تقرير لـ«العفو الدولية» يحذر من عودة «أساليب وحشية» في تونس

تقرير لـ«العفو الدولية» يحذر  من عودة «أساليب وحشية» في تونس
TT

تقرير لـ«العفو الدولية» يحذر من عودة «أساليب وحشية» في تونس

تقرير لـ«العفو الدولية» يحذر  من عودة «أساليب وحشية» في تونس

أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا أعلنت فيه قلقها بسبب ما وصفته بأحداث تعيد التذكير «بشكل قاتم» بنظام زين العابدين بن علي، لافتة النظر إلى «تعذيب واعتقالات تعسفية» و«مداهمات» و«مضايقات لأقرباء» المشتبه بهم. وأعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها إزاء تصاعد «كبير» لاستخدام «أساليب وحشية قديمة» في تونس ضمن إطار مكافحة الإرهاب، وفقا لتقرير صدر أمس.
في تعليقه على أحدث تقرير قدمته منظمة العفو الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان في سياق حالة الطوارئ في تونس، قال منذر الشارني، الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب (منظمة حقوقية مستقلة)، إن حالات التعذيب في تونس تراجعت من 233 حالة تعذيب في شهر فبراير (شباط) 2016 إلى أقل من ست حالات خلال شهر يوليو (تموز) من السنة نفسها. وأرجع هذا النقص إلى القانون التونسي الجديد المتعلق باستعانة الموقوفين بمحام لدى أجهزة الأمن (باحث البداية).
وأكد، في المقابل، تواصل الانتهاكات داخل السجون التونسية، مطالبا بتفعيل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب. وأضاف أن المنظمة تلقت فعلا 250 ملف تعذيب سنة 2015، ونفى أن تكون ظاهرة التعذيب سياسة ممنهجة في تونس.
وأشار الشارني إلى أن المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب متأكدة من تواصل التعذيب في السجون وعند استنطاق المتهمين، وهي تتلقى يوميا ملفات لضحايا جدد، غير أن السلطات لا تعترف بهذه الحالات، وتعتبرها حالات سوء معاملة لا ترقى إلى وصفها بحالات تعذيب.
وعن مطالبة المنظمة بعدم تعذيب المشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية في ظل حالة الطوارئ المعلنة في تونس، أكد الشارني أن المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب لا تدافع عن الإرهاب وإنما تدافع على الحرمة الجسدية لجميع التونسيين. وذكر بأن القانون التونسي يسلط عقوبات جنائية على الممارسين للتعذيب ضد أي تونسي دون استثناء. واعتبر تبرير التعذيب مهما كانت أسبابه علامة تخلف اجتماعي، على حد تعبيره.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت تقريرا انتقدت من خلاله انتهاكات حقوق الإنسان في سياق حالة الطوارئ في تونس. وقالت إن السلطات التونسية لجأت إلى تشديد إجراءات الأمن، والاعتماد على قوانين الطوارئ، للرد على سلسلة الهجمات الإرهابية المسلحة التي هزت تونس خلال سنتي 2015 و2016.
وذكرت المصادر نفسها أن قوات الأمن التونسي أساءت في كثير من الحالات استخدام إجراءات الطوارئ الذي اتخذتها السلطات في إطار جهودها لمكافحة الإرهاب، الأمر الذي أدى إلى انتهاك الحقوق الإنسانية لمن تأثروا بتلك الإجراءات. ووثّقت منظمة العفو الدولية ما لا يقل عن 19 حالة اعتقال تعسفي، وأكد 35 شاهدا على الأقل حصول حملات لمداهمة المنازل وتفتيشها، اقتُحمت خلالها منازل من دون إذن قضائي، مما أدى إلى ترويع السكان. وفرضت السلطات التونسية على ما لا يقل عن خمسة آلاف شخص أوامر بحظر السفر داخل تونس وإلى خارجها، كما وضعت ما لا يقل عن 138 شخصًا رهن أوامر بالإقامة الجبرية تفرض قيودا على تنقلاتهم وتحددها في مناطق معينة.
وحثت المنظمة السلطات على التحرك لإظهار أن لديها إرادة «لطي صفحة الماضي، ووضع نهاية للانتهاكات والممارسات التي تمثل تذكرة مخيفة بحقبة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي».
وأضافت قولها، أن «طريق تونس إلى الإصلاح مهدد من جراء اعتماد قوات الأمن التونسية على الأساليب القمعية التي كانت معهودة في الماضي، بما في ذلك التعذيب، والقبض والاحتجاز بصورة تعسفية، والقيود على سفر المشتبه فيهم، فضلاً عن مضايقة أفراد أسرهم».
وفي السياق ذاته، أكد تقرير للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب أن حالات التعذيب وسوء المعاملة هي الأكثر تواترا، إذ بلغت نسبة 90 في المائة من إجمالي الانتهاكات، في حين بلغت حالات الموت المستراب نسبة 7 في المائة. وأضاف التقرير أن الشباب البالغ من العمر ما بين 19 و39 سنة هو الأكثر تعرضا للانتهاكات، وأن 80 في المائة من الحالات هم من الذكور، في حين طالت هذه الانتهاكات النساء في 20 في المائة من الحالات. وأعلنت وزارة العدل التونسية عن وجود 1647 شخصًا رهن الاحتجاز بتهم تتعلق بالإرهاب وغسل الأموال. ويمنح إعلان حالة الطوارئ قوات الأمن التونسية سلطات استثنائية، ويتيح للسلطات حظر الإضرابات والاجتماعات التي من شأنها «الإخلال بالأمن العام»، كما يمكنها من «الغلق المؤقت لقاعات العروض ومحلات بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات مهما كان نوعها»، كما يتيح لها «اتخاذ جميع الإجراءات لضمان مراقبة الصحافة وكل أنواع المنشورات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.