرف على مَن تنطبق، وبالتالي خيارنا واضح وتحالفاتنا وخياراتنا واضحة».
ولم يسمِّ فريق 8 آذار أم يتبنَّ أي مرشح رسمي لرئاسة الجمهورية بعد، في وقت انتهت فيه دورة الانتخاب الأولى، الأربعاء الماضي، بحصول جعجع على 48 صوتا من أصوات 124 نائبا حضروا الجلسة، بينما انتخب 52 نائبا بورقة بيضاء، هم نواب قوى 8 آذار، مقابل تصويت 16 نائبا لصالح النائب هنري حلو، المرشح من قبل رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط.
ونال رئيس حزب الكتائب الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل صوتا واحدا، على الرغم من عدم إعلان ترشحه للدورة الأولى، واعتبرت سبعة أصوات أخرى بحكم الملغاة.
ويطرح النائب ميشال عون نفسه كمرشح توافقي. وكرر نوابه في الأيام الأخيرة التأكيد على أنه لا ينوي خوض أي منافسة انتخابية، طارحا نفسه كمرشح توافق، الأمر الذي أكده، أمس، النائب في كتلة عون سليم سلهب، بقوله إن عون «لن يترشح إلى رئاسة الجمهورية إلا نتيجة لاتصالات تؤدي إلى توافق عليه، لأنه لن يكون مرشح تحد». وعدّ، في حديث إذاعي، أنه «من الطبيعي البحث في الظروف التي ستكون محيطة في حال عدم التوافق على العماد عون»، مشددا على أن «مصلحة السياسيين في لبنان هي إنجاز الاستحقاق في المهلة الدستورية، لأن في التأخير دخولا في متاهات التطورات الخارجية، بالإضافة إلى التدخل في ذلك». ولفت إلى «ضغوط معنوية وسياسية للوصول إلى نتيجة في الـ25 من مايو (أيار) المقبل. وثمة منحى يقول بوسائل توافقية حوارية حول العماد عون، وهناك سعي إلى رئيس يحل الأزمة ولا يديرها».
ومن شأن دعم تيار المستقبل لترشح عون أن يطيح بوحدة فريق 14 آذار المهددة أصلا بوجود مرشحين رئيسين، هما جعجع والجميل، الذي قال مقربون منه إنه مرشح للدورة الانتخابية الثانية، لكن النائب في كتلة المستقبل غازي يوسف نفى أن يكون هناك أي توافق بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، فيما يتعلق برئاسة الجمهورية.
وأوضح، في حديث إذاعي، أمس، قائلا: «إننا لا نزال وسنبقى متحدين وراء مرشح واحد يمثل 14 آذار، وسنحاول أن نوصله إلى سدة الرئاسة، وإذا لم نستطع إيصال مرشح من فريقنا السياسي، وكان هناك فراغ أو تعطيل، فأعتقد أنه على القوى السياسية الاتفاق على مرشح توافقي، وبالتأكيد لا يمكن أن يكون عون، مع التأكيد الكامل أننا ضد الفراغ». وتمنى أن «يعود الرئيس سعد الحريري إلى سدة الرئاسة، وأن يحكم مع الرئيس الجديد بحكومة متجانسة متفقة غير منقسمة وغير تعطيلية، مثلما رأيناه في السابق».
وفي موازاة ذلك، صرح النائب في «المستقبل» جان أوغاسابيان قائلا: «إننا كتيار مستقبل وقوى 14 آذار لا يزال مرشحنا الوحيد سمير جعجع، ونلتزم بهذا الترشيح»، وحذر النائب في كتلة «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا من أن «الانتخابات الرئاسية تؤخذ رهينة من أجل فرض تسويات على الفرقاء اللبنانيين»، وعدّ أن «عملية تعطيل النصاب في جلسة الأربعاء المقبل (بعد غد) هي خيار مرجح لدى فريق 8 آذار». وأبدى في حديث إذاعي، أسفه لأن «وضعنا رُبط بالأزمات الإقليمية، ووضع مركز الرئاسة رهين توافق كل الجهات السياسية»، لافتا إلى أن «التشاور مفتوح وقائم داخل 14 آذار، من أجل البحث في كل الخيارات عند الضرورة». وتابع: «الدكتور جعجع قال إن أي شخص يحمل مشروع 14 آذار، ولديه فرصة حقيقية للفوز، فإننا لن نتردد في اغتنام هذه الفرصة»، في موازاة توقعه أن يلجأ عون، الذي «يربط ترشيحه بموافقة تيار المستقبل وتبنيه كمرشح توافقي، وهي صفة لا تنطبق عليه، يلجأ إلى التعطيل مجددا من دون الترشح».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.